مازن صاحب
تعلق بذاكرتي كلمات الدكتور كاظم هاشم النعمة في مثاله عن ذلك الامير لدولة صغيرة حين شعر بتهديد دولة كبرى أرسل اليهم شاعرا وفارسا .. نصح الشاعر أن يقول لين الكلام ويتيقظ الفارس للرد حسب نوع الكلام للطرف المقابل في المفاوضات .
سبب الاشارة إلى هذه الذكريات الحلوة ..ما اسمع واقرأ من صخب النقاش حول المفاوضات المقبلة بين واشنطن وبغداد .. وكاني اكرر قراءة ذات مشهد احزاب المعارضة العراقية عام 2002 وهي تناقش مستقبل جغرافية مغانم السلطة في عراق اليوم فيما كان زلماي خليل زادة يهندس مستقبل العلاقات الاستراتيجية بين هذه الاحزاب وإدارة البيت الأبيض .
وهكذا وفق حسابات عمنا هيغل تعود دورة التاريخ ولكنها كما يبدو قصيرة لاعادة صياغة هذه العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد ولكن هذه المرة لا يوجد شخص مثل الدكتور أحمد الجلبي الذي استطاع اقناع طهران فتح مكتبا للمؤتمر الوطني الممول من قانون ما عرف ب( تحرير العراق) وان تشارك فيه احزاب المعارضة العراقية الإسلامية الموالية لولاية الفقيه.
هذا الفارق الواضح والصريح بين ثلاثة عواصم( واسنطن - طهران- بغداد) يغيير الكثير والكثير جدا في معادلة هندسة إدارة مفاوضات استراتيحية مقبلة ربما بعد شهر أو شهرين ..
الجديد يتمثل في الغاء معادلة تحرير العراق لصالح نظرية الاحتواء التي جاء لها مارتن انديك عن محور الشر .. ودعم المحافظون الجدد في إدارة بوش الابن أن احتلال العراق يمكن أن يحقق هذا الاحتواء من خلال نشر ما عرف بالفوضى الخلاقة .!!
لكن سرعان ما افرزت المواقف والتحالفات لتنتهي إلى نموذج فج لمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة .
ولم ينتج عن تلك الفوضى الخلاقة النموذج الفريد من نوعه في الدولة الديمقراطية الموعودة في بيان مؤتمر لندن لاحزاب المعارضة العراقية !!
كل ذلك انتهى إلى ضياع حالة الاتفاق على هوية وطنية شاملة للدولة العراقية فهناك اكثر من تجاذب طائفي وقومي جعل الدولة مثل عجز نخل خاوي في مهب ربح عاصف .. وبلا هوية وطنية عراقية بامتياز تمثل المنفعة الشخصية والمنفعة العامة للدولة في عقد اجتماعي دستوري .
مثل هذا النموذج من ضياع بوصلة الهوية الوطنية العراقية بين تضارب مصالح الاحزاب المتصدية للسلطة .. تحتاج إلى تفاهم سياسي عراقي بامتياز .. وهو في هذه المرحلة من الأمور الصعبة بل والصعبة جدا .. مما يجعل فرضيات التوصل إلى نتائج مجزية للعراق في مستقبل علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية أقرب إلى الخيال أو مجرد قفزة في الهواء !!
النصيحة الوحيدة التي يمكن طرحها أن يخفف صخب تصريحات متعارضة تمنح واشنطن شعورا لانها تتعامل مع ( شبح دولة) .. فالصمت في مثل هذه الأحيان ابلغ رسالة لمواجهة تحديات فوضى غير خلاقة متجددة ..لا أعتقد أن عراق اليوم بحاجة إليها ولله في خلقه شؤون!!
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)