المقالات

لماذا البصرة؟!  

1383 2019-07-19

عبد الكريم آل شيخ حمود الشموسي

 

يحكي سفر تاريخ البصرة أنه حافل بالحركات والتمرد المصحوب بالعنف منذ فجر تاريخها الطويل؛فأول حركة مسلحة كانت في بداية ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام،يوم نكث الرجلان والمرأة بيعة الإمام عليه السلام ،وجاسوا خرابا وترويعا ضد موالي أمير المؤمنين عليه السلام فيما أطلق عليه بواقعة الجمل الأصغر؛حيث سارت المرأة بجملها الأحمر صوب البصرة بجيشها لترويع الناس ومحاولة الفتك بعامل الإمام عليه السلام على البصرة الصحابي الجليل عثمان بن حنيف وكان أقسى مامر عليه الوالي عثمان أنه نتفت لحيته وكسرت رجله وطيف به في أزقة البصرة؛فكان تكليف الإمام عليه السلام هو حماية الناس من بطش عصابة الناكثين الا هو تأديب هذه العصابة وفرض الشرعية والنظام العام بقوة السلاح فكانت واقعة الجمل التي كسرت بها شوكت الناكثين وقتل الرجلان وعادت المرأة إلى المدينة معززة مكرمة.

الحدث التأريخي الآخر والمهم وهو المعروف في صفحات التاريخ ما اطلق عليه ثورة الزنج على الحكم العباسي بقيادة علي بن محمد الذي أختلف المؤرخون في نسبه فمنهم من نسبه الى العلويون من ذرية زيد الشهيد ومنهم من نسبة إلى العرق الفارسي وكان قبلُ من حاشية المنتصر بالله العباسي وبعد مقتل المنتصر بالله على أيدي الأتراك زج مع الكثيرين من اتباع النتصر العباسي في السجن ،بعدها حرر من قبل فرقة الجند الشاكربة التي اقتحمت بغداد واستقر به المقام في البصره ،حيث قاد حركة التمرد من منطقة المختارة جنوب البصرة لتستمر هذه الحركة المسلحة قرابة أربعة عشر عاماً أربكت الوضع في اركان الدولة العباسية وكادت أن تسقط بغداد ؛ وكان أغلب جيش محمد بن علي هم من الزنج الذين جلبوا من شرق افريقيا للاستعباد في البصرة والاحواز وواسط من قبل أمراء الدولة العباسية وتجارها.

هذا من التاريخ البعيد ؛ أما فيما يتعلق بالتاريخ القريب والمعاصر ؛ فأول حدث مهم هو عندما ركب نظام البعث الصدامي المقبور جماح القوة ليعبث في مصير هذه المنطقة الاستراتيجية إقتصاديا وجيوسياسيا ؛ حيث إندفعت جحافل قواته من البصرة لإحتلال المدن والقرى الإيرانية المتاخمة لحدود البصرة الأرضية والمائية ليفتح البوابة الشرقية العروبية على مصراعيها في حرب الثماني سنوات الدامية التي إستزفت طاقة الشعبين الشقيقين الإيراني والعراقي ، وليخرج بعدها بخزينة خاوية وجيش مدمر وشعب مغلوب على أمره؛ثم يكرر حماقته ومن البصرة كذلك إلى الكويت حليف الأمس الاستراتيجي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ،فيحتلها بالنخبة من الجيش الغير نظامي قوات الحرس الجمهوري وجهاز الأمن الخاص ،ليقع بعدها العراق تحت طائلة الفصل السابع من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي طيلة التسعينات وحتى سقوطه المدوي في التاسع من شهر نيسان عام 2003 لتطوى صفحته السوداء والى الأبد لتترك البصرة تعاني الأمرين من نقص الخدمات وتفشي الأمراض الفتاكه وكان أخطرها واوسعها انتشاراً هو مرض السرطان، لتسجل البصرة المدينة الأولى في العالم التي يعاني أهلها من مرض السرطان المميت نتيجة استخدام قوات التحالف الدولية بقيادة امريكا الأسلحة المحرمة دوليا في إخراج قوات صدام من الكويت وفي احتلال العراق بعد أن أصبحت البصرة مثابة الإنطلاق لإسقاط النظام العفلقي الجائر.

وبعد أن تنفس البصريون الصعداء وسقط صنم البعث وإستشعروا المستقبل الزاهر تحت ظل عهد جديد يعوض سلة إقتصاد العراق - محافظة البصرة - سني الجوع والخلاص من ملوحة ماؤها الأجاج بنصب محطات تحلية المياه التي لاتكلف كثيرا بلحاظ وقوع البصرة على شط العرب القليل الملوحة بالقياس مع ملوحة الخليج التي ينعم مواطنو دول الخليج بالماء العذب الرقراق؛لتكون البصرة منطقة صراع النفوذ بين الكتل والأحزاب السياسية وبالأخص الشيعية منها ، فتنهب ثروتها النفطية وتكون من حصة الأقوى حيث لايدخل الى خزينة الدولة إلا القليل القليل لتبرز حيتان الفساد ولتصبح ظاهرة شبه طبيعية يحكمها قانون ( غطيلي واغطيلك واسكت عني واسكت عنك ) والبصريون يشربون الطَرَق ويقتاتون على القد.

في بداية عهد رئيس الوزراء نوري المالكي أراد أن يحارب الفساد بطريقته الخاصة وهي الاستعانة بالجيش الأمريكي لفرض القانون واجتثاث الفساد وزج الفاسدين في السجون ومن البصرة تحديداً؛لكنه اصطدم باتباع السيد مقتدى الصدر لتعم الوسط والجنوب فوضى واقتتال اقتطف أرواح الكثيرين واهتزت المؤسسة العسكرية أيما اهتزاز لتعود الأمور إلى ماهي عليه، بل نحو الأسوأ لتتقاسم الجهات السياسية المال والنفوذ السياسي وفرض اجندات قوى خارجية.

واليوم وبعد مرور إنشقاق المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان بقيادة السيد عمار الحكيم وخروج السيد عمار الحكيم وهو يبشر بانبثاق تيار الحكمة الذي أراد أن ينسلخ من التوجه الإسلامي المحظ الى التوجه الوطني الذي ينظوي تحته قوى غير إسلامية وذات توجه علماني ، ويفاجئ المراقبين بأنه أختار خيار المعارضة طريقاً للإصلاح السياسي لكنه فلجأ المراقبين مرتاً أخرى عندما اختار البصرة لتكون مثابته الأولى والأساسية لتحقيق أهداف معارضته لحكومة السيد عادل عبد المهدي.

ويبقى سؤالنا غالباً في أذهان الكثيرين واهمهم أهل البصرة .......لماذا البصرة؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك