فاطمة حسين إبراهيم
إن إعتناق فكرةٍ أو قضيةٍ، نابعةٍ من صميم الحقيقةِ، والوجدان تستحق أن يفنى البدن الزائل، لأجل تثبيت أركانها، وتقويم أُُسِسِها الفذة، على هذا المبدأ، تربت أميرتنا ومن منابع، ونبراس العلم إنتهلت ، تمرست على توضيف الكلم، ونضم الحروف، لتكون نغماً سماوياً، يطرب له المَلَكْ.
سلكت مسالكَ الابطال وزاحمت الرجال، على المضي قُدماً نحو السمو بالانسان.
تنكرت لتبرِ الدنيا، والتزمت تِلكُمُ العباءةَ، التي ورثتها من فاطمة،وضّفت نفسها لتكونَ وريثةَ الطهرِ، والنقاءِ والعفاف ولكونها كانت تعلم، أن الخطر على الأبواب، كانت ترتدي درعها كاملاً، حتى في النوم، لأن شياطينَ الارضِ قد ملأت جنباتِ ازقةِ النجف، حيثُ بيتها القديم!
تمرست على حب وطنها، والذوبان فيهِ عشقاً فصارت جزءاً من ثراه، ونجمةً في سماه، وكانت تزدادُ القاً، حينما ترتشف من عذب ماءهِ، بعد أن يصدح صوت الأذان مكبراً إيذاناً، بحرمةِ الصيام، اذا وقفت بين يدي ربها تناجيهِ، تضفي على الدنيا جمالاً، وتملأها من عبقِ عطرها العلوي عطراً
ولدت لكي تعيش بعد موتها، وتَخَلّدَ الموتُ بصحبتها الفراسةُ، والفطنةُ وسرعةُ البديهيةِ صَنْعَتُها،الشجاعةُ والمرؤةُ والاقدامُ تلاميذها، تعلمت من مرجعها ان لا حياةَ مع الذل، ولا كرامةَ مع الهوان، فسابقت خطوات عمتها، حتى تقطعت انفاسها فلم تسبقها، لكنها مشت على أثرها خطوةً كبيرةً، تتبعها خطوةٌ اكبر..
لكن العمةَ، كانت قد وصلت كربلاءَ واميرةُ قصتنا ليس لديها متسعٌ من الوقت، للّحوقِ بها فبين الغري وكربلاء آهاتٌ واناتٌ،طوال إلاّ إن بعد المسافةِ، لايمنعُ الوصال وعبر الاثير تناهى الى مسامعها زئيرُ بركانِ حزنٍ ثائرٍ : يا جداه يارسول الله ا ي ناعيةٌ اليك اخي الحسين، معلنةٍ عن جللٍ تكادُ السمواتُ يتفطرنَ منه، وتنشقُ الارضُ، وتخرُّ الجبالُ هدّا ايذاناً بانطلاق شرارةِ ثورةِ الغضب، لكن بتاريخٍ صفريٍ احمرٍ ملونٍ بنجيعِ التضحيةِ والفداء، وبصوتٍ تخشعُ الزلازلُ لصداه، وتضعُ كلَ ذاتِ حملٍ حملها ذهولاً من هيبته، صوتٌ تسابقتْ فيه كل المفردات خشوعاً، لوصفِ ماهيتهِ، فكان ببلاغةٍ حيدريةٍ، وفدكٍ فاطميةٍ، واحزانٍ زينبيةٍ أفرغتْ عن لسانِ علي، كلبوةٍ ثُكِلَتْ بشبلها، دونما إنكسار، وبدرعها الاسود الاخّاذِ، تسلحت تستجلبُ العونَ لنصرةِ دينها، وعقيدتها ومذهبها ومرجعها.
تِلكُمُ الفكرةَ، التي اعتنقتها فصدحَ صوت الحق مِن فمها الضليمةَ الضليمةَ، ياجداه اني اشكو الى الله، لقد اعتقلوا ولدك الصدر ياجداه، إني أشكو الى الله واليك مايجري، علينا من ضلمٍ واضطهادٍ، أيها الشرفاء المؤمنون، هل تسكتون وقد اعتقل مرجعكم؟ وهل تسكتون وإمامكم يسجن ويعذب؟ ماذا ستقولون غداً لجدي امير المؤمنين إن سألكم عن سكوتكم وتخاذلكم؟ إخرجوا وتضاهروا، وأحتجوا فتقدمَ المنحرُ مرحباً بالسيوف، وانبرى القلب قبل اللسان، هاتفاً غير وجلٍ هيهات منا الذلة، عشتِ فخراً ومُتِ حيةً، وتبعثين شهيدةً مضلومةً محتسبةً.
https://telegram.me/buratha
