المقالات

لماذا البصرة؟!  

1275 2019-07-19

عبد الكريم آل شيخ حمود الشموسي

 

يحكي سفر تاريخ البصرة أنه حافل بالحركات والتمرد المصحوب بالعنف منذ فجر تاريخها الطويل؛فأول حركة مسلحة كانت في بداية ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام،يوم نكث الرجلان والمرأة بيعة الإمام عليه السلام ،وجاسوا خرابا وترويعا ضد موالي أمير المؤمنين عليه السلام فيما أطلق عليه بواقعة الجمل الأصغر؛حيث سارت المرأة بجملها الأحمر صوب البصرة بجيشها لترويع الناس ومحاولة الفتك بعامل الإمام عليه السلام على البصرة الصحابي الجليل عثمان بن حنيف وكان أقسى مامر عليه الوالي عثمان أنه نتفت لحيته وكسرت رجله وطيف به في أزقة البصرة؛فكان تكليف الإمام عليه السلام هو حماية الناس من بطش عصابة الناكثين الا هو تأديب هذه العصابة وفرض الشرعية والنظام العام بقوة السلاح فكانت واقعة الجمل التي كسرت بها شوكت الناكثين وقتل الرجلان وعادت المرأة إلى المدينة معززة مكرمة.

الحدث التأريخي الآخر والمهم وهو المعروف في صفحات التاريخ ما اطلق عليه ثورة الزنج على الحكم العباسي بقيادة علي بن محمد الذي أختلف المؤرخون في نسبه فمنهم من نسبه الى العلويون من ذرية زيد الشهيد ومنهم من نسبة إلى العرق الفارسي وكان قبلُ من حاشية المنتصر بالله العباسي وبعد مقتل المنتصر بالله على أيدي الأتراك زج مع الكثيرين من اتباع النتصر العباسي في السجن ،بعدها حرر من قبل فرقة الجند الشاكربة التي اقتحمت بغداد واستقر به المقام في البصره ،حيث قاد حركة التمرد من منطقة المختارة جنوب البصرة لتستمر هذه الحركة المسلحة قرابة أربعة عشر عاماً أربكت الوضع في اركان الدولة العباسية وكادت أن تسقط بغداد ؛ وكان أغلب جيش محمد بن علي هم من الزنج الذين جلبوا من شرق افريقيا للاستعباد في البصرة والاحواز وواسط من قبل أمراء الدولة العباسية وتجارها.

هذا من التاريخ البعيد ؛ أما فيما يتعلق بالتاريخ القريب والمعاصر ؛ فأول حدث مهم هو عندما ركب نظام البعث الصدامي المقبور جماح القوة ليعبث في مصير هذه المنطقة الاستراتيجية إقتصاديا وجيوسياسيا ؛ حيث إندفعت جحافل قواته من البصرة لإحتلال المدن والقرى الإيرانية المتاخمة لحدود البصرة الأرضية والمائية ليفتح البوابة الشرقية العروبية على مصراعيها في حرب الثماني سنوات الدامية التي إستزفت طاقة الشعبين الشقيقين الإيراني والعراقي ، وليخرج بعدها بخزينة خاوية وجيش مدمر وشعب مغلوب على أمره؛ثم يكرر حماقته ومن البصرة كذلك إلى الكويت حليف الأمس الاستراتيجي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ،فيحتلها بالنخبة من الجيش الغير نظامي قوات الحرس الجمهوري وجهاز الأمن الخاص ،ليقع بعدها العراق تحت طائلة الفصل السابع من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي طيلة التسعينات وحتى سقوطه المدوي في التاسع من شهر نيسان عام 2003 لتطوى صفحته السوداء والى الأبد لتترك البصرة تعاني الأمرين من نقص الخدمات وتفشي الأمراض الفتاكه وكان أخطرها واوسعها انتشاراً هو مرض السرطان، لتسجل البصرة المدينة الأولى في العالم التي يعاني أهلها من مرض السرطان المميت نتيجة استخدام قوات التحالف الدولية بقيادة امريكا الأسلحة المحرمة دوليا في إخراج قوات صدام من الكويت وفي احتلال العراق بعد أن أصبحت البصرة مثابة الإنطلاق لإسقاط النظام العفلقي الجائر.

وبعد أن تنفس البصريون الصعداء وسقط صنم البعث وإستشعروا المستقبل الزاهر تحت ظل عهد جديد يعوض سلة إقتصاد العراق - محافظة البصرة - سني الجوع والخلاص من ملوحة ماؤها الأجاج بنصب محطات تحلية المياه التي لاتكلف كثيرا بلحاظ وقوع البصرة على شط العرب القليل الملوحة بالقياس مع ملوحة الخليج التي ينعم مواطنو دول الخليج بالماء العذب الرقراق؛لتكون البصرة منطقة صراع النفوذ بين الكتل والأحزاب السياسية وبالأخص الشيعية منها ، فتنهب ثروتها النفطية وتكون من حصة الأقوى حيث لايدخل الى خزينة الدولة إلا القليل القليل لتبرز حيتان الفساد ولتصبح ظاهرة شبه طبيعية يحكمها قانون ( غطيلي واغطيلك واسكت عني واسكت عنك ) والبصريون يشربون الطَرَق ويقتاتون على القد.

في بداية عهد رئيس الوزراء نوري المالكي أراد أن يحارب الفساد بطريقته الخاصة وهي الاستعانة بالجيش الأمريكي لفرض القانون واجتثاث الفساد وزج الفاسدين في السجون ومن البصرة تحديداً؛لكنه اصطدم باتباع السيد مقتدى الصدر لتعم الوسط والجنوب فوضى واقتتال اقتطف أرواح الكثيرين واهتزت المؤسسة العسكرية أيما اهتزاز لتعود الأمور إلى ماهي عليه، بل نحو الأسوأ لتتقاسم الجهات السياسية المال والنفوذ السياسي وفرض اجندات قوى خارجية.

واليوم وبعد مرور إنشقاق المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان بقيادة السيد عمار الحكيم وخروج السيد عمار الحكيم وهو يبشر بانبثاق تيار الحكمة الذي أراد أن ينسلخ من التوجه الإسلامي المحظ الى التوجه الوطني الذي ينظوي تحته قوى غير إسلامية وذات توجه علماني ، ويفاجئ المراقبين بأنه أختار خيار المعارضة طريقاً للإصلاح السياسي لكنه فلجأ المراقبين مرتاً أخرى عندما اختار البصرة لتكون مثابته الأولى والأساسية لتحقيق أهداف معارضته لحكومة السيد عادل عبد المهدي.

ويبقى سؤالنا غالباً في أذهان الكثيرين واهمهم أهل البصرة .......لماذا البصرة؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك