المقالات

مستقبل نظامنا السياسي ورهانات الأزمة


 

 

✍️ إياد الإمارة

 

▪ قديماً قال لنا أهلنا ونحن من قرية في قضاء المُدينة شمال البصرة تزرع النخل وتتعبد الله بحبه: "إننا لن نجوع ونحن نتفيء ظلال النخلة بكل ما تحمل من خير"..

وحدثنا المرحوم دواي آل شناوة عن قصة شق اول طريق ترابي يؤدي إلى قريتنا ومجموعة القرى المحيطة بها، وكيف كان الفلاحون يتألمون لضربات "الكرين" التي تسقط نخيلهم لأجل هذا الطريق، قال دواي كانوا يصيحون "الله الله الله" كلما وقعت نخلة وكأنهم يريدون أن تقع بسلام..

الآن المُدينة عبارة عن أرض جرداء إلا ما رحم ربي لا نخل فيها ولا حياة إلا لأبراج النفط التي أشعلها نظامنا السياسي الجديد وأشعل فيها الموت بعد أن كانت تنبض بالحياة، هذه الصورة ليست في قضاء المُدينة فقط بل في كثير من أقضية العراق ونواحيه وقراه التي شملها إستكشاف النفط الجائر أو مقصلة التجريف التي حولت اراضي زراعية شاسعة إلى مجمعات سكنية عشوائية تعكس طريقة تفكير رجالات هذه الحقبة العشوائية.

وعن طريقة تفكير هؤلاء الرجال العشوائية سأتحدث قليلاً ونحن نواجه كغيرنا في هذه الأرض أزمة كبيرة تتغير فيها كل الحسابات وليس من المتوقع أن يبقى النفط الذي شيده هؤلاء الرجال بدلاً من النخيل وأشجار الكرم والرمان والمشمش يبقى مصدر رزق يفي رواتب جيوش الموظفين ومبالغ الإمتيازات التي يتمتع بها "الرجال"، إذا نحن في خطر حقيقي قد تتعذر فيه لقمة الخبر وكوز اللبن وكسوة الشتاء والصيف، ويصبح ليس بمقدور العراقيين السفر إلى ملاهي لبنان ودول آسيا الباقية من الإتحاد السوفيتي، ولا كيت ولا ولا..، قد يتعذر علينا قرص الأسبرين ولا وجود "لدواء العرب" في أرض البترول الجرداء، لا سيارات حديثة ولا بدل بألوان غريبة ولا مساحيق تجميل ولا أصباغ شعر باهظة الثمن تخفي شيب "المتصابين" الغارقين بعقاقير المنشطات الجنسية التي لا تنشط شيئاً، بلا صور ذات تقنية عالية لإنجازات كاذبة على صفحات التواصل الإجتماعي ولا صورني وانا ادري أو لا أدري..، بلا وبلا وبلا وكل البلاء.

طريقة تفكير رجالات هذه الحقبة العشوائية إضاعت البلاد والعباد والعالم على أعتاب مرحلة جديدة لم يحسنوا فيها الأداء بالمرة واكتفوا بحزم الإمتيازات وأسراب الحمايات ودور مؤثثة بطريقة "بدائية" جداً تعكس حداثة النعمة وبدائية هؤلاء الرجال غير المتحضرين برغم إعتقادهم أنهم اسياد هذه البلاد وشعبها "المعدان" ونسوا في غفلتهم المزمنة أيام "الگدية" بين مشاتل النخيل التي يطول الحديث عنها ويطول..

طريقة تفكير رجالات هذه الحقبة العشوائية لم تستطع أن تمتد إلى ما هو أبعد من مصالحهم الشخصية الآنية وهم لن يحققوها أبداً لأن السيل سيكون جارفاً ولن تصمد أمامه كل هذه المصالح بإمتيازات وبحمايات أو بدونها، سينهار كل شيء ولن تبقى هذه المصالح الشخصية كما لم تبق من قبل مصالح الوطن.

العراق سيُنهي مرحلة الصراع هذه ليدخل في مرحلة صراع آخر من نوع جديد لن تتغير فيها حال العراقيين ابداً.

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك