علي الشمري ||
أواسط القرن العشرين بدأ موضوع الموضة ينتشر
لأنه يدعم مبدأ الاستهلاك الغزير... بسبب وجود الانتاج الغزير في اوربا، لهذا كانت هناك دعاية قوية جداً لمواضيع الجمال و مقتنياته من المكياج و الازياء المبهرجة و التي يجب أن تتجدد كل فترة بدعوى "الموضة"، التي تظهر في الفلم او المسلسل الفلاني... أو في مهرجانات عروض الأزياء.
"ماري استون" تعتبر ام الفمنية(فمنست/نسوية) طرحت رؤيتها في كتاب استيفاء حقوق المرأة عام ١٧٩٠م، دعم التيار الرأسمالي هذه الاطروحة بقوة. لسببين:
الأول، زج المرأة لسوق العمل للإفادة منها (من جسدها بشكل اساسي) في الدعاية و الاعلان و الترويج للمنتوجات المختلفة. الثاني، اعطائها نصف الأجر إذانها تمثل قيمة اقتصادية عليا لدى الرأسمالية.
و تم تمرير ذلك تحت شعار "المساواة بين الرجل و المرأة"
و مازالت المرأة في اكثر المجتمعات تحضراً (بنظر العلمانية)، في امريكا مثلا لغاية الان المرأة تُعطى نصف اجر الرجل، حتى قبل وقت قصير عرضت السفارة الامريكية في بغداد فلماً في "المحطة"، يتحدث عن هذا الامر!
لهذا إن مسائل مثل تمكين المرأة، و المساواة بين الجنسين وجدت لخدمة الرأسمالية، و مجمع رؤوس الأموال دعموا بقوة هذه الأفكار... و كانت منطقة غرب آسيا بيئة مثالية لهذا الأفكار لدعم موضوع الاستهلاك لديمومة الانتاج الغربي... فنبقى نحن المستهلك الرئيسي لمنتجات الدول الرأسمالية.
هذه المفاهيم عندما وصلت الينا، أسيء فهمها من جهة، و جعلت بعض المؤسسات الدينية تترنح أمامها من جهة اخرى ... فتُدافع تارة و تُهاجم تارة اخرى الى أن وصلت لمرحلة الخضوع و التقبل أخيراً... و ذلك لغياب الاستراتيجية الحقيقية للمواجهة.
فنُلاحِظ مثلاً رجال دين يُدافعون عن حق المرأة في سوق العمل!، من ثم تجد ان هناك اسفاف في موضوع حريتها!... يعني هؤلاء الحمقى قد غذو مفهوم الفمنية في مجتمعنا من حيث لا يشعرون.
قد يأتي أحدهم و يقول "يعني انت ضد حرية المرأة"؟
نحن نمتلك منظومة فكرية و عقدية، نعم هناك حرية فكرية للمرأة كما الرجل، لكنهم ليسوا أحراراً في السلوك العام... الأساس هو الحفاظ على المجتمع بما يضمن عدم استخدام احد افراده سلعة لتغذية رؤوس الاموال كما يحصل في امتهان النساء بسوق العمل، كذلك ليسوا أحراراً في إجهاض مبدأ العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات.
يعني تخيل معي...
سابقاً في الجاهلية كانت العبودية للمرأة بأبشع صورها موجودة، و كانت المرأة تُمتهن و يتم استخدامها في المراقص و الليالي الحمراء كونها مملوكة لأحدهم و لديه الحرية في إمتاعه و الآخرين... و كانت محال البغاء منتشرة و موجودة.
الآن نفس هذه المرأة يتم امتهانها و بنفس الطريقة، في الترويج لمنتج او سلعة ما.. او ترقص على مسرح، او تمارس دور العشيقة في فلم او مسلسل ما... لكن الفرق الآن هي تمارس عبوديتها برضاها و تفتخر بذلك!
هذه المفاهيم أثرت كثيراً على نمط العيش عندنا
عمل البنت لغرض الاثراء وشراء البزازين و البساكت و المكياج، كم بنت الان تعمل و هي بحاجة حقيقية للعمل؟ جوابها سيكون . لإثبات ذاتي!!
هذا الامر أثر بشكل مُلفت على غياب مفهوم و تطبيق العدالة الاجتماعية في توزيع المال... كم عاطل عن العمل هو احق بهذه البنت الغير محتاجة الى نفس العمل؟
(و انا هنا لا اتحدث عن مجالات يكون فيها وجود المرأة ضرورة لا مناص منها)
ارتفاع معيار الزواج .. الشباب صاروا يبحثون عن زوجة موظفة ذات اموال ... بدعوى "غلاء المعيشة"
و في الواقع إن مسألة غلاء المعيشة، اصبحت تعني "الرفاهية".. القدرة على السفر، شراء الملابس الباهضة الثمن، دخول المطاعم، الاكل السفري، اقتناء اجهزة حديثة و آخر صيحة "الموضة"... الخ
بالنتيجة زيادة حالات لطلاق و تشرد الاطفال... لأن المعيار الحقيقي في اختيار الزوج و الزوجة تم استبداله بمعيار مادي وضعي.
https://telegram.me/buratha