المقالات

توضيح حول ما ذكره الحائك هاشم العقابي .


الكاتب إيليا إمامي Ailia Emame||

 

البذاءة و ( وساخة اللسان ) صفة قهرية لدى بعض الأشخاص ، فقد كان الشاعر الحطيئة يهجو جميع الناس حتى أمه وأباه .. بل وصلت به هذه الصفة القهرية الى هجاء نفسه .. عندما نظر الى الماء فشاهد وجهه فقال :

أرى اليوم لي وجهاً فلله خلقه …  فقبّح من وجـهٍ وقبّـح حاملـه

مثل هذه الصفة وجدت أرضية خصبةً بعد سقوط النظام المقبور .. في عالم مفتوح يعبر عنه بعض الأصدقاء متهكماً بأنه  ( يعفط من في الشرق فيسمعه من في الغرب ) . 

و ليس بعيداً عن شخص مثل هاشم العقابي أن يتصدر مضمار ( إلك يا طويل اللسان ) .. فقد كان طيلة فترة النظام المقبور .. مشغولاً بتلميع صورة صدام .. بل تلميع حذائه بكلمات المدح والثناء .. وعندما سقط النظام وجد نفسه في ساحة مفتوحة يمكنه أن يقول فيها ما يريد بلا حسيب أو رقيب .. وظهرت القذارة المعنوية التي كان يحملها .. وطفحت على لسانه بالشكل الذي نراه اليوم .

لا نختلف أن السياسيين الفاسدين بغبائهم وتخبطهم .. جعلوا من أنفسهم مادة دسمة لشتائم العقابي وأمثاله غير مهتمين بكرامتهم أمام هذا الشعب .. و لكن الرجل وقد بلغ به الشيب .. وأخذته تجاعيد الوجه طولاً بعرض .. لايستحي من شيبته عندما يرى شباباً بعمر أحفاده يصرحون بأنهم يتابعون قناته لأنه ( قاموس شتائم )  !!

لاشأن لي _ وأنا بعمر ولده _ بما أختاره العقابي لنفسه .. ورضي بأن يرفع لواء البذاءة .. ويضع وأدبه الاجتماعي وسمعته في سلة المهملات .

ولاشأن لي به كقدوة للشباب الذين يميلون الى هذا النوع من البذاءة .. التي يجدونها لدى هاشم العقابي وفائق الشيخ علي وأمثالهما .. وحسبك بشخص يعلم أن مصدر شهرته هو قذارة لسانه .. ويتعايش مع ذلك بدون خجل !!

وشأني الوحيد .. والذي دعاني للكتابة .. أن العقابي يحاول تلويث الصحف البيضاء من سيرة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام .. ولم أكن أتصور أن هذا الشخص سيهتم بتبرير سوء أخلاقه يوماً من الأيام .. وعندما يختار ذلك .. سيأتي بعذر أقبح من فعل .. وينسب البذاءة لامام البلاغة عليه السلام !!

جاء العقابي _ كما في صورة منشوره _  برواية نقلها إبن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة .. وخلاصتها أن أمير المؤمنين عليه السلام كتب الى أبي موسى والي الكوفة العبارة التالية :

 ( من عبد الله على أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس، أما بعد يا بن الحائك، يا عاض أير أبيه، فوالله انى كنت لأرى أن بعدك من هذا الامر الذي لم يجعلك الله له أهلا، ولا جعل لك فيه نصيبا، سيمنعك من رد أمري ……)

ولي عدة ملاحظات على هذا النقل البائس الذي يحاول به العقابي تبرير ألفاظه القذرة :

 ١) لسنا ملزمين بما ينقله ابن أبي الحديد المعتزلي فالرجل ليس من أعلامنا ولا مؤرخينا .. وشرحه المشكور لنهج مولانا أمير المؤمنين عليه السلام .. لايجعله محققاً في الروايات بما يناسب عصمة المولى وجلالة قدره .

 ٢) ابن أبي الحديد هو أول من نقل ( هذا اللفظ ) عن أبي مخنف لوط بن يحيى  ..  و بين وفاة أبي مخنف ( سنة 111 هـ ) ووفاة إبن أبي الحديد ( سنة 656 هـ ) فارق زمني بحدود 545 سنة .. ولم يذكر ابن أبي الحديد من أين نقل هذا الكلام عن أبي مخنف الأزدي مع ضياع جميع مؤلفاته ومنها مقتله المشهور ( مقتل أبي مخنف ) !!

 ٣) ومما يقوي الشك أن البلاذري ( وهو سابق على ابن أبي الحديد بأكثر من 378 سنة )  أشار في كتابه أنساب الأشراف .. الى هذه الرسالة .. وذكر أن الإمام خاطب أبا موسى بقول ( يا بن الحائك ) ولكنه لم يذكر هذا اللفظ  مطلقاً !

والحائك هو الذي يحوك الكلام خداعاً وزوراً .. وهي ذاتها الصفة التي تنطبق على العقابي .

 ١) بل أن البلاذري نفسه .. ورغم دفاعه المستميت عن عثمان بن عفان .. ذكر في ذات الكتاب أن هذه العبارة صدرت عثمان بن عفان .. مخاطباً بها عمار بن ياسر و قاصداً إهانته .

وأذكر الرواية كاملة .. وفيها المشادة الكلامية التي حصلت بين الإمام علي وعثمان بن عفان :

( وقيل: بأن عثمان - لما بلغه موت أبي ذر - قال: رحمه الله! فقال عمار بن ياسر: نعم، فرحمه الله من كل أنفسنا .

فقال عثمان: يا عاض أير أبيه، أتراني ندمت على تسييره؟! وأمر، فدفع في قفاه، وقال: إلحق بمكانه! فلما تهيأ للخروج، جاءت بنو مخزوم إلى علي فسألوه أن يكلم عثمان فيه.

فقال له علي: يا عثمان! اتق الله فإنك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره؟!

وجرى بينهما كلام... حتى قال عثمان: أنت أحق بالنفي منه!

فقال علي: رم ذلك إن شئت.. واجتمع المهاجرون، فقالوا: إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته! فإن هذا شئ لا يسوغ.. فكف عن عمار).

٥) ومن الملاحظ أن هذا المثل كان معروفاً بين العرب لكي يستخدمه عثمان بن عفان بشهادة البلاذري .. ومنه قول يزيد بن مفرغ الحميري قادحاً بنسب ابن مرجانة عبيد الله بن زياد بن أبيه :

أبلغ لديك بنى قحطان مألكة

عضت بأير أبيها سادة اليمن

أضحى دعي زياد فقع قرقرة

يا للعجائب يلهو بابن ذي يزن

٦) ولم تكن هذه الإساءة الأولى من عثمان بن عفان بحق عمار بن ياسر .. فقد كان دائم الشتم لأمه سمية شهيدة الإسلام .. تارة بقوله ( يا ابن المتكاء ) والمتكاء هي التي لا تمسك البول .. وتارة بقوله ( كذبت يا ابن سمية ) وثالثة بقوله ( ويلي على ابن السوداء )

وقد أمر بضربه حتى غشي عليه ..  ومرة أخرى ضربه برجليه وعلى أعضائه فأصابه الفتق .. ولعلك تسأل عن المصادر لهول ما تسمعه من الاعتداءات بحق عمار بن ياسر .. فأليك المراجع من إخوتنا السنة  :

 * أنساب الأشراف ٥: ٤٨وما بعدها عدة صفحات .

 * تاريخ اليعقوبي ٢: ١٧١ في ( أيام عثمان بن عفان ).

* الإمامة والسياسة ١: ٣٣ في ( ما أنكر الناس على عثمان ).

* مصنف ابن أبي شيبة ٦: ١٩٩

٧) ومن الغريب مع كل ذلك ماتنقله نفس الكتب عن عائشة بنت أبي بكر .. من أن عثمان كان رجلاً حيياً ( يستحي ) .. وأن رسول الله قد استحى منه لشدة حيائه .. غير مستوعبين للتناقض فيما ينقلونه !!

خلاصة الكلام : هذه الزوائد اللحمية أمثال العقابي إذا كانت تريد تبرير قذارة ألفاظها فعليها أن تختار أسباباً وجيهة وروايات موثوقة .. وأما الإساءات المتكررة للتشيع والمرجعية وصولاً الى أمير المؤمنين عليه السلام .. فستكون عواقبها على أمثاله مؤسفة في الدنيا والآخرة .

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الخاقاني
2020-08-13
السلام على سيدنا ومولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك