المقالات

اعانة الجائر في ايام الحصار الدائر


حامد البياتي

 

ليس من الاصول، عبارة وجملة، التاريخ يعيد نفسه، كما اجمع على ذلك علماء الاجتماع والسياسة والنفس والدين، وانما هي من قبيل ( رب مشهور لا اصل له )، والتاريخ واحسن قصصه، معبر ومعتبر ومحل العبر، وانما الاصل والثبات لفي السنن التي اجراها الله تعالى ومن اول الازمان، وخصوصا الصراع الدائم بين الحق والباطل وحتى الوقت المعلوم، والقران يدل على ذلك بآيته ( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )، فلهذا كان لفرعون موسى، ولعتاة قريش النبي محمد صلى الله عليه واله ووصيه علي بن ابي طالب عليه السلام، وليزيد، الحسين بابي هو وامي، وللعفالقة ومافيات الاجرام في كل عصر الاحرار والثوار٠

والحصار المسيس الذي يفرض اليوم، ليس جديدا، فقد دشنه غلاظ المشركين على اتباع الاسلام، حينما زجوهم في شعب ابي طالب شيخ البطحاء، وقاطعوهم، ومنعوا عنهم الطعام، وحرموا معهم المصاهرة، لكن المعجزة الالهية تدخلت وكان لها كلمتها الحاسمة، فارسلت حشرة لتاكل الصحيفة الباغية التي علقت في جوف الكعبة، فانحل الحبس عنهم  وتفتت٠

بينما الحصار الذي فرضه معاوية وجيشه على امير المؤمنين وعسكره ذا وقع خاص، حينما امسك عنهم الماء ليهلكهم بسيوف العطش، فشكى الاصحاب للامام قلة الماء، فقال لهم، اروا سيوفكم من دمائهم تروون من الماء، ولما كشفوا جيش الشام، قالوا، سنصنع بهم صنيعهم بنا، فقال عليه السلام، لااطلب النصر بالجور، فامر باخلاء قسم من النهر لاعدائه٠

وفي واقعة الحرة حينما حاصر الشهيد عبد الله بن حنظلة الراهب، الامويين، في المدينة المنورة عام ٦٣ للهجرة المباركة، واراد تصفيتهم ثأرا لواقعة الطف الكربلائية، كان مروان بن الحكم القاتل الاول للامام الحسين يرتعد خوفا وهلعا، فتوسل الى عبد الله بن عمر الذي تشده به حميم الروابط، ليودع عنده اهله وولده، فرفض بن عمر ولم يجيره، ففزع الى الامام السجاد عليه السلام ولاذ به فآجره الامام واحتضن اسرته، واخفاها عنده، وكان ينقلها من مكان لاخر طلبا لعافيتها وقالت زوجة مروان وهي تثني على فعله، لله دره لقد فاقت رعايته لنا رعاية مروان نفسه٠

وحصار ضربه نادر شاه في عام ١٧٤٣م على العثمانيين وقائدهم حسين باشا الجليلي في مدينة الموصل، وبعد ان طال عليهم واضر بهم العطش كثيرا، فارسل الصفويون الرقي ( البطيخ الاحمر ) اليهم والحرب قائمة بينهم ليرتوا ويطفئوا ظمئهم٠

وللصين حكاية طويلة مع الحصار الذي فرضته عليه الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية في منتصف القرن التاسع عشر من اجل نشر زراعة وتجارة الافيون، والتي رفضت اول الامر ولما تكاثف عليها الخطب، ارغمت على قبول هذه المعاهدة، ومن اثارها اصبح معظم شعبها مدمنا على المخدرات ومترهلا بعدما كان منتجا وصانعا ومعافى، وقد عانته مرة ثانية بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الحلفاء والوطنيين الصينيين انفسهم الذين اقتطعوا منها جزيرة تايوان واستقلوا بها بزعامة شيانج كاي شيك في عام ١٩٤٩م وكانت تحتل مكان الصين الشعبية العملاقة النفوس والارض في مجلس الامن حتى عام ١٩٧١م٠

وللحصار مع الايرانيين شأن طويل، فقد ذاقوه ايام الزعيم الوطني محمد مصدق الذي اراد ان يحرر نفط بلاده من قبضة الشركات الاحتكارية، ففرض عليه الحصار ولمدة سنتين ولم يرفع حتى اسقط عن الحكم وادخل في السجن ثم الاقامة الجبرية، وجدد مرة ثانية حينما خرج الشعب الايراني في ثورته الخالدة على الاصر والاغلال التي كانت عليه ومنذ عام ١٩٧٩ والى يوم ترامب هذا الذي ضاعف حلقاته وقيوده٠

وحتى الجزيرة الكوبية التي اسقطت حكم الديكتاتور فولهينسيو باتيستا في عام ١٩٥٩ بقيادة فيديل كاسترو سارعت الولايات المتحدة الامريكية بفرض الحصار لجراتها وخروجها عن طاعتها٠

لقد راينا صورا وحلولا مختلفة لكثير من الحصر التي اجراها المتكبرون، والولايات المتحدة على راسهم، حيث فرضته ومازالت على كل الدول التي تمنعت عليها ولم تجاري سياساتها، وهي ماضية وبكل وقاحة في هذا السبيل  الوحشي، ولكن حينما اصابها فيروس كروونا وافقدها توازنها وعرى مؤسساتها الطبية الهزيلة والهشة امام العالم، وظهرت للدنا انها اشبه بمؤسسات العالم الثالث او دونها بكثير، بدات تتوالى عليها المساعدات الطبية من قفازات وكمامات والبسة تمريض وادوات تعقيم من دول كانت عرضة لحصارها ولسنين ومازالت، كروسيا الاتحادية وفنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وحتى ايران التي تعاني الكثير من ازمتها العاصفة ابدت رغبتها لتقديم يد العون٠

وباختصار شديد، لاحتمية جبرية ولا تاريخية في عالم الانسان وروحه واخلاقه، ولو صحت لوقفت حياتنا ترواح مابين الكهوف والدهاليز وما كنا اختلفنا عن النحل الذي ومنذ ان خلقه الله والى يومه هذا يبني بيتوتا سدادسية لحفظ العسل ولم يطورها الى سباعية او يخفضها الى خماسية٠

ان الانسان الحكيم البصير هو من يحسن قراءة التاريخ جيدا حتى يحسن قراءة المستقبل٠

قال تعالى في كتابه المجيد ( فلن تجد لسنة الله تبديلا )٠

صدق الله العلي العظيم٠

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك