المقالات

نُونُ المذَكَّر السالم ونُونُ الأنثى تجاعيدٌ وبراعِم

1068 2021-06-09

 

حازم أحمد فضالة ||

 

   ضوءٌ على..بل قبسٌ مِن كلمة: (ضحى الخالدي) التي تلتها بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (رض).   

    أُقَرِّظُ ما لذَّ منها معتذرًا من ذائقتها، فهي كانت مختلفة من العنوان حتى الخاتمة، وبين ذلك جناتٍ ومروج، الكلمة السارية كان العنوان رايتها التي رفَّت هو:

(المرأة في ضمير الإمام الخميني)، وعُزِفَ النشيدُ الأدبي بصوت الكاتبة والباحثة في الشأن السياسي (ضحى الخالدي) نيابة عن كاتبات العراق.

    إذ قالت بعد التعزية، واصفةً الإمام الخميني بأوصاف الأدب والتبجيل التي تموسقت على لسانها الفصيح؛ بأنَّ الإمام الخميني: «شيبة العرفان البيضاء»

    وهنا لنا الوقوف إجلالًا لهذه الصورة الإيمانية، واللوحة الموغلة بالفن الأصيل، إذ إنَّ الإمام الخميني شاب في العرفان، والذي يشيب في العرفان قطعًا (لا يُرَدُّ إلى أرذلِ العُمْر) بل يعرُج يتألَّه في درجات العرفان حتى يحيط بالعرفان، فيهيمن على رأس الهرم فيه (شَيبَةً) والشيبة هي قمة الرأس، ولها أسمى الوقار، وأبهى الحضور، وأحضرت الكاتبة هنا التوكيد بأنها (البيضاء) فهي (المشتعلة) شوقًا في الله سبحانه.

    حتى إذا قالت في روح الله: «ورفيق القرآن»

كيف لا وهو الذي يقول: «المُفسِّر إنما يكون مفسِّرًا عندما يُفهمنا (الهدف والمقصد) من النزول، وليس (سببه) كما هو المتعارَف في التفاسير»

المصدر: [آداب الصلاة: 298]

    ويقول روح الله (رض): «وا أسفاه! إنَّ القرآن هذا الكتاب المصيري لم يعُد له من دور سوى في المقابر والمآتم على يد المؤامرين الأعداء والجهلة الأصدقاء»

المصدر: [وصية الإمام، صحيفة الثورة الإسلامية: 5]  

    هكذا كان يتحرك الإمام في جو القرآن الكريم؛ يستقري معانيه وحركته المستمرة، يتلمس غاياته ومقاصده، وكان مسرحه في الحياة حتى النصر والتأسيس، فكيف لا يكون رفيقه؟!

    تصل الكاتبة إلى ميدان العطف الأبوي في آفاق الإمام روح الله، فتجده أبًا عطوفًا رحيمًا، وهذا حال من يتحرك في ضوء القرآن الكريم: ﴿… أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ…﴾ [المائدة: 54].

    وهنا تظهر تجليات تأثُّر الكاتبة في مناخ القرآن الكريم، الذي لا تجده ينفك عن التمازج مع المناخ الذي تنصهر به حركة الإمام روح الله نتيجة إيمانها بالأهداف والمقاصد القرآنية، لا في أسباب النزول.

    وتذكر الكاتبة هذا الانقلاب نتيجة حركة السنن الإلهية فتقول: «ذات يوم كانت الخمينية تستدعي عقوبة الإعدام في العراق، واليوم نؤبن الإمام الخميني في قلب بغداد»

    أقول نعم، وهكذا القرآن الكريم الذي يتحرك في ضوئه روح الله: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الأحزاب: 27].

    فسبحان الله، أنْ يحضر اسم وثقافة وعلم ومشروع وفكر الإمام الخميني في قلب بغداد، مهيمنًا على القلوب، تغرورق الأعين بذكره، تقف الناس قارئةً سورة الفاتحة لنفسه الزكية، تقف أخرى مستمعةً للنشيد الوطني للجمهورية الإسلامية التي أسسها الإمام الخميني… هذا يستحق دهشة الكاتبة، تلك الدهشة النابعة من التفاني بالتوكل على الله سبحانه.

    تنهمر الفصاحة الأنثى، والبلاغة الأنثى، فتقول الأنثى: «ولأنَّ الثورةَ أنثى، والجمهوريةَ أنثى، والكلمةَ أنثى، والنهضةَ أنثى؛ كان لا بُدَّ لكاتبات العراق من كلمة في هذه الذكرى الأليمة على قلوب المؤمنين والمؤمنات».

    هنا تبرز (نون الأنثى) فارعةً مزهرةً من بين تجاعيد (نون المذكر السالم)، ربما يتوجَّس الذكر خيفةً من الأنثى المتعلمة، فيعمل على وأد نون الأنثى ألّا تظهر!

    تكتب الكاتبة ضحى الخالدي التي أزهرَت من أرض عليٍّ والحسين (عليهما السلام) براعِمَ تفتحت في دوحة محمد وآل محمد (ص)؛ عن الأنثى: «… وحين استبسلنَ وناضلنَ… » موازِنَةً بذلك مع مثَلهن الأعلى وقدوتهن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، هذا بعد أن عطفت على منهج الإمام روح الله حول المرأة فقالت: «… كان يرى أنَّ المرأة شريكة القرآن في صناعة الرجال، ويُعَبِّر عن حضنها بأنه منطلق كل السعادات، ومَن مِنّا لا يشتاق إلى حضن أمه!»

    مستلهمةً من فضاءات سيرة الرموز الأسمى والأعظم: السيدة الزهراء، خديجة الكبرى، الصِّدِّيقة زينب بنت علي (عليهن وعلى أمير المؤمنين الصلاة والسلام).

    هكذا تفوَّقت (نون الأنثى) بحضورها البهيج في تلك المناسبة، على (نون المذكر السالم)؛ الذي استعرض المَكرور والمستنسخ، وحتى لا نُعمم فنظلم القامات؛ نقول (غالبًا)، لكن (نون المذكر السالم) تملؤها التجاعيد!، وعندما حضرت الأنثى بكلمتها الفصحى، الفضلى، الموزونة أدبًا وعلمًا؛ ظهرت أنها فارعة مزهرة مثمرة، ولأجل ذلك نقول حريّ بالذكر تقديم الأنثى في المناسبات الإسلامية والوطنية، فهي دفّاقةٌ بالعطاء والفهم وقراءة الواقع في ضوء السنن الكونية الإلهية

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك