المقالات

نبوءةُ الملائكة..واقعٌ جسّدته مطاميرُ الظالمين


حلا الكناني

 

تتبعثرُ الحروف من صياصيها حالما تقرر استدعائها لتكتب معك ومضات تمتد بعمقها الى تلك اللحظات التي خاطبت فيها الملائكة ربها حين خلق آدم عليه السلام قائلة (أتجعل فيها من يُفسد فيها، ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك، ونقدّس لك)، وتتآزر تلك اللحظات مع مثيلاتها عبر ذلك التأريخ البشري المليء بآلاف الخطايا، والذنوب التي تُجترح كل يوم، بل كل أجزاء من الساعة، فلعلّ الملائكة كانت تدرك ان من ولدِ آدم وحوشاً استهان التراب نفسه بأنهم خلقوا منه، ولعلها ادركت نقيض ذلك ان هنالك من ولده من شرّفوه، وكانوا خيرا له نسباً.

تطوف بنا خيالاتنا الى زنزانة في جوف الارض، باعدتها الظنون عن ضياء الشمس،فلن تستطيع له طلبا، سُجن فيها سراجاً من نور، وتنبعث أخرى لتروي ان الشمس كانت تمشي على استحياءٍ الى ذلك المحراب كل يوم، وفي كل مرة كانت تهوي من فورها حين تسمع ذلك الأنين الملائكي المنبعث منه، وحين تبصر ذلك النور الذي يملأ ارجاء المكان كأنه كوكب دريّ يستبيح ضياءها، ويجعلها تترك عنها كِبرها، والغرور.

تساورنا نبوءة الملائكة، وتجسدها قصص الظالمين، ودعواهم ان اقتلوا آل محمد أنهم أناس يتطهرون، وان اعدّوا لهم ما استطعتم من قوة، واخرجوهم من ديارهم، لا يحطمنّ امبراطوريتكم من حيث لا تشعرون، وحين تلّبي جنود ابليس النداء، ويسعون وراء كل نسل هاشمي يريدون ان يطفئوا نوره، و لكن ما عرفوا ان الخالق يأبى الا ان يتم نوره ولو كره ذلك الكافرون.

توالت بآل بيت النبوّة عليهم افضل الصلاة والتسليم النوائب، وطامورة الظلم التي جُعل فيها راهبهم المولى موسى ابن جعفر عليه السلام إحدى اقسى تلك النوائب بعد نائبة جده الحسين عليه السلام، فما بين قيدٍ، ومرضٍ، وغربة عن الأهل طويلة، وصبر فاق صبر أيوب، لم يجد أنيساً أجمل من القرآن، وجليساً أحنّ من الدعاء، وأملاً سوى الرغبة بلقاء ربه، سنوات وابن خاتم النبيين مغيّباً عن الانظار، وما غاب عن القلوب، ولن يغيب، وها هي ذكرى استشهاده عليه السلام تمرّ علينا وكأنها فتيّة العهد، وكأننا بصوت ذلك المنادي على الجنازة أما من اهل لها او عشير؟وكأننا باولئك المفعمين بأمل اللقاء يرتقبون على جسر بغداد مولاهم بعد طول غياب، فإذا بناعٍ يصعق اسماعهم كصعق الرعد في صحراء مقفرة ان الجنازة المنادى عليها كانت لمولاهم الغريب الذي قضى نحبه بعيدا عن الاهل والخلاّن، فيهتزّ الجسر من تحت اقدامهم، وتتسابق القلوب المفجوعة قبل الابدان لتلطم الصدور، وتضرب الهامات، وترمي بنفسها على نعش حبيبها الذي فارقها دونما ايّ وداع، وتقبّل عمامته التي ارعبت الطغاة، وزلزلت عروشهم، وزيّلتها عن اماكنها.

كل عام و نحيبنا ذات النحيب، و شعائرنا ذات الشعائر، ومحبتنا لآل البيت عليهم السلام لم ينقص منها شيئا بل تزيد، وكلما مرت بنا الايام ادركنا النبوءة الملائكية أنّ من البشر جبار عتيد، سفّاك للدماء، ومستبيحٌ للحرمات معتدٍ أثيم، ولكن ما من حرمة أشدّ إثماً من قتل آل بيت الرسول عليه وعليهم افضل الصلاة والتسليم، ألا تباً، وتعساً، وبعداً لقاتليهم كما بعُدَت ثمود.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك