الشيخ ضياء البصري
يعتمد نظام السنن التاريخية على عدة اصول يختلط فيها الاختياري بالاضطراري تبعا للاحداث والمواقف فلكل حقبة تاريخية ثمة مفتاح ترتبط به تجليات تلك الحقبة وتحولاتها الحركية بحيث يستدعي هذا المفتاح كل الافرازات التاريخية على مستوى المجتمع والسياسة والدين ويكون مابعده ليس كما قبله وهذا ماشهدناه من تحولات بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران حيث كان الامام الخميني هو المفتاح الذي افرز حركية جديدة للتاريخ فاحدث انقلابا على كل المستويات السياسية والمجتمعية والدينية لازالت تأثيراتها محسوسة الى الان .
اما فيما يرتبط بالمشهد العراقي فان ظاهرة الشهيد محمد الصدر قدس سره احدثت تحولا كبيرا وافرزت قوى وتيارات وجماعات على المستوى البشري كما افرزت معالم وتجليات متجددة على المستوى السياسي والديني وهذه الافرازات كان لها اكبر الاثر في تكوين وبنية المشهد العراقي منذ شهادته قدس سره وحتى الان فلو لم تكن ظاهرة الشهيد الصدر موجودة فمن البديهي ان نعيش اليوم واقعا مختلفا تماما عما حدث بعد الاحتلال الامريكي للعراق بل ان تدخل امريكا المباشر في العراق كان سببه شعور المخطط الامريكي بإفلات زمام الامور من يد الطغمة الصدامية الحاكمة وضعفها امام المد الجماهيري الذي شيد اركانه الشهيد الصدر بتصديه لتثقيف المجتمع وقيادته في احلك الظروف واصعبها.
مانعيشه اليوم من انعكاسات وظواهر تتمثل بالبعد المقاوم وحتى على المستوى السياسي والجماهيري هو تجلي حقيقي وافراز طبيعي من افرازات المرحلة الصدرية نعم ثمة اختلالات ربما اصابت الكثير من انجازات تلك المرحلة بسبب غياب المربي الحقيقي للمشروع الصدري الا انها بقيت هي الظاهرة السائدة والمؤثرة في بنية المشهد العراقي ولعل ذلك يعود لعدة اسباب منها:
ان الظاهرة الصدرية جاءت في ظروف عقيمة فشكلت صدمة ارتدادية للضمير الجمعي العراقي مما اعاد المجتمع الى عمقه الديني والانساني.
انها جاءت محملة بمظاهر الصدق والاخلاص لله تعالى لذلك شكلت مفتاحا لحركة التاريخ وسننه التكوينية وخلقت اوضاعا جديدة تنسجم مع روح المجتمع وجوهره وحياته.
انها توجت جهود كبيرة ومضنية للعلماء الشهداء امثال الشهيد الصدر الاول وراكمت انجازاتهم بشكل عملي انتج ظاهرة جماهيرية اثرت في الاحداث اللاحقة بشكل ملحوظ.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha