المقالات

مقتدى الصدر اخطر عراقي على العراق


الدكتور فخري مشكور

يتساءل البعض عن السبب وراء التركيز - في مقالاتي الاخيرة - على مقتدى الصدر من بين باقي السياسين في هذا الظرف بالذات، وهو تساؤل مشروع بحاجة الى جواب مختصر (في هذا الظرف ايضاً)، قبل أن تجيب عليه الايام بالتفصيل (في المستقبل القريب). 

لذلك لابد من القول باختصار:-

صحيح ان كل السياسين الكبار (بما فيهم مقتدى) فاسدون ، وكلهم (بما فيهم مقتدى) يقدمون مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية ، وكلهم (بما فيهم مقتدى) يضحون بكل شيء من اجل المناصب والمكاسب، وكلهم (بما فيهم مقتدى) استعانوا ويستعينون بالبعثيين لتحقيق اهدافهم، وكلهم (بما فيهم مقتدى) يقدّمون رابطة العائلة على رابطة الشعب والوطن، وكلهم (بما فيهم مقتدى) يختارون للمسؤوليات الكبرى من يواليهم ولو كان أمّياً، ويرفضون غيره ولو كان كفوءاً...وباختصار: كلهم (بما فيهم مقتدى) رؤساء عصابات تفترس العراق لتقتسم خيراته، وهم مختلفون مع بعضهم في كل شيء تقريباً، لكنهم جميعاً متفقون على التستر على فساد بعضهم البعض، لأن كشف فساد أي طرف يجر بالضرورة الى كشف فساد الباقين.

تلك هي الصفات العامة لجميع الزعماء السياسيين (بما فيهم مقتدى) ولا يخرج عن هذه القاعدة الا النزر اليسير الشاذ النادر الذي لايقاس عليه.

لكن مقتدى - الذي يتفق معهم في كل هذه الصفات- يتفوق عليهم بصفة اضافية هي:

انه اخطر منهم جميعاً، ...وذلك للاسباب التالية:-

1- ان مقتدى يتصدى للافتاء كمرجع، وهو بهذا يتفرّد ويتميّز عن باقي السياسيين الفاسدين والقتلة. مقتدى يمهد لسلطانه المطلق لا باعتباره سياسياً مثل باقي السياسيين، بل باعتباره كياناً مقدساً يجب على الشعب والحكومة والبرلمان والقضاء الامتثال له، وان نقده خط احمر، ومن يعترض عليه يستحق القتل شرعاً، لأنه مرجع ديني واجب الطاعة ومنصوب من قبل الامام المعصوم وله صلاحيات الامام المعصوم! وهو لا يتدخل في السياسة لأن مقامه أرفع من ذلك، لكن اذا تطلب الامر نزل من عليائه المقدسة ليصحح المسيرة ثم يرتفع مرةً اخرى الى منزلته السامية...

إنه مرجع ديني! له صفة علوية ملكوتية! وهذا ما لم يدّعه غيره من القادة السياسيين الارضيين الذين يأكلون الطعام ويمشون في الاسواق... صحيح ان هناك من القادة السياسيين من يلبس مسوحاً دينياً مقدساً بسبب الانتماء لعائلة مرجع، او الاتكاء على فكر مرجع، او المتاجرة  بجهاد الاطهار الذين سبقوه ...الخ، لكن ايّاً من هؤلاء لم يتحول بنفسه الى مرجعية مقدسة لها صفة  ميتافيزيقية مستمدة من الدين. والدليل على ذلك ان أياً من الزعماء السياسيين الذين استخدموا الدين للفوز في الانتخابات اوتسويق انفسهم لبعض الدهماء لم يدّع لنفسه المرجعية ولم يتصدَّ للافتاء، انما ادّعى دعمَ المرجعية له.... وشتّان بين ادّعاء المرجعية، وادّعاء دعم المرجعية.

2-ان أتباع الكيانات السياسية الاخرى يعرفون حقيقة قياداتهم، وهم مرتبطون بها ارتباطاً نفعياً مصلحياً وليس عقائدياً دينياً، وذلك من اجل وظيفةٍ او بطانيةٍ، او تزكيةٍ تحميهم من تبعات انتماءاتهم السابقة....الخ، مما يجعل حياة هؤلاء الزعماء مرتبطة ببقائهم في السلطة، فاذا خرجت السلطة من ايديهم انفضّ عنهم المؤيدون وانتهت دورة حياتهم الدينية كما تنتهي دورة حياة الحشرات و الديدان، واختفوا من مسرح الاحداث..

اما اتباع مقتدى فهم يرون مقتدى الصدر كائناً مقدّساً وقائداً معصوماً، له حقوق وليست عليه واجبات، وهم يضحون من اجله بكل شيء دون ان يطلبوا منه أي شيء، لانه مرجع ديني يفتي لهم بما يشاء كيف يشاء، وعليهم ان يعظّموه ويخضعوا له ويطيعوه عبادةً وتقديساً...قربةً الى الله تعالى، لانه متصل بالغيب، وهو يلتقي بالمهدي، وتظهر صورة ابيه في القمر، وهو - لذوي العقل المحدود والدخل المحدود- بديل مناسب لعلي بن ابي طالب، و لرسول الله ايضاً...(راجع هتافاتهم: من رخصتك يا علي مقتدى هو الولي....من رخصتك يا بتول مقتدى هو الرسول). وهم اليوم يتبركون بالطين الذي خلفته عجلات سيارته، وغداً سيبرئ الأكمه والاعمى والابرص ويحيي الموتى، واذا مات شككوا في موته وقالوا: بل رفعه الله اليه...وكل من يشكك بهذه المعاجز والكرامات فهو ابن زنى.

 وهنا تكمن خطورة مقتدى الذي يسير نحو تشكيل فرقة دينية مقدسة بدأت بوادرها كما بدأت الفرق البابية والبهائية، ولم يكن أحدٌ يومها يتصور انها ستصبح فرقا دينية جديدة.

   لهذه الاسباب وغيرها لابد من التصدي لمقتدى في هذا الوقت بالذات:-

حيث بدت بوادر تشكيل هذه الفرقة الدينية الجديدة القائمة على تعطيل العقل وعبادة الشخص 

·     وحيث مدَّ مقتدى يده الى السلطة لكي يبتلعها – لقمةً واحدة- باسم الدين مستعيناً بحشود بشرية لا تفرّق بين الناقة والجمل، وترى لهاثه المفضوح نحو السلطة حركةً اصلاحية مقدسة!.

·     وحيث جمع حوله شريحةً من الانتهازيين الجدد الباحثين عن المناصب في حكومته الجديدة المرتقبة يتلاقفونها تلاقف الكرة، وهم في دواخلهم يتغامزون سخريةً لانهم يعرفون تفاهته حق المعرفة. 

·     وحيث بدأ الطامعون في السلطة باسم المرجعية ينسجون معه خيوط المودة ليستخدموه جسراً لطموحاتهم.

                                 ***

 لاشيء أخطر من السكوت عن مقتدى الصدر والاستسلام لمقتدى الصدر الذي استهل حياته السياسية بالقتل، واستطال على الجميع بالارهاب والخوف، وأعاد الى الاذهان سلطة صدام حسين على الفكر والقلم حتى صار كل الكتاب والمفكرين ورجال الدين والاعلاميين والسياسيين يتحاشون الاشارة اليه بأي نوع من النقد خشية القتل اوالخطف او التفجير.... 

 

السكوت والاستسلام سينصّب مقتدى لا كدكتاتور جاهل دموي يعيد نظام صدام حسين الامني فحسب، بل كقائدٍ معصومٍ مقدسٍ قولُه وفعلُه وتقريرُه حُجّة... من  أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله.

 

مقتدى الصدر قائد تعدّه الغرف المظلمة في محور الشر السعودي التركي القطري لتمزيق العراق وحرقه...قائد يخضع له العراقيون طوعاُ وكرههاً واليه يرجعون، وما جزاءُ الذين يعصونه الا ان يُقتَّلوا او يُصلّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الارض.

سوف لن يكون مقتدى زعيماً كصدام حسين يحكم الناس باسم الامة العربية، بل سيكون مرجعاً وحاكماً بأمر الله، ووكيل الله على الارض...ويومها سنترحم على ايام صدام حسين. 

                               ***

اقول لكلّ لسانٍ ينطق وقلمٍ يكتب، ولكلّ منبر جمعة أو منبرحسيني او إعلامي ، ولكل صحيفة أوفضائية، ولكل من له موقع الكتروني او صفحة على الفيس بوك، ولكلّ مضيف عشائري او مقهى شعبي أو منتدى ثقافي:

يا قوم اني لكم نذير مبين..اخرجوا عن صمتكم...اكتبوا ..انشروا ....تحدثوا ...اخطبوا ...قولوا عن مقتدى وعصابته ما تعرفون، مهما كان ثمن الكلام.

ادفعوا اليوم ثمناً قليلاً خيراً من ان تدفعوا غداً اثماناً كبيرة...والا فسوف يستلم مقتدى السلطة ويسلّط عليكم سفهاءه يسومونكم سوء العذاب...يذبّحون أبناءكم ويستحيون نسائكم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.

...وستذكرون ما أقول لكم.

------------------------------

أرجو من كل من يوافقني الرأي ان يشارك هذا المنشور مساهمةً في الواجب الوطني والشرعي في دفع الشر القادم قبل فوات الاوان

قليل من الشجاعة تدفع الكثير من الاخطار .

 

الدكتور فخري مشكور

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي الجبوري
2019-11-02
السلام عليكم حتى صار كل الكتاب والمفكرين ورجال الدين والاعلاميين والسياسيين يتحاشون الاشارة اليه بأي نوع من النقد خشية القتل اوالخطف او التفجير@@@@ لهذا انا مستغرب ان اجد من يكتب اليوم! (اقول لكلّ لسانٍ ينطق وقلمٍ يكتب، ولكلّ منبر جمعة أو منبرحسيني او إعلامي ، ولكل صحيفة أوفضائية، ولكل من له موقع الكتروني او صفحة على الفيس بوك، ولكلّ مضيف عشائري او مقهى شعبي أو منتدى ثقافي:) وانا بدوري اتمنى عليك افتتاح قناة على اليوتيوب وهي بلاش ونحن سنتابعك وكذلك صفحه على الفيس بوك وتويتر ليس فقط لتفضح مقتدى بل لترد على الجيوش الالكترونيه التي تنهش مجتمعنا العراقي بشكل يومي
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك