المقالات

المواقف الدولية والاستهانة بالقيم الدبلوماسية


عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

تعودنا في حياتنا سماع الكثير عن الكلام الدبلوماسي والمواقف السياسية، وبرزت الدبلوماسية بين الأمم والدول منذ القدم، كوسيلة للتفاهم والاتصال؛ وذلك نظراً لحاجة المجتمعات إليها، باعتبارها مفتاح العلاقات الدولية التي تتداخل فيها المصالح، ولا يستغني فيها أحد عن غيره،وفي المقابل تكلم الكثير عن المبادئ والثوابت، ولعل الكثير منا أصبح يتساءل عن هذين المصطلحين، وشعر البعض بتخبط ولا يجد جواباً لهذه الحالة التي تنتابه ومن هنا فقد تم طرح بعض المفاهيم لكي تتلائم مع طبيعة العلاقات الدولية وسميت ( التمثيل الدبلوماسي )وهو اسلوب للوصل والاتصال ويعالج الدبلوماسيون القضايا عن طريق تحليل المصالح الوطنية كجزء منهجي وهي صفة تخص التمثيل السياسي للبلاد، وتصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية وأساليب التعامل السياسي بينَ الدول لتستفيد منها في التعامل والتعاون وادارة علاقاتها الرسمية ضمن سياق النظام الدولي علها تؤثر بشكل ما في توازن هذا النظام والتي يمكن من خلالها التوفيق بين مبدأ عدم التدخل ومبدأ السيادة والتي تتطلب الذكاء والكياسة في الحوار والنقاش والاقناع لحل الخلافات   وايجاد تقنية لإدارة الأزمات في حقل العلاقات الدولية بصفتها وسيلة ترتكز على مقومات قانونية لغرض احتواء المشاكل.

اصبحت العلاقات الدبلوماسية وفق هذا المفهوم عملية سياسية مستمرة بين الدول ويعرف السفير بأنه الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج لتوظّيفها بشكل رسمي في تنفيذ سياستها الخارجية وفي إدارتها لعلاقاتها بالمقابل مع غيرها من الدول والأشخاص و مرتبطة بالأهـداف، ولم تعد تقف عند العلاقات الثنائية بين الدول، بل امتدت لتشمل اتصالات الدول بالمنظمات الدولية والإقـلـيـمـيـة وغيرها من المؤسسات والوحدات السياسية في المجتمع الدولي.

وقد ضمنت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 وهي اتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم كالحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.

 وقد ابرزت وقائع ماسميت ب" الربيع العربي " مفاجأة للقوى الدولية بناءً على مراقبة سلوك هذه القوى تجاه ما يحدث في الدول التي اندلعت فيها تحركات في البداية حيادها مع مراقبتها لما يحدث حتى يتم الوصول إلى نقطة معينة في تغيير ميزان القوى على الأرض، حينها تغير هذا السلوك بالكامل.

مثال على هذا، تغيُّر الخطاب السياسي الأوربي والأميركي تجاه بعض القادة العرب بعد ان ضعفت ووهنت حكوماتهم و حالما بدأت موازين القوى تتغير على الارض ، وعلى العموم فإن من بين العوامل المحددة لتغير سلوك القوى العظمى مدى الأهمية الجيوبوليتيكية للدولة المعنية، وأيضًا مدى أهمية هذه الدولة للاستقرار الإقليمي، وأخيرًا قوة النظام واحتمالات مقاومته للثورة وبقائه. والأهم هي وضوح ازدواج موقف القوى العظمى تجاه اي التغيير بناء على مكان حدوثه ومدى مصالح القوى العظمى المرتبطة بنتائج هذا التغيير.

ان كل سياسة الدول الاوروبية  والغرب عمومًا، لا تعطي اهتمامًا لقضية الديمقراطية ونشرها في الدول النامية بقدر ما تعطيه من اهتمام للاستقرار الذي يحافظ على مصالحها فقط وبأي شكل من الاشكال مما يؤكد الارتباط بين هذه الدول وحلفائها الغربيين بالكثير من الأنظمة الديكتاتورية والشمولية، بل أكثر من ذلك، حيث كانت تظهر على الساحة الكثير من التبريرات لتلك العلاقات بعد تجرد هذه الدول من الخلق الدبلوماسية والتدخل في شؤون تلك الدول للهيمنة وزيادة التوترات وشحنها اما مباشرة او عن طريق وكلائها متناسية من ان الدبلوماسية علم يتداخل فيه العديد من العلوم الأخرى متمثلة في القانون الدولي و الاخلاق الدبلوماسي و كافة أساليب إدارة العلاقات الخارجية و تتضمن أصول الدبلوماسية مسارات التفاوض بين الحكومات و الدول على مختلف الأصعدة  و مناقشة الأمور و المصالح ذات الاهتمامات المشتركة سواء كانت مصالح تجارية أو سياسية أو ثقافية ،ولها وجهان، فهي الوسيلة التي تدافع بها الدولة عن نفسها وتشكو من خلالها همومها إلى العالم، وهي أيضاً إحدى الوسائل الأساسية للتوفيق بين مختلف المصالح المتنافسة بمعنى آخر، تهدف إلى تلبية أهداف الدولة المعنيّة مع حفظ العلاقات الدولية كما هي، أي أنها الأداة التي تستخدمها الدول للوصول إلى أهدافها دون إثارة عداء الدول الأخرى.

على الدبلوماسيين أن يحافظوا على حماية مصالح دولهم في حسن الأخلاق والسيطرة على العواطف والمشاعر وهي المفتاح الأساسي في الشخصية الدبلوماسية ويتجنبوا خلق النزاع مع الدول الأخرى والخروج عن القيم كما فعل السفير البريطاني روبرت ماكيير في الجمهورية الاسلامية الايرانية مع الاسف في عملية مدانة للسبل المتبعة تعجرفاً واستهتاراً والتسلل داخل المجموعات المعترضة وهو يحرض البعض من الذين شاركوا في مراسيم تجمعات التأبين في الجامعة حيث اُضيئت الشموعُ وتمّت قراءةُ سورةِ الفاتحة وتم ترديدُ قصائدِ المراثي على اروحِ الضحايا مجددين المطالبةَ بمعاقبةِ المتورطين  بعد فقدان عدد من زملاءهم ومن ابناء وطنهم اثر الحادث المفجع بسقوط الطائرة الاكروانية وعدد اخر من دول اخرى وتُسَول للبعض انفسهم العبث والتحريض لتهيج الشارع اثر سقوطها واستهدافها خطائاً ووفاة كل افرادها وهذا التصرف بعيد عن العرف الدبلوماسي و لا يتناسب اطلاقاً مع مسؤولياتِه كممثل سياسي عن بلده التي يجب ان يستفاد منها لحفظ العلاقة بين البلدين وتم القاء القبض عليه بالجرم المشهود والتسلل بين المشاركين دون اذن وبسببِ سلوكِه الغيرِ المألوفِ وحضورِه في تجمعاتٍ خلافاً لكل الاصول المتبعة في العلاقات التي نصت علية اتفاقية فيينا عندما تعطي المزايا هذه والحصانات!

  ليس غرض تمييز الافراد بل تأمين أداء البعثات الدبلوماسية لأعمالها على أفضل وجه كممثلة لدولها ولغرض توطيد العلاقات لا من اجل تشنجها ، وتؤكد أنه يجب أن يستمر تطبيق قواعد القانون الدولي التقليدي في المسائل التي لم تفصل فيها نصوص هذه الاتفاقية صراحة.

بل لتهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها. لتشمل سبل و أنماط التعاون الأخرى بين منظمات المجتمع المدني و رجال الأعمال و القطاع الخاص و الشركات العابرة للقارات و لتمتد صور التعاون تلك على اوجه واسعة من مستوى العمل الدبلوماسي في جميع أنحاء العالم.

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك