المقالات

رسالة الأربعاء"/ التعلّق بالمستقبل


د.أحمد جمعة البهادلي

 

"ظاهرة التعلّق بالمستقبل" قد تعبّر عن الماضي بكلما فيه من أخطاء وصعوبات وضياع فرص وينطوي على المسير نحو المستقبل بإرادة التجاوز عن سيئات الماضي وتصميم على العبور للمستقبل بذهنية جديدة وإرادة حديديّة تصنع ما عجزت عنه بالماضي وتتوجه بعناصر الشخصية كلّها نحو التكامل واستثمار الفرص بما يحقق لها التكامل روحياً وفكرياً ونفسياً وأخلاقياً وينعكس تطبيقاً

وعملياً على بناء الشخص والمجتمع والدولة..

هذا النوع من التصميم العازم على احداث الفوارق في بناء الذات وتحقيق التطورات التي تتجاوز اخطاء الماضي وتبلغ أهداف المستقبل معناه انه سائر في الطريق الصحيح ومما ورد بالحديث "من كان يومه خيرا من امسه فهو رابح. ومن كان يومه مثل امسه فهو مغبون. ومن كان يومه شرّاً من امسه فهو ملعون"..

المسير نحو المستقبل لا بد ان يتجاوز أخطاءً ويحقق صواباً بتواصل مستمر ليكون مصداقاً لما ورد "وأن تجعل خير أمري آخره، وخير أعمالي خواتيمها، وخير أيامي يوم ألقاك".. وعقد المقارنة بينما هو عليه الانسان في يومه مقارناً عمّا كان عليه في أمسه يكشف عن مدى صحة أو سوء سيرته كما يعكس مدى جديته ببناء نفسه ومن يقع تحت طائلة تأثيره..

عندما يكون التعلق بالمستقبل باتجاه بناء الانسان بتدارك أخطائه والرجوع عنها وتحشيد عوامل الخير والصواب لتبنيّها تكون نظرته نظرة بناء وسعيُه سعيَ جدٍّ أما النظرة الخيالية للمستقبل والحالمة لتحقيق أهدافٍ لا جديّة فيها  فهي ليست الا هروباً من واقعه المر ولو كانت بظاهر تصميم على تجاوز خطاً أو إنجاز صواب.. وهو ما يرد عادةً على الالسن "الهروب الى الأمام"!!..

فالدول لا تُبنى بالشعارات ولا تتقوّم بالإدّعاءات بل بالجد والمثابرة وتكريس خيرة القابليات ممن عُرفوا بالعطاء  والتفاني..

فنّ صناعة المستقبل يستلزم التوفّر على جملة عناصر منها الارادة وحسن النية واستحضار الاخطاء والبحث عن الصواب البديل بجدية وعدم الاستهلاك بالماضي لتكون هذه العناصر وغيرها بوابة الغد المأمول الذي يحقق ما يحلم به الانسان..

ربما تكون الكثير من أمم العالم حَلَمَت في تاريخها ان تصنع مستقبلاً مشرقاً لا تشوبه شوائب الفساد ولا تعوزه لوازم

الإنجاز لكن الكثير منها عجزت عن تحقيق ذلك!!..

فما الذي أوصل ما أوصل أمماً وعاق ما عاق أمماً أخرى!!.. فالأحلام لوحدها لا تصلح أن تحقق كلّ ما يحلم به أصحابها ما لم يقرن بالعمل ويكابد لأجل تطبيقه وصدق المتنبي وهو يقول:-

"ما كل ما يتمنى المرء يدركه

‎"ُتَجري الرّياحُ بما لا تَشتهي السَفَن

وهو ما يميّز الأحلام المشروعة الواقعية عن غيرها من أحلام اليقظة!!.. التي لا نصيب لها من التحقق غير انها تريح الحالم بها وهي لا تمثّل الا نوعاً من انواع الهروب من واقعه المرّ الذي لا يقوى معه على تجاوزه وصناعة البديل المأمول..

عموم العظماء بالعالم تعرّضوا لأنواع الفشل على أكثر من صعيد مما يميّزهم بالنجاح هو إصرارهم على تحقيق ذلك وعدم استسلامهم للفشل وبذلك يكون

التوجه نحو المستقبل عبارة عن تصميم وعزم لتحقيق ما لم يحققوه سابقاً وفعلاً قد وصلوا لما لم يصلوا له سابقاً!! هذا يقال على الصعيد الفردي والصعيد المجتمعي.. فمجتمعات الارتقاء بالعالم كان الخط البياني لطريقها متعرجاً تخللته محطات صعود وهبوط غير أنّ الذي ميّزهم عن غيرهم هو الإصرار على صناعة النجاح رغم طول الطريق وكثرة ما فيه من العقبات والخسائر ..

قدرة الأمم على بناء حاضرها وصناعة مستقبلها وصون مصيرها يتوقف على ارادتها بغض النظر عن التحديات وطول الطريق.. 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك