علي الخالدي ||
مقولة “الهجوم أفضل وسيلة للدفاع” أطلقها القائد الفرنسي نابليون بونابرت أثناء حروبه، عندما كان ينظر إلى المبادرة في الهجوم على الخصم أحسن طريقة لكسب المعركة.
قناة ( أم بي سي ) التلفزيونية أهم الأجنحة الإعلامية للوهابية السعودية، وأهم اذرعها التي تحاول من خلالها معانقة العوائل العربية عموماً واصطياد الشباب المؤمن خصوصا، والتي تهدف بالأساس لسلب الهوية الاسلامية من الاسر, بإثراء الشاشات الفضائية بالمسلسلات والافلام وبرامج السباقات الغنائية, وقد عقدت العزم هذه المنصة الشهيرة في الوطن العربي، على عرض مسلسل معاوية، في شهر رمضان المبارك القادم، حيث أسرفت على هذا العمل 100 مليون دولار، مع ان الإدارة الوهابية الحاكمة تعلم ان معاوية إنسان ذميم ودميم، وليس لسيرته مقبولية حتى عند المخالفين، وان هذا المنتج لن يعود بربح 10٪ من المبالغ الطائلة التي هدرت في سبيل ترويجه، على نجوم الفحش الذين تم استقطابهم لأداء الأدوار التصويرية، إذن لماذا يصر النظام السعودي ( ولا نقول قناة - mbc – الفضائية لأنها واجهته السياسية الغير معلنة) على عرضه؟
يبدو أن النظام السعودي بقيادة الملك الشاب محمد بن سلمان، قد اختلف كثيراً عن من سبقوه في إدارة اللعب مع خصوم العقيدة والدين، محاولاً الاستفادة من فكرة نابليون اعلاميا التي وردت في مقدمة المقال، وبما أن الإعلام اليوم أصبح كل المعركة، بعد ان كان يوصف في العقود السابقة انه نصف المعركة، فقد توجه هذا الحاكم الطامح بآمال الامبراطورية السلمانية, بشراء ذمم بعض القنوات الفضائية للدول العربية، واغدق عليها العطاء شريطة أن لا تذكر اي شيء سلبي حول النظام الوهابي، وأسس فضائيات أخرى للبلدان التي له صراع فكري وعقدي أزلي معها، مثال خلافه مع الاخوان المسلمين في مصر، انشأ قناة أم بي سي مصر، ولدفع او توهين صدامه مع شيعة العراق وجه لهم قناة أم بي سي العراق، وهكذا مع باقي الساحات التي يتواجه معها.
إن هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية الموجهة للعالم الشيعي، الذي هو محور الطرح، غايتها ليس الربح المادي من وراء إنتاج هذه الأعمال، فهي تعتمد تمويل محارق الحروب ومجازر المعارك والنشاطات الاجرامية على عائدات النفط, واقامة الحفلات والمجون على أموال الحج والعمرة (والاخيرتان لولا منظورهم التجاري لها لمنعوهما على المسلمين) وإنما تهدف هذه البهرجة التلفزيونية, لتغطية الحروب والمعارك والتفجيرات، وجرائم ال سعود، التي ارتكبتها ومازالت تفتعلها بحق الإنسانية في العالم، وتجاه المسلمين في العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان وباكستان ونفس السعودية، وهذه الأعمال الدرامية، هي أحد وسائل إشغال الرأي العام بالمادة الإعلامية، وحصر فكر الجمهور وتوجيهه تجاه الهدف الاصغر, وكأن صراعه ومعركته هنا! واخفاء العدو او الهدف الأكبر(النظام الوهابي السعودي) خلف المادة المطروحة.
ان مسلسل معاوية ليس آخر الأعمال الوهابية، وسيتبعها أكبر وأكثر من ذلك, مساس بالعقائد الإسلامية المحمدية الأصيلة، ان لم تربط وتعرى هذه الأقنعة الإعلامية النظام الناصب السعودي، التي همهما ديانة التطبيع بغطاء الابراهيمية الجديدة, وهي بنفس الوقت رسالة ومراجعة حسابات, لمن غرر بهم عناق اذرع الحضن العربي, وان النظام السعودي هو احد الخيوط الصغيرة للشيطان الاكبر في المنطقة, واداة تتحرك من خلالها الصهيونية, وما هو الا مجرد واجهة لتلك الانظمة .
يبدو انه من خلال الدراسات الاستراتيجية للإعلام السعودي والخليجي, ان سياساتها مكشوفة للزعامات الشيعية, ولكنها فشلت بإيصالها لجماهيرها عبر روافدها الاعلامية, وما زالت تعاني من ضعف ترويج الفكرة, التي استغلها العدو, وعمل العكس وربما بخطئهم نقل رسائله.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha