المقالات

المنشآت الدبلوماسية متساوية .. وإتفاقية فيينا واحدة‎


فؤاد المازني

 

الحدث الذي وقع اليوم يحتاج إلى وقفة وإلى دراسة و تقييم ومراجعة من كل الجوانب على الصعيد الحكومي الرسمي وعلى صعيد بعض أصحاب القرار  وكذلك على صعيد المسؤولين السابقين والحاليين ورؤساء بعض الكتل السياسية وحتى على صعيد الحراك الشعبي ، فعدم وضوح الرؤية الحكومية لإدارة الدولة العراقية من قبل الأحزاب والكتل  السياسية وغياب الكفاءات الوطنية لإدارة الدولة وتقاطع المصالح الشخصية والفئوية الضيقة وتفشي الفساد في مفاصل الدولة لا يعني الخلط المتعمد في المعايير الدولية والإزدواجية في التعاملات الدبلوماسية فهذه تعبر بشكل واضح عن الغايات الممنهجة لجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية والتي لا تأخذ بعين الإعتبار إلى المستقبل المجهول التي ينتظر العراق وشعبه  .

مما لا شك فيه أن الأعراف الدبلوماسية تقتضي من الدول الموقعة عليها أن تولي إهتماماً بالغاً للسفارات والقنصليات الموجودة في بلدانها وتعتبر حرمة التعدي عليها من الواجبات الأساسية المناطة بالبلد المضيف ، كما وأن البعثات الدبلوماسية تكون محط إحترام وتقدير عال ووجوب التأمين على حياة أفراد السلك الدبلوماسي من لحظة دخولهم للبلد وإلى حين مغادرتهم ويتمتعون بحصانة ماداموا يزاولون نشاطهم المتعارف عليه داخل البلد المضيف .

هذا هو السائد والمتعارف عليه.. لكن !! التساؤل المطروح أنه وعلى مدى الأعوام الماضية تعرضت عدة قنصليات لدولة محددة بالذات إسلامية جارة للعراق وهي جمهورية إيران الإسلامية إلى التعدي الصارخ من قبل مجاميع ضمن حراكات شعبية غابت هويتها الصريحة في معظم الأحيان بالرغم من أن العلاقات التي تربط البلدين أبعد من الأطر الدبلوماسية حيث توجد حدود جغرافية أكثر من ألف كيلو متر تربط بينهما وكذلك روابط ووشائج إجتماعية وعشائرية ومنافع إقتصادية متبادلة  إضافة إلى المشتركات الدينية والعقائدية والمذهبية ، إلا أن الوقائع تشير إلى تعدي صارخ على حرمة العديد من القنصليات الإيرانية وفي العديد من المحافظات ولأكثر من مرة وتصل إلى إختراقها والعبث في داخلها بل إلى حرقها عدة مرات  وتدميرها تدميراً كاملاً  ومع هذا الفعل المشين والمستهجن والمرفوض لم نلاحظ هيجان معظم الساسة الحكوميين والمسؤولين إلا النادر والقليل منهم يطلقون تصريحات باهتة لا طعم ولا لون فيها ولا رائحة وربما إعتاد البعض على سماع أو مشاهدة هذا الحدث فينظر له نظرة عابرة  غير متأسف على حدوثها .

بعد تمادي الولايات المتحدة الأمريكية في التعدي على سيادة البلد وإستقلاليته والتدخل السافر في جميع شؤونه الداخلية وحتى سياسته الخارجية  ومحاولات تقويض وتحجيم وإلغاء تشكيلات الحشد الشعبي  أحد أهم مفاصل القوات العسكرية في البلاد ومهاجمة وضرب أحد التشكيلات المرابطة على الحدود العراقية السورية مما تسبب بإستشهاد كوكبة تضاف إلى شهداء العراق وجرح آخرين وتدمير البنية العسكرية في ذلك الموقع  ، وكرد فعل لهذا العمل الجبان إستنكرت جموع من الشعب وتوافدت نحو السفارة الأمريكية للتعبير عن سخطها وإستنكارها وشجبها لهذا العدوان بإعتبار هذه السفارة تدير جميع الفعاليات العدائية للعراق وللمنطقة  ،  حصل مالم يكن بالحسبان ولم تتوقعه الأذهان فالوقائع مبهمة ومتشابكة تنم عن ضياع من جانب وخيوط مؤامرة من جانب آخر  وإزدواجية في المعايير ...  تهافت بعض المسؤولين وعلى أعلى المستويات والمناصب سراعاً الى السفارة ترافقهم عناصر مدججة بالأسلحة والمعدات لمنع المتظاهرين من الوصول للسفارة  ، وبعض المسؤولين السابقين واللاحقين أرادوا بشتى الطرق أن يوصلوا أصواتهم المبحوحة بإستنكار التعدي على السفارة ووصفها أحدهم بأنها وصمة عار على الحكومة إن حصل ذلك ولكنه غض الطرف في السابق عن حرق القنصلية الإيرانية لعدة مرات والآن عميت بصيرته عن سقوط الشهداء والجرحى من أبناء جلدته ، وبعضهم من هم مشاركين وفاعلين في صنع وإتخاذ القرار الأمني ولكن جل مافعلوه  الخروج مع المتظاهرين لحسابات مستقبلية سياسية  ،  والبعض الآخر لا هو مع هذا الطرف ولا مع ذاك  فرسالته تجامل هذا وتربت على كتف ذاك وهمه الوحيد الحفاظ على مكتسباته هو وكتلته الصماء البكماء ،  وحتى ساحة الإعتصام الرئيسية في العاصمة أعلنت البراءة ممن وصل إلى محيط السفارة الأمريكية!!!  ووسائل الإعلام تموج في نقل الأحداث ورسائل الشجب والإستنكار لوصول المتظاهرين إلى محيط السفارة السيئة الصيت وتخون علناً من سهل الوصول إليها وكأنها هي الدولة والمحتل من يحيط بها 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك