عبدالزهرة محمد الهنداوي
مشكلاتنا (المصائب) لا تأتي فرادى ، انما تأتينا مجتمعة ، ولعل هذا الاجتماع هو الذي يجعل من الصعوبة مواجهتها ، من باب : تأبى (المشكلات) اذا اجتمعن تكسرا .. ، ولذلك فان كل الحلول تذهب بعيدا ، فيما تبقى مشكلاتنا تنمو وتكبر ، مثل كرة الثلج ، عكس ما هو معروف ، ان كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر ، الا المصائب تبدأ كبيرة ثم تتضاءل حتى تتلاشى !! .. وكلما اعتقدنا اننا تجاوزنا مشكلة من تلك المشاكل ، حتى تفاجئنا مشكلتان او ثلاث او اربع مشكلات تأتينا دفعة واحدة ، فيرتبك الوضع وتتداخل الاوراق وتتلاشى الحلول ، وهنا ، كيف يمكننا ان نفكك المشهد ، لنجزيء المشكلات ، ومن ثم البحث عن الحلول والمعالجات لكل واحدة منها ، الصعوبة في هذا الامر ، تكمن في ان المشكلات تتداخل فيما بينها ، حتى لتبدو كأنها جسم واحد ، (سياسيا ، امنيا ، اقتصاديا ، صحيا ، اجتماعيا" فنحن في الوقت الذي كنا منهمكين في الملف السياسي ، وما وصلت اليه عملية تشكيل الحكومة الانتقالية من نهايات شبه مسدودة ، بعد الاخفاق في تشكيل هذه الحكومة ، وما ترتب على هذا الاخفاق من تداعيات خطيرة ، اقلها الدخول في فراغ تتفيذي ، عزز هذا القلق ، وجود زوايا حادة قد تعرض العملية السياسية برمتها الى خطر التقطيع ، فوق حواف تلك الزوايا ، فقبل ان نفيق من تداعيات الازمة الحكومية ، وبين ليلة وضحاها ، باغتنا "فيروس كورونا" القادم بقوة من الصين ، من دون سابق انذار ، وخلال ايام قلائل تمكن هذا الوافد من تقطيع اوصال الوطن ، وزرع الهلع في النفوس ، وكأنه (ابو طبر) جديد ، يدخل بيوت الناس خلسة ليقضي عليهم بصمت ، من دون رحمة ، وهنا قد يكون حالنا اهون مما عليه حال دول اخرى ، اعلنت استسلامها امام كورونا ، على الرغم من صعوبة الظروف التي يواجهها العراق ، بلحاظ ان الرئيس ترامب أعلن حالة الطوارئ في امريكا ، فيما اعتبرت منظمة الصحة العالمية ان اوربا باتت المحور الرئيس لهذا الفيروس الغريب ، وهناك من يتحدث عن انهيار كامل للنظام الصحي في إيطاليا ، وبلدان أخرى ذات أنظمة صحية متطورة جدا ، ولكن ، ان الذي عقّد المشهد ، وزاد من مناسيب القلق عندنا ، هو ذلك الانهيار المفاجيء لاسعار النفط ، متأثرا بانتشار كورونا ، وتراجع مشتريات الصين النفطية وفشل أوبك في الاتفاق على تخفيض الإنتاج للمحافظة على الأسعار ،في إطار الحرب الناعمة غير المعلنة بين واشنطن وبكين وصراعهما على قيادة العالم سياسيا واقتصاديا !! ، ومما لاشك فيه ان انخفاضا مفاجئا للاسعار ، في ظل ازمات اخرى سيؤدي الى تداعيات ليست سهلة ، تتطلب اتخاذ اجراءات حازمة وصارمة لتجاوز الأزمة متعددة الرؤوس ، باقل الخسائر ، ومثل هذه الاجراءات تستدعي وجود حكومة قوية ، قادرة على ضبط ايقاع ومسارات الاحداث ، اذن ما العمل ونحن ازاء حكومة مستقيلة ، مهمتها تقتصر على تصريف الاعمال ؟ ، اكيد ، ان الحل يكمن في انهاء حالة التداعي السياسي وتسمية الحكومة الجديدة ، واذا تعذر ذلك ، فالابقاء على الحكومة المستقيلة ، يعد اضعف الايمان ، لتجاوز عنق الازمة ، التي تفاقمت بنحو ملحوظ بعد الاعتداءات الامريكية غير المبررة على عدد من المواقع العسكرية والامنية والمدنية في مناطق مختلفة ، مع وجود شكوك وكلام غير مؤكد ان الصواريخ الامريكية التي استهدفت تلك المواقع كانت تحمل موادا جرثومية ، ربما تسبب لنا ازمة او مصيبة جديدة لاتقل خطرا عن "كورونا"، ويأتي العدوان الامريكي هذا ، في ظل قراءات وتحليلات امنية تحذر من احتمال عودة داعش الى الظهور مرة. اخرى بصيغة مختلفة !!..
إذن نحن ازاء سلة من المشاكل المترابطة مع بعضها ، ما يجعلها ثقيلة الوطأة ، وستكون اثارها وخيمة على الوضع العام في البلد .. وأساس الحل لهذه المشاكل المتحالفة ضدنا ، هو وجود حكومة قوية قادرة على اتخاذ قراراتها ، بما يتناسب وحجم كل مشكلة من المشاكل ، بعيدا عن التأثيرات الخارجية ، والمصالح الفئوية الضيقة ، فعلى الأقل ، تفكيك ، المشاكل الممكن تفكيكها ، وتاليا توحيد الجهود ، لمواجهة خطر كورونا ، ومعالجة المشكلة النفطية ، عبر البحث عن حلول تقلل من وطأة هذه المشكلة الكبيرة .، وكل ذلك يستدعي ، تخلي الطبقة السياسية المتصدرة للمشهد ، عن خلافاتها واختلافاتها ، وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على كل شيء ، قبل ان تفلت الزمام ، وعند ذلك لات حين مندم ...
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)