واثق الجابري
مؤلم جداً أن تسمع بعض الأصوات، وهي تحاول الضغط على رئيس الوزراء المكلف، الى آخر لحظة، وهي على يقين أنه لا مجال سوى تمرير التشكيلة الحكومية، سيما مع إنحسار الخيارات، وإقتراب تلاشي الحلول، ولا طرف بمأمن سياسياً كان أو إجتماعياً، وإن كانت خيارات صعبة أفضلها مُر.
الطريق ليس معبداً أمام رئيس الوزراء القادم، سواء في إختيار الشخصيات الوزارية، أو في تطبيق البرنامج، أو إرضاء المتظاهرين، وسوف يُعترض على الوزراء وتسجل ملاحظات على الحكومة، سواء كان الكلام واقعي أو إفتراضي، والمشكلة هي وجود أكثر من طرف، وعدم تجانس الأفكار، بل منها يخالف الواقعية، لأغراض شخصية أو حزبية أو من تدخلات خارجية.
عدم تجانس الأفكار سواء شعبية أو سياسية أو في ما بينهما، سيجعلها تتصرف بعيداً عن المحاكمة العقلية، منفعلة عاجزة، وينعدم الرأي الشخصي، في ظل التأثير الجماعي، الذي يسوده النقد والمبالغة في العواطف والمشاعر، وهذا ما يعطي إنطباعاً متذبذباً حول القبول والرفض، فإما يقبل أو يرفض جملة واحدة، وهذا ما سيضع رئيس الوزراء أمام خيارات ضيقة، وفي أية لحظة يمكن توقع الرفض الشعبي أو السياسي.
ما تزال بعض القوى أما رافضة لتكليف علاوي، أو ضاغطة للحصول على مكاسب، وبنفس الوقت من المتظاهرين من يرفض علاوي، وآخر يطرح شخصاً آخر، وغيره يرفض الطرفين، ورابع يرفض كل ما يطرح، وهذه أيضاً سنعكس على القوى السياسية، ومنها من سوف يجامل الطلبات وأن كانت غير واقعية، وغيره سيخدمها للضغط على الحكومة من أجل الحصول على تنازلات، وبالتالي مكاسب حزبية او مناطقية.
إعطاء الثقة لحكومة قادمة، هي بداية الطريق للعد التنازلي لإجراء الإنتخابات المبكرة، وبذلك تحقيق لغايات التظاهرات الشعبية، والإنطلاق نحو تغيير الطبقة السياسية ومحاربة الفساد والشروع بعمليات الإصلاح، بعد الإعداد الجيد من النخب المجتمعية، وتنظيم نفسها، والعمل على نشر الوعي الإنتخابي، لضمان المشاركة الفاعلة، التي بإستطاعتها تغيير المعادلة.
إن أصرار بعض القوى على حصص حزبية، وتعدى ذلك الى مطالبات بوزارات بعينها، جعل من المكلف محمد علاوي، من التصريح، أنه في حال عدم حصول الحكومة على ثقة البرلمان، فهذا معناه أن بعض القوى تصر على المحاصصة دون تنازل، وستحاول إفشال تشكيل الحكومة، ومهما كان الثمن، وأما القوى التي تؤيد وستصوت للحكومة، فإنها تدرك أن هذه الحكومة هي ليست أفضل الحكومات، ولكن على الأقل أفضل الخيارات للذهاب للإنتخابات المبكرة.
ليس من مصلحة العراق تأخير تشكيل الحكومة سياسياً وشعبياً، فالقوى السياسية مهددة بتظاهرات أشمل في حال إصرارها على المحاصصة وعرقلة تشكيل الحكومة، وشعبياً تعطيل الخطوات الأولى للشروع بالإعداد للإنتخابات المبكرة، وبذلك يكون الإصرار على الرفض والتصعيد، مدعاة شكوك، من أطراف قد تحسب نفسها على التظاهر، وهي تعرقل الوصول الى الحلول المفصلية بإجراء الإنتخابات، ولكن ذلك لا يمنع أن تعمل القوى السياسية على مراقبة العمل الحكومي ودعم نجاحها، ومن جانب التظاهر السلمي، مراقبة الحكومة وتحديد سقوف مطالب معقولة، تكلف بها الحكومة، وتترك الملفات الكبير لحكومة دائمية تنتجها الإنتخابات المبكرة.
ستواجه الحكومة صعوبة وسعياً جدياً لإسقاطها، وهي عانت العرقلة قبل تشكيلها، وستعاني التسقيط بعد ذلك.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha