المقالات

الشراكة في الهدم..  


علي علي ||

 

  لو جمعنا ماكتبناه نحن الكتاب نقدا وقدحا، بحق مسؤولي البلد وساسته منذ عام 2003 -السابقون واللاحقون- وتقصيراتهم المتعمدة وغير المتعمدة، لا أظن مكتبة بحجم قصر شعشوع بإمكانها احتواء كل تلك الكتابات. ولعل في قول نزار قباني: "الحرف عندي نزيف دائم.. والحرف عندك ماتعدى الإصبعا..." وصفا مطابقا الى حد كبير لما نعانيه، لاسيما في عراقنا الجديد! إذ مافتئنا جميعنا نبري أقلامنا للحاق بوصف ما يستجد من أحداث على ساحة بلدنا يوميا، من جراء أقوال ماسكي دفة مركبه وأفعالهم، وما من أمل باللحاق بما يخلفونه من آثار ورصدها.

 ولكن لو نظرنا الى الحالة بمنظار أوسع، ونعيد توجيه أصابع الاتهام بشكل أكثر عدلا وإنصافا، سنكتشف ان للمواطن أيضا دورا في تردي جوانب كثيرة في البلد، مقارنة مع باقي بلدان العالم. فعلى سبيل المثال نرى ان هناك مناسبات تهتم بها الشعوب والحكومات على حد سواء، كمناسبات إحياء ذكرى شخصية لها وقع في تاريخ ذاك البلد، كذكرى وفاة او ميلاد عالم او أديب او رجل دين، ممن لهم بصمة وأثر يقفو على أثره اللاحقون من الأجيال، ومنها مناسبات وطنية ودينية وتاريخية واجتماعية، ومنها مناسبات استجدتها واصطنعتها الشعوب اوالحكومات على مر الزمن، تشترك مؤسسات الدولة والمؤسسات المدنية مع المواطن في تطبيق طقوس هذه المناسبات وشعائرها، وبذا يترسخ مفهوم الوطنية والإلتزام به. وما اختيار يوم واحد لمثل هذه المناسبات إلا تذكير بأهمية هذه الممارسة لتمتد وتستمر باقي أيام السنة بنفس الهمّة والاهتمام، ولكن وبكل أسف نفتقد هذا الاهتمام من قبل مؤسسات الدولة، وكذلك المواطن، وعذرهما في هذا ضعيف.

  هنا في عراقنا، لنا من تنوع التضاريس الأرضية بين سهول ووديان وجبال وصحارى وأهوار، ما لايحده بصر ولا يقف على نهايته نظر، وفيه من فصول المناخ أربعتها. أليس من الأولى بنا جميعا؛ شيبا وشبابا ومسؤولين وقيادات حكومية ومدنية، الاحتفاء به وإدامة أرضه ومائه وسمائه لتدوم خيراته لنا وللأجيال بعدنا؟ أوليس الأجدر بنا أن نتعلل الأسباب لخلق المناسبات التي تزيدنا التصاقا بتربة عراقنا، وتطبيق طقوس محبتنا له بين الحين والآخر، لنتذكر أن السلام والإخاء والحب لن يرحِّله عن أرضنا ساسة وأنظمة، يجيئون ويروحون بسياسات وممارسات، يهدفون منها تشتيت اللحمة بين النسيج الوطني الممتد في عمق التاريخ، أكثر من أربعة آلاف عام في أرض وادي الرافدين. ولاأظن من بين الساسة والمسؤولين من لايدرك أبعاد مايفعله من سلبيات، تعود بالضرر على منصبه ومؤسسته، وبالتالي على المواطن والبلد بشكل عام، فجميعهم لم يكونوا قليلي خبرة حين تسنموا مناصبهم، كما أنهم من غير المعقول ان يعبثوا في أرضية سفينة هم من ركابها، كما لايعقل ان (يهجم) إنسان سوي بيته بيده، كذلك لايعقل ان يسعى الى إضرام النيران فيه.

  لكن واقع الحال فيما جرى خلال ما يربو على العقد ونصف العقد الأخير في بلدنا -ومازال يجري- يعكس غير هذا تماما، إذ مامن مفصل من مفاصل الدولة إلا ويمخر به الإهمال والتقاعس والخراب المقصود وغير المقصود، والعجب -كل العجب- أن لنا إرثا كبيرا من الشخصيات الجديرة بالاحتفاء والاستذكار، إلا أننا لانأبه بها بتاتا.

والعجب أيضا أن هناك دائرة إعلامية في كل مؤسسة حكومية، وظيفتها متابعة الأحداث التأريخية والمواظبة على إحيائها، لكنها لا تلتفت إلا للجديد من المشاكل والقلاقل في أروقتها، وهي معذورة في هذا إلى حد ما، فمؤسساتنا تزخر بهما حد التخمة.

فإذا كان العامل مسيئا والموظف مسيئا والمدير مسيئا والمفتش العام مسيئا والوزير مسيئا، وقبل هذا وذاك المواطن مسيء، علينا إذن، إنصاف الآخرين في توجيه أصابع الاتهام، وإن توجب الإنصاف توجيهها إلى أنفسنا، فكما البناء شراكة، كذاك الهدم في بلدنا أصبح شراكة، على يد المواطن وحكومته على حد سواء، وقد قالها صاحب الأبوذية:

الوكت ياصاح بالفرگة ولانه

ولا گلبه انكسر مره   ولانه

لا إنت عرفت الحب  ولانه

اشتركنه بهدم عش حبنا سويه

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك