المقالات

الاستراتيجية الأمريكية في العراق   بعد الحوار الاستراتيجي  


صلاح التكمه جي ||

 

 

أفرز النقاش الأمريكي حول طبيعة الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، قضايا أساسية تمثل حاجة فعلية لأمريكا في رسم علاقتها مع العراق على ضوء استراتيجية جديدة حددت بعض ملامحها من خلال التصريحات للعديد من الشخصيات الأمريكية لمرحلة ما بعد الجلسة الأولى للحوار الإستراتيجي وهي كالآتي:

أولاً: العلاقة الشبحية: من ضمن الأمور التي مورد قلق لدى العقل السياسي الأمريكي، هي الحالة الشبحية لشكل الدولة العراقية بالنسبة لأمريكا، أنتوني كرديسمان يعد (دولة وحكومة العراق شبحية)، فالعراق ليس دولة مارقة مثل (ايران، سوريا) في نظر الإدارة الأمريكية، و لا هو دولة حليفة مثل (إسرائيل، دول الخليج)، هذه الصورة الشبحية أربكت القرار الأمريكي المناسب المُتخذ ضد الدولة العراقية، ويعتقد العديد من المفكرين الأميركيين بأنه آن الأوان لتحديد شكل العلاقة بين أمريكا والعراق، ولكن روبرت فورد السفير الأمريكي السابق قال: ( لن يعاد تعريف العلاقة العلاقات الأمريكية العراقية بأكملها بين ليلة وضحاها)، أما ديفيد شينكر رئيس الوفد المفاوض في الحوار الاستراتيجي يؤكد (بأن الحوار الإستراتيجي يعد نقطة تحول بالنسبة للبلدين وهما يعيدان رسم العلاقة بينهما).

  هذا يعني أن القرار الأمريكي حيال العراق في مرحلة  ما بعد الحوار الاستراتيجي هو أما أن يكون في المحور الأمريكي، ومن ثم سيكون الحوار أيجابياً وممتاز، وأما أن تبقى العلاقة شبحية فسينتهي الحوار إلى الفشل الذريع.

ثانياً: أهمية العراق في  الأمن القومي الأمريكي: الاستراتيجية الأمريكية ما بعد الحوار تسعى لجعل العراق حجر الزاوية بالأمن القومي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، و هذا ما أكده (مايكل نايتس) في مقاله عن الحوار الإستراتيجي (أن العراق في الرؤية الأمريكية هو قلب الشرق الأوسط الذي يمكن من خلاله احتواء المخاطر التي تهدد الأمن القومي الأمريكي وهي كل من أيران وروسيا و الصين، و نظراً لموقعه الاستراتيجي فإن الإدارة الأمريكية قررت ومنذ أربعينيات القرن الماضي جعل العراق مركزاً لحلف بغداد و هي الآن تريده أن يكون مركزاً لحلف الناتو)، و من هذا المنطلق أكد السيناتور مورفي على أهمية دعم الحوار الإستراتيجي لأنها قضية بالغة الأهمية في الأمن القومي الأمريكي.

ثالثا: دعم حكومة الكاظمي: ضمن ملامح الاستراتيجية الأمريكية ما بعد الحوار الاستراتيجي هو الدعم المطلق لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فالعديد من تصريحات الشخصيات الأمريكية تُعد هناك فرصة ذهبية عند الإدارة الأمريكية يجب أن تستثمرها، فالسفير الأمريكي السابق فورد يؤكد (للمرة الأولى منذ سنوات هناك الأشخاص المناسبون في المكان المناسب وفي الوقت المناسب) أما السيناتور مورفي فيقول: (أن دعم حكومة الكاظمي هي قضية بالغة الأهمية للإدارة الأمريكية).

رابعاً: الدعم المالي الأمريكي مقابل الولاء لأمريكا: الدعم المالي الأمريكي أهم ورقة ضغط تستعملها الإدارة الأمريكية لنجاح الاستراتيجية الأمريكية بعد الحوار الاستراتيجي، فهي تعتقد ان ازمة أنهيار أسعار النفط و العجز المالي في ميزانية العراق لن تحل إلا بالدعم المالي الأمريكي، ولهذا أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ستقدم دعماً للعراق يصل إلى نحو 720 مليون دولار نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، وأعتبر شينكر رئيس الوفد المفاوض أن ورقة الدعم المالي هي الخيار الصارم في ترويض العراق فهو يؤكد أن (الحوار الاستراتيجي سيسمح لنا بمواجهة القادة العراقيين بخيار صارم، إذا أختار العراقيون التصرف كدولة ذات سيادة، فإن العلاقات الثنائية ستستمر في جلب مزايا كبيرة للعراق، وإذا لم يتخذوا هذا الخيار، لن نتمكن من الحفاظ على التزامنا أو وجودنا في العراق) ولكن السفير السابق فورد وضع النقاط على الحروف عندما أحرق ورقة الدعم المالي الأمريكي بسبب تداعيات أزمة كورونا و لهذا صرح فورد (لا يمكن لواشنطن أن تعطي المال، فقط يمكنها أن تعرض عدم تطبيق عقوباتها" التي قد تحرم العراق من مورده الإيراني للطاقة، وذلك "لا يحل المشكلة الأولى للسيد الكاظمي).

خامساً: حماية تواجد القوات الأمريكية في العراق: أحدى الثمرات التي تعول عليها الاستراتيجية الأمريكية بعد الحوار هي الشرعية لتواجد قواتها، بحيث تكون ورقة الحوار هي الشرعية لبقاء القوات الأمريكية وليس قرار البرلمان العراقي الذي ألزم الحكومة بإنسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق، وتشير تصريحات شتيكر رئيس الوفد المفاوض (الحوار الاستراتيجي لم يبحث جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق) أنما بحث الحوار الاستراتيجي أهمية حماية الحكومة العراقية لتواجد القوات الأمريكية، وقال شتيكر(العراق جدد إلتزامه بحماية القوات الأمريكية وكل قوات الدول الأخرى التي جاءت بناءً على دعوة الحكومة العراقية).

التهديدات

1-      على المستوى الإقتصادي: هناك ثغرات كبيرة في ورقة الدعم المالي الأمريكي:

أ‌-        أن المبلغ الموعود (720 مليون دولار) لا يمكن له أن يعالج عجز الميزانية في العراق ومن ثم وجوده أو عدم وجوده لا يشكل ورقة ضغط مهمة لترويض العراق.

ب‌-      أن الوضع الاقتصادي الأمريكي بعد كورونا لا يُتوقع منه هِبات مالية إلى العراق وهذا ما كشف عنه فورد في تصريحه (لايمكن لواشنطن أن تعطي المال إلى العراق).

ت‌-      لم يصل العراق إلى مرحلة الإفتقار المالي لأمريكا بحيث يحتاج هكذا مبالغ، بالرغم من الوضع الذي يعيش فيه حالياً، ولكنه سوف يتحسن بمرور الوقت.

2-      أن الإستراتيجية الأمريكية لا تعمل على إنسحاب القوات الأمريكية، إنما تعمل على إبقاء هذه القوات وبحماية الدولة العراقية.

3-      أن الإتفاقية هدفها هو حماية الأمن القومي الأمريكي، ومن ثم تحقيق حماية للكيان الصهيوني.

4-      الإتفاقية تربط العراق بالمحور الأمريكي حصراً.

5-      ما بعد الحوار الإستراتيجي سوف يكون العراق في نظر الإستراتيجية الأمريكية أما مع الولايات المتحدة الامريكية أو ضدها.

الفرص المتاحة

الورقة القوية والرابحة بيد رئيس الوزراء السيد الكاظمي هو الحشد الشعبي لأنه يملك نقاط قوة كثيرة فضلاً عن المنجز الذي أنجزه بوقت قياسي على مستوى الدولة ككل.


ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك