سعيد البدري
لم يكن شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه شخصا عاديا ولا اسما هامشيا يمكن حصر تأريخه وفكره وتأثيره في بيئة صغيرة و محدودة ،بل يتعدى هذا التأثير حدود جغرافيا العراق وبلدان المهجر التي عاش وجاهد وواجه فيها نظام البعث المجرم وزبانيته ومن دعموه ليبطش بالشعب العراقي ،وقد اعتمد رضوان الله عليه في حركته الجهادية وتأسيساته لقيادة هذه الصفحة المشرقة في تاريخ العمل الاسلامي على ايمان راسخ وفهم دقيق لمتطلبات القيادة وما تفرض من مسؤوليات ثقيلة وما يتوقع من وراء التصدي لهذه المهمة من مخاطر جمة بدأت بمساومته واستهداف اسرة ال الحكيم الكريمة،
ولم تنته بمحاولات اغتياله وتصفيته ومطاردته عبر اجهزة النظام القمعية ومن تحالف معها من العملاء والمندسين والتي وصلت لعشرات المحاولات الفاشلة .
لقد اختار شهيد المحراب رضوان الله عليه طريق الجهاد منطلقا من فتوى اخيه واستاذه مفجر الثورة الاسلامية في العراق اية الله الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه معلنا في الوقت ذاته استعداده للتضحية في سبيل الوطن وقيم الشعب العراقي المرتبطة بروح الاسلام العظيم وتطبيقاته في وقت اراد فيه نظام البعث باتفاقه مع قوى الشر والبغي والاستكبار بمسخ هويته واخراجه من دائرة التأثير باعتباره حاضرة للعلم ومنارة من منارات الاسلام النقي قلعة صامدة بوجه مشاريع التصفية ،وقد حظي نهجه وهو سليل المرجعية الرشيدة وابن زعيم الطائفة الامام الحكيم قدس سره برعاية مباشرة من قبل قائد الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني قدس سره والذي اعتبره ابنا بارا للاسلام وممثلا موثوقا لطموحات الشعب العراقي ،فكان الدعم والاسناد حاضرا لتنطلق جحافل الجهاد ويلم شمل العراقيين في المهجر متوجا سنوات من العمل المضني والصبر المرير بايجاد صيغة جامعة للعمل الوطني المعارض لنظام البعث ورمزه الطاغوتي ،ويشهد رجالات المعارضة العراقية ورموزها على ذلك الدور المشهود لقيادته ورؤيته في جمع شتاتهم وتوحيد جهدهم وانتاج وثيقة عبر مؤتمر عام للمعارضة ليكون بذلك المؤثر الاكبر والقيادة الاهم في حراك اسقاط نظام البعث بعد ان ضاقت دول المنطقة ذرعا بمغامراته وحروبه وحماقاته التي اثقلت كاهل العراقيين وجعلت من العراق سجنا كبيرا وبلدا متخلفا محاصرا يعاني اهله الفقر والاضطهاد وضياع الحقوق.
وبعد مسيرة طويلة مكللة بالظفر والنصر المخضب بدماء المقاومين عاد شهيد المحراب الى وطنه وقد استقبله اهله استقبال الفاتحين ابتداءا من البصرة مرورا بالناصرية والسماوة والديوانية وصولا للنجف ومن ثم كربلاء وبغداد مرددين هتافات التحدي فباتت اهزوجة( وين الحاربك وينه ، صدام النذل وينه) اشارة صريحة لتبني العراقيين بمختلف اطيافهم لمشروعه السياسي باعتباره امتدادا واضحا لمشروع المرجعية الرشيدة التي وجدت في قيادته السياسية وحكمته وخبرته ضالتها ليقود رضوان الله عليه هذه المرحلة ويضع الاسس التي يمكن معها مواجهة مشروع الاحتلال وصولا لعراق حر مستقل عزيز تحكم فيه ارادة ابنائه وتراعي خصوصياتهم الجغرافية والاثنية والعرقية والمذهبية ،فكان منبر الجمعة هو المنبر السياسي المنتج الذي يمرر من خلاله رؤيته الوطنية الجامعة فضلا عن لقاءاته بالنخب والاطياف المختلفة مستهدفا تعبئة الجماهير لتجاوز مرحلة الاحتلال والتبعية التي خططت لها الولايات المتحدة الامريكية وحاولت عبرها مصادرة قرار العراقيين .
لقد ختم شهيد المحراب الخالد بفكره وعطائه حياته عند هذا المنبر عند حرم جده الامام امير المؤمنين علي عليه السلام متأسيا به حيث جاد بنفسه شهيدا بعد ان استهدفته ارادة الشر والاستكبار في عملية غادرة جبانة قرب الحرم العلوي بسيارة مفخخة تملئ من وقف وراءها الاحقاد ،وهي محاولة واضحة لتصفية مشروع الوطن وانهاء مقاومته فشهيد المحراب مشروع امة وشعب وقيادة واعية ناضجة مقتدرة ، كيف لا وهو من خبر ميادين السياسة وادرك ما يعنيه تأسيس مشروع سياسي بوجود قوات الاحتلال والارادات المتنازعة ،التي كانت تستهدف اعادة عقارب الساعة للوراء ، نعم كان الاول من رجب يوما حزينا لعشاقه وابناء وطنه الذين بادلوه الحب والتقدير معترفين بفضله مقدرين له ولاسرته كل تلك التضحيات التي بذلوها في سبيل الحرية والخلاص ،وكان عزاؤهم الوحيد في هذا الفقد الاليم هو نيله ما تمناه دوما في الالتحاق بربه مظلوما شهيدا ليكافئه ابناء شعبه بجعل يوم رحيله يوما مخلدا لكل شهيد عراقي ،فالسلام على شهيد المحراب وفقيد الامة يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا وقد ادى الامانة وتحمل اعباء القيادة منتصرا وفيا لعراق الاباء الاجداد وهو بذلك جدير ..
https://telegram.me/buratha