حسين التميمي ||
البداء هو الظهور بعد الخفاء، قال تعالى (وَبَدَا لَهمْ منَ اللَّه مَا لَمْ يَكونوا يَحْتَسبونَ) (وَبَدَا لَهمْ سَيّئَات مَا كَسَبوا) والبداء بهذا المعنى، لا يطلق على الله سبحانه وتعالى بتاتاً، لاستلزامه حدوث علمه تعالى بشيء بعد جهله به، وهو محال في حقه وسيأتي توضيحه.
الكلام مع الناس عن مفهوم العلامات، والمواضيع التي تخص القضية المهدوية، وعلاماتها يذهب ذهن بعضهم، ممن لم يطلعوا على العلامات، وعلى معنى كلمة البداء، ولا يفهمون ما البداء؟ ويتوقعون انه اذا حصل البداء، لا تحصل تلك العلامة، ولا يعلمون ان البداء هو التغيير الموضوعي بالعلامة، اي ان العلامة تتحقق، ولكن يحصل البداء في بعض تفاصيل العلامة، والبداء اصطلاحاً: تغيير المصير، والمقدّر بالأعمال الصالحة والطالحة، وتأثيرها فيما قدّر الله تعالى، من التقدير المشترط، قال تعالى (ثمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مسَمّىً عنْدَه) فبيَّن أن الآجال على ضربين، وضرب منهما مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان وقال أيضاً (وَمَا يعَمَّر منْ معَمَّر وَلا ينْقَص منْ عمره الاّ في كتَاب) .
البداء يحصل في بعض العلامات، وبعض السيناريو في تلك العلامة، فمثلا علامة السفياني هي حتمية، ولكن من الممكن ان يحصل بها بعض التغييرات، فمثلا عند احتلال جيش السفياني بغداد، وكان اغلب الناس مطلعين على أحداث الروايات، فبالإساطاعة التصدي له وابعاد شره، وهنا نقول تحقق البداء في تلك العلامة، اذ أن البداء لا يقع في الحتميات، لكن عند تفاصيل العلامات بالإمكان التغيير فيها، بمعنى أن بعض العلامات لا يحدث البداء في كلية العلامة، لو نضع مثالا حول إحدى العلامات وهي خروج السفياني، او خروج الخراساني، او خروج اليماني، او الصيحة او خسف البيداء، او قتل النفس الزكية، لكن لو نأتي على أحدى تلك العلامات، يمكن حدوث تغير فيها، لكن ليس في كل العلامة، مثلاً السفياني بالإسطاعة أن يحصل تغيير في دخوله الى أحد المحافظات، مثلاً منعه من الدخول ولكن لا يحصل تغير، بالعلامة جذرياً لأن السفياني أهم علامة لا قائم بلا سفياني.
كلمة البداء، من المسائل الكلامية المتفرعة عن أصل التوحيد، وهي في اللغة بمعنى الظهور، والإبانة بعد الخفاء، يقال: «بدا له؛ أي ظهر له ما كان خافيًا عنه، أو إنشاء الرأي الجديد الذي لم يكن يعلمه من قبل، فهو مستلزم للجهل، وحدوث علم جديد بعد جهل به، نعلم من هنا ان البداء في العلامات، ليس نفي العلامة بأكملها، وانما بتفاصيل العلامات، علينا اذن متابعة ودراسة العلامات، لكي نحقق البداء في بعض العلامات، ونبعد خطر بعض العلامات ومنها دخول السفياني الى النجف الاشرف، وقيامه المجازر هناك، حيث تقول الرواية انه يسبي نساء لم يرى منهن شيء، كما جاء في الرواية (ويسبي من الكوفة أبكاراً لم يكشف عنها كفٌّ ولا قناع، حتّى يوضعن في المحامل يزلف بهنَّ الثويّة وهي الغريّين)1.
التوعية و دراسة العلامات، وتثقيف النفس بالقضية المهدوية التي طرحت، ونقلت لنا من اهل البيت عليهم السلام، أصبح مهم لكل مؤمن لما فيها من خلاص الامة، ومن خلال الإطلاع عليها، نأمن من الوقوع في الفتن، ومن الإنجرار خلف الدجالين، والمعادين لأهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام، ومعرفة كيف يكون البداء في العلامات، وكيف يكون الواقع الروائي.
(1) البحار 52: ص272 حديث 167
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha