المقالات

رمضان عشرة عمر  

1027 2020-04-24

هادي جلو مرعي

 

كانت الشمس تلقي بجبروتها في الفضاء المفتوح، بينما عمال البناء رفقتي يستعدون للذهاب الى بيوتهم القريبة من موقع العمل، وكان عبارة عن مدرسة للصغار، وكنت صائما مطلع شهر رمضان، وكان جاء ذلك العام في بداية الصيف، وكنت قررت البقاء حتى يعودوا لنكمل العمل، حتى الثالثة، أو الرابعة عصرا، وإحتميت من الشمس في ظل الجدار المبني للتو، والمرتفع قليلا، ثم تتالت الأعوام وكان يأتي ذلك الشهر المفعم بالتحدي متقدما بضعة أيام حتى إستهلكت التسعينيات وأنا أصومه دون تردد.

في التسعينيات من القرن الماضي تقدم رمضان نحو الربيع، ثم ذروة الشتاء، ثم الخريف، وكان يستهلك سنينا عدة، وهو لايفارق البرد، أو الدفء بعيدا عن الجحيم الذي يعدنا به الصيف، وفي بعض لياليه الباردة كنت أرتجف من شدة البرد وأنا أصلي رفقة قريب لي صلاة الليل، وبعضا من النوافل والصلوات المستحبة، وأقوم وليال القدر، أو أتلوا القرآن والدعاء، بينما كنت أرجو بعض الدفء حتى إنتهيت معه الى الصيف مطلع الألفية الثالثة، فصار يباغتنا في سبتمبر، ثم في أغسطس القاسي، ويوليو ويونيو، وهاهو يعود الى سابق عهده عندما بدأت علاقتي الطيبة به، مقتربا من الربيع، ومنتشيا بالمضي نحو قلب الشتاء خلال سنين مقبلة قد نعيشها، أو لانعيش.

ومثلما كنت أصوم في الشتاء، وأرتجف في الليل من شدة البرد كان علي أن أتحمل قسوة الصيف وحرارته التي كنت أشعر بها في دماغي حتى إنني لسبب ما كنت في مكان من بغداد قبيل المغرب، وكنت أشعر أن رأسي مثل قدر فيه ماء يفور، وكنت أقول لصاحبي ذلك، فكان لايعترض، فهو يعاني مثلي، وكنت أمر على مرآب السيارات مغادرا الى البعيد كل يوم قبل أن يؤذن مؤذن المغرب لعلي أصلي قبل ذلك بدقائق، وكنت أبتاع قنينة ماء بارد، وأرمي به على وجهي، وكنت أنظر الى رجل يجلس جواري في السيارة أعرفه، وكان يعمل بالمياومة، وكانت شفتاه مبيضتان لفرط العطش والتعب.

يأتي شهر رمضان هذا العام غير بعيد عن نهاية الربيع، وليس بالبعيد عن مطلع الصيف، ولكننا لن نعاني كثيرا لامن برد، ولامن حر، وإن كان البرد أيسر من الحر في بلد مثل العراق، لكننا نعيش معاناة الخوف من وباء كورونا، ومخاطر إنهيار العالم، وجائحة الفقر، والحاجة، ونشعر كم إننا بحاجة الى الله. فليس الصالحون هم الذين يتقبلهم الله وحسب لأن هناك من هم أكثر حاجة منهم إليه، وهم المذنبون، ومرتكبو الخطايا.

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك