قاسم العجرش ||
لاشك أن تنظيم داعش الإرهابي، واسمه الرسمي كان قبل حزيران 2014(الدولة الإسلامية في العراق والشام)، ثم حوله إلى (الدولة الإسلامية) بُعيد يوم 10/6/2014، والذي احتل فيه مدينة الموصل، وأجزاء واسعة من العراق تقدر بثلث مساحته، ووصل إلى تخوم بغداد، كان قويا بما فيه الكفاية، لكي تنهار قطعات القوات المسلحة العراقية أمامه، ويحقق عليها انتصارا كبيرا، لأسباب كثيرة لسنا في واردها الآن، فقد أُشْبِعَتْ بحثا وتمحيصا من قبل الباحثين والمنشغلين بالحقل السياسي، لكن جميع تلك الأسباب تؤشر إلى أن تنظيم داعش كان يجب أن ينتصر، ولو لم ينتصر آنذاك، فإن هذا يعني أن “إعدادات” التأريخ كانت مخطوءة!
لكن كيف انقلب “انتصار” داعش إلى “انكسار”؛ بعد أقل من ثلاث سنوات، خصوصا أن العملية كانت مبرمجة على أن تستمر ثلاثين عاما، كما عبر عن ذلك وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا، في تصريحات نشرتها صحيفة “يو أَسْ أَيْ توداي”، فقد قال بانيتا “أعتقد أن الحرب التي تقودها واشنطن ضد تنظيم داعش ستستمر نحو ثلاثين عاماً”..وهو إقرار ضمني أن داعش ستبقى ثلاثين عاما على الأقل، خصوصا أن هذا القول صدر عن الجهة التي صنعت داعش، حسب اعتراف الرئيس ألأمريكي السابق دونالد ترامب، بتأريخ 11 آب 2016، حينما وصف الرئيس باراك أوباما بأنه “مؤسس” تنظيم “الدولة الإسلامية”..إذ قال ترامب أمام حشد من أنصاره في فلوريدا: “إنهم يقدرون الرئيس أوباما، إنه مؤسس تنظيم داعش”،كما وصف منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بأنها “شريكة في تأسيس” التنظيم، وأصر ترامب على تعليقاته في اليوم التالي، قائلا إن أوباما وكلينتون هما “أكثر اللاعبين قيمة” بالنسبة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
في يوم 10/6/2014 كان كل شيء في بغداد يوحي أن أمور انتهت، وأن الوجه الجديد للبعث، قد عاد أو على وشك أن يعود إلى حكم بغداد، وأن The Game Is Over ، وقد استوعب ساسة بغداد القصة، فحزموا أمتعتهم راحلين بما غلا، وها هم يتزاحمون في المطارات بحثا عن ملاذات آمنة، والذي يستحيي منهم قليلا توجه إلى أربيل منتظرا انجلاء الموقف..أربيل كانت هي الأخرى مهددة، لولا أن جاءها سليماني وجنوده!
في نفس اليوم صدر بيان عن مكتب السيد السيستاني، كان بيانا فحسب وليس فتوى، وكان نصه الصادر في 11 شعبان 1435هـ الموافق 10 حزيران ،2014 مشفوعًا بختم المكتب:(تتابع المرجعية العليا بقلق بالغ التطورات الأمنية الأخيرة في محافظة نينوى والمناطق المجاورة لها , وهي إذ تشدد على الحكومة العراقية وسائر القيادات السياسية في البلد ضرورة توحيد كلمتها وتعزيز جهودها في سبيل الوقوف بوجه الإرهابيين وتوفير الحماية للمواطنين من شرورهم . تؤكد على دعمها وإسنادها لأبنائها في القوات المسلحة وتحثهم على الصبر والثبات في مواجهة المعتدين. رحم الله شهداءهم الأبرار ومَنَّ على جرحاهم بالشفاء العاجل إنه سميع مجيب ).
كان واضحا أن المرجعية العليا ستقول لاحقا شيئا آخر، لأنها في هذا البيان حددت أربعة أمور هي، الأول للشعب، بضرورة توحيد الكلمة وهي تعني وطنية الموقف والرد، والثاني والثالث للحكومة بالوقوف بوجه الإرهابيين، وتوفير الأمن للمواطنين، والرابع ألزمت به نفسها بالتعهّد بدعم وإسناد وحث لأبنائها في القوات المسلحة..
يعتبر هذا البيان مُقدمة وتمهيد لـ (فتوى الدفاع المقدسة)، إذ لم يطل الأمر، فبعد صدور هذا البيان بـ (72) ساعة وفي جمعة يوم 13/6/2014م،صدرت فتوى الجهاد الكفائي، وخلال دقائق بدأت الملحمة وتدافع الرجال بالملايين، وبينهم من يحمل حتى سكاكين المطابخ سلاحا، وتشكل الحشد الشعبي ..!
كلام قبل السلام: معلوم أن حفظ العراق بشعبه ومُقدساته، يقع ضمن الإطار الشرعي الديني، وضمن مسؤوليات المرجعية الشرعية والوطنيّة والتأريخيّة، ويومها دفن العلمانيون رؤوسهم بالرمال، واكتفوا باحتساء الخمرة في مقر اتحاد الأدباء..!
سلام
https://telegram.me/buratha