المقالات

الهوية كائن لايموت


د. تحسين العطار ||

 

لكل أمة هوية تميزها عن سائر الامم الاخرى وفقا لعناصر تكوينها بالخصوص العناصر الداخلة في تكوين نواة الهوية والمتمثلة بالقيم والعقيدة واللغة والتراث، وعادة ما تكون صلدة وصلبة وذات ثبات وديمومة ومستهدفة من خارج محيطها كمحاولة لتفكيكها وتغيير متبنياتها من القيم، وما عقدت الامة عليه من رؤى وافكارتمثل العمود الفقري الذي يزيد من صلابة الهوية وقوامها. فتعد محاولات التغيير والتفكيك لنواة الهوية غير مجدية الا باللجوء الى حرب الابادة.

يبقى الرهان القائم في إحداث الصدع في الهوية هو إمكانية النيل من مكونها المرن المتمثل باعرافها وتقاليدها وتاريخها وجغرافيتها السياسية وأعلامها وقادة مجتمعها وبقية المكونات الاخرى، وقد لا يحسبه البعض صدعا وإنما تطور وحداثة في الهوية ناتج عن التأثير والتأثر المتبادل مع الهويات الاخرى.

ويبقى اللاعب الاساس في تطوير وبناء الهوية الوطنية المتماسكة غير القابلة للتفكيك بحيث تبقى صامدة وفي مأمن أمام الحروب والقوى الناعمة هو قدرة القوى الوطنية والنخب على الادارة والسيطرة وتوجيه البوصلة نحو المصالح الوطنية العليا. اما المتهم الاول في قتل الهوية وتعطيلها وجعلها خانعة وخاضعة وتتحرك بحبال جلاديها هي الحكومات الفاسدة في ادارة الدولة حيث تعمل على مسخ الهوية الوطنية لدى الفرد للحد الذي لم يعد يرى ذاته في هويته.

فلك ان ترى ماحدث من تصدع في الهوية الوطنية كان نتاج ادارات فاسدة ذات رؤى ضيقة متكئة على المقدس الذي فينا فاستطاعت ان تسلبنا الارادة وتركز فينا الخنوع، وعمدت الى اشاعة وترسيخ الفهم الخاطئ لثوابتنا تمهيدا للتمكّن والقيادة بدون مقاومة، فتطايرت هويتنا لكنها لم تمت وما بقي منها الا الاجزاء التي تملك الصلابة كالعقيدة والقيم والتراث واللغة وهي مهددة لانها اصبحت عرضة لتيارات خارجية تنحت مسارات تهدف الى تغيير كينونتها.

الهوية كالكائن الحي تمرض وتتعافى، وكان الحراك المجتمعي الشعبي السلمي المتزن المجسد للمساءلة المجتمعية احد مؤشرات ذلك التعافي الذي بعث الروح في الامة بجرعة امل تقوّي عزيمتها في احداث التطور والتغيير، لايمكن ان تموت هوية أمة تمتلك انجاز حضاري وتاريخ ونمط مجتمعي متطور وجغرافية واعدة، لكنها تصبح امام تحدي يهدد بقائها ويسلب ما يميّزها عن غيرها، وحينها ستتحرك القوى الكامنة التي تختزنها الهوية من اجل ان تبقى حية نابضة بالحياة.  

فعلى النخب المتقدمة والقوى الوطنية الملتزمة ان تاخذ دورها بتبني مشروع ريادي لاحياء الروح الوطنية والمحافظة على الموروث وادامته من خلال التدخل المباشر في صناعة الهوية الوطنية وتطويرها وترميم ثوابتها واعادة الثقة لدى الفرد بثقافته المكانية وتاريخه العميق ودينه وتفعيل مجسات الوعي من أجل التلاقح مع الهويات والثقافات الناضجة الاخرى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك