محمد مكي آل عيسى ||
من عمل بالتجارة يعرف كيف أن وصفه لبضاعته مؤثر في النفوس لشرائها , فيعمد لتشغيل مندوبي البيع الذين يتمتعون بلباقة جميلة وأسلوب عذب وقابلية فاعلة للإقناع , بل قد يتوجه لشركات الإعلان الكبرى وينفق عليها أموالاً طائلة لتصريف تجارته وبضاعته تجنباً لكسادها.
وشركات الإعلان هذه كثيراً ما تتجاوز الحقائق لتصف البضاعة بما ليس فيها من الصفات لتنجح في ترويجها بسرعة.
وأما التاجر الذي لا يسعى في ترويج بضاعته فبالتأكيد عليه أن لا ينتظر منها ان تروج مبيعاتها في الأسواق وخصوصاً بوجود المنافسين.
ونحن إذ تشرفنا بأغلى وأثمن بضاعة . . لم نعطها حقها حتى بالكلمات . . لم نعرضها للناس بصورتها الرائعة . . لا نحتاج الكذب والتلفيق والتزوير لتمريرها بين الناس , فما نحتاجه فقط إظهار حقيقتها !
هي الإسلام ذلك الدين القيّم ذلك النظام الإبداعي المحكم الذي أتقنه الله كتشريع كما أتقن كل شيءٍ خلقه, بضاعتنا تلك الشريعة الخاتمة الخالدة العامّة الباقية الى ما شاء الله والتي تعتمد عليها البشرية بكل ما يستجد لها من الحاجات , ليست الحاجات الروحية الإخروية فحسب بل تعدتها لغيرها من الحاجات كالاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والتي نظمت أهم العلاقات بين الناس في مناهج متعاضدة لا تتخالف ولا تتعارض يساند ويعاضد بعضها الآخر.
نحن قصّرنا بوصف الإسلام أمام من لايعرفه سواءً من الغرباء عنه , أو من الأجيال القادمة من أبنائنا . . نحن نذكر الإسلام باسمه (( الإسلام )) ونقف . . لماذا ؟؟ بخلاً بالحروف والكلمات ؟؟ أم كسلاً منّا ؟؟ أم لأنه لايستحق ؟؟ . . ألم يكن الأجدر بنا أن نضيف له من الأوصاف ما يُعرّفه لمن لا يعرفه ما يحببه الى القلوب ويشوّق النفوس له ؟!
لو عدنا لكتاب الله العزيز لوجدنا أنه ذكر هذا الدين وقد رافقته أوصاف عديدة مباشرة وغير مباشرة وردت مجاورة له ومبينة لشأنه وإن لم ترد بصيغة الصفة لغة ًلكننا يمكننا أن نستند عليها ونصف الإسلام بها : إسلام الهدى . . إسلام النور . . إسلام الحق . . إسلام البشرى . . إسلام الإحسان . . إسلام الرضى . . إسلام النعمة . . إسلام الكمال . . إسلام الفوز.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فلمّا كان هذا الدين صادراً عن رب العالمين فلابد أن يتحمّل من أوصافَ مَن شرّعه فهو : إسلام الرحمة والمغفرة والرأفة والمحبة والجمال والسلام .
كما ويمكننا وصفه بمضامينه التي حملها فهو إسلام الحكمة والوعي والعلم والحق والبصيرة والفكر , إسلام العزّة والنصر والكرامة والحرية والرفعة والإباء.
وللأسف فقد تقدم علينا حزب الشيطان بذلك فقام بطرح فكره الضال بصفات جاذبة حتى خدعت الكثير واستمالته . . فدعا الى : التنوير . . الرقي . . التحرر . . الوعي . . التجديد . . الحداثة وغيرها وكلها دعوات كاذبة لا تمت للواقع بأية صلة.
صحيح أن تجسيد قيم الإسلام ومبادئه عملياً هو جوهر الأمر , صحيح أننا لو طبقنا الإسلام بكل ماحوى لاتضحت صورته للكثير وذلك كان سيغنينا عن أي شيء
لكننا قصّرنا في الكثير وإذا كان التطبيق العملي صعباً بعض الشيء يستلزم الجهد والوقت فالوصف بالكلمات خفيف لفظاً وكتابة ولا يستلزم جهداً أو وقتاً.
فهي دعوة لأن لا نذكر (( الإسلام )) لفظاً أو كتابة ً إلّا وقد أضفنا له ما يستحقه من صفة وفق ما يقتضيه المقام والسياق لعل تلك الأوصاف تثير السامع فيسأل أو يبحث فيجد الحقيقة المغيّبة أو لعل تلك الصفات تلتصق بالاستعمال بلفظ الإسلام وتقترن به فلا ينفك عنها وتصبح ملازمة له في كل حين تطرقها الألسن وتخطها الأقلام مُعرّفة ًله حتى مع كثير تقصيرنا في التطبيق العملي والتجسيد على أرض الواقع.
هي دعوة للدفاع عن الإسلام . . ولو بكلمة
ليعود الإسلام بضاعة رائجة أمام جميع المحاولات التي حاولت ولا زالت أن تشوه صورته وجعلت الكثير لا يعي أن هذه الصفات كلها تستند لحقائق يكتنفها هذا الدين وليست تزويقاً فارغاً يهدف لإظهاره بغير صورته الحقيقية دعوة لنعتني باسم الإسلام . . بمفردة الإسلام .. بشكل خاص حين ذكره , أمّا إظهار ذلك عمليّاً وهو الأجدى فذلك يجب أن يكون طموح كل مسلم بلا استثناء وهو الذي لو فعلناه لنعمنا في الدارين وفزنا برضى رب رحيم.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha