المقالات

جدتي وابي وطقس البكاء!  


عباس العنبوري ||

 

كُنا اطفالاً نجلس مُسمرين ومُجبرين على سماع قصةٍ تتكرر كل ليلة جمعة (مساء الخميس). لا نفهم مغزى لها سوى اظهار بطولة علي بن ابي طالب الذي جاء بقدرةٍ عجيبةٍ ليُنقذ عبد الله الشواك، بعد ان نادى –الاخير- في شدته بذلك النداء الخالد "نادي علياً مظهر العجائب تجده عوناً لك في النوائب". كنا عادةً ما نضحك طيلة رواية القصة، اذ سمعناها عشرات المرات بطريقةٍ دوريةٍ اسبوعية لا فرار منها. عشر دقائق الى ربع ساعة ثقيلة. لا يكسر جُمودها الا انتظارنا للحلوى التي يُسمح لنا بتناولها بعد الانتهاء للحصول على المراد، واستجابة الدعاء! كبرت وانا اسمع هذه القصة المعروفة بقصة (حلال المشاكل)، والتي لطالما حبسنا ضحكاتنا ونحن نتصبر حتى تنتهي. الكل كان يضحك، الا ابي!

ابي الذي اراه كبيراً في كل شيء، ولم اشاهده في لحظات ضعف قط. كان ضعيفاً وهو يستمع لها او يرويها بنفسه. كنت ارى دموعه تسيل عندما تصل الحكاية لهذا المقطع :

قال رجل غريب على محياه سيماء الاولياء للحطاب: يا حطاب، يا شواك. بمن توسلت لحل مشكلتك بعد الله؟!

فيجيب الحطاب: توسلت بعلي بن ابي طالب

فيقول الرجل الغريب: أنا علي بن ابي طالب!

وهنا يشتد بكاء ابي!

كبرت وانا اتسائل عن سِر هذا الطقس الاسبوعي الذي ينبغي ان نحافظ عليه حتى في احلك الظروف. وعرفت لاحقاً ان والدي حكم بالسجن المؤبد لاسباب سياسية في ستينيات القرن الماضي. وجدتي (ام جعفر) اهدته هذا الطقس اذا ما اراد ان تزول شدته. وكان الشرط، المواظبة على حكاية هذه القصة كل اسبوع. وفعلاً، استجاب الله دعاء ابي وحقق مراده وعليه ان يفي بنذره على حسابنا!

كانت جدتي (ام جعفر)تتولى رواية الحكاية اذا ما جائت لزيارتنا بطريقتها الخاصة التي حفظتها عن ظهر قلب. وكان ابي يأنس بها. ويبكي كما هي العادة!

كبرت ونما في داخلي روح الجدل والتشكيك، كنت ابحث عن صحة سندها وودلالة روايتها وموافقتها للعقل والمنطق وثوابت العقيدة. ولن انسى يوماً وانا اتجول في المكتبات ايام الصبا عثوري على نسخة من كراس كُتب عليه قصة (عبد الله الحطاب)، فاشتريته، وبدأت اقص القصة كما قرأتها في الكراس، لا كما سمعتها من ابي وجدتي، اذ كان فيها اختلاف كبير في التفاصيل وان كانت الدلالة نفسها. ولكن طريقتي كانت بلا طعم ابي ورائحة جدتي!

كبرت فغيرت طريقتي المقولبة الى طريقتهم الجزلة المسترسلة، المليئة بالروح والمشفوعة بالدموع. بل وواضبت على ان انهي الحكاية بالدعاء الصحيح السند عن ابي عن جدتي والذي تقول كلماته " ينطينا مثل ما نطه للشواك، ويعمي عنا ابصار الظالمين، لا حاكم ولا حكيم، عفو وعافية، وخير وبركة".

فهل فهمتم القصد؟!

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك