طيب العراقي
أول أمس كنت أتابع لقاء متلفز، لزعيم الحزب الإسلامي العراقي أياد السامرائي، لم أخرج من متابعة هذا اللقاء، إلا بحصيلة واحدة لا غير، وهو أن السياسة باتت لعبة الخاتم "المحبس"، تتداوله أياد محددة فحسب!
سنحاول في هذه المقاربة؛ الأجابة على سؤال ملح وكبير مؤداه: هل يمكن أن نبني عملية سياسية ناجحة، ونقوم باصلاح سياسي حقيقي، في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في الساحة العراقية؟!
الحقيقة؛ وللإجابة على هذا السؤال، فإن من المفيد الإشارة؛ الى أن هناك فهم خاطيء، لمسألة السيادة المقلقة للأحادية على واقعنا السياسي، والأمر لا يتعلق بالحكومة، أو بقية مؤسسات الدولة، ولا بهيمنة جماعات سياسية بعينه؛ على مقاليد الأمور فقط، وإن كان ذلك مظهرها الأكثر تجسيدا.
لكن الأحادية السياسية باتت منهجا، بدى وكأنه متأصل في الحياة السياسية العراقية، فالواقع وأينما تدلف في ميدان من ميادين العمل السياسي، تجده ماثلا أمامك في شكل زعيم لحزب سياسي، يمسك كل خيوط العمل السياسي والحزبي بإحدى يديه، وباقي أعضاء حزبه، أتباع أو مريدين ليس إلا..اليد الأخرى وهي اليمنى عادة؛ تركها حرة ليملأ بها جوبه وجيوب محاسيبه ومحازيبه، بالمنافع والأمتيازات وطبعا بالأموال!
الأحادية السياسية؛ باتت الطابع الرئيس للحياة السياسية العراقية، وهو طابع يتسع وينمو بإضطراد، في بيئة تغيب فيها الأطر الديمقراطية في الحياة الحزبية الداخلية، فالقادة السياسيون"قادة" مدى الحياة، لا خلف لهم ولا تبديل، اللهم إلا أحد أولادهم!
في البنية التنظيمية للأحزاب العراقية، فإن أبرز مظاهر الأحادية السياسية، يتجسد في القيادة التأريخية للحزب الفلاني، المتمثلة بمجموعة تجمدت على تاريخها، وعلى دورها في التاسيس، وعظت على ذلك بالنواجذ، فيما الأجيال الأخرى وممنهم شباب الحزب، مطلوب منهم الولاء والسمع والطاعة فقط،والهتاف:علي وياك علي!
على الصعيد الوطني، إن صح التشخيص الطبي، فإن مرض الأحادية السياسية يتمظهر بشكل حاد؛ في القرار السياسي، الذي أحتكره "نفر" من "القادة" السياسيين، يعدون على أصابع اليد الواحدة، يمكن ان نشخصهم بالثلاثة الكبار ومعهم الرابع الأقل حجما، الذين وضعوا أحزابهم وكتلهم خلف ظهورهم، وعملوا ويعملون كل منهم على قاعدة، " أنا الذي أرى، وأنا الذي أقول، وأنا الذي أقرر"، وهي قاعدة مستنسخة عن الأنظمة الشمولية الديكتواتورية الفردية، لكن بالقسمة على ثلاثة!
ما وصفناه ليس تجنيا أو إبتكارا أو وضع لعربة أمام حصان، لكن المتابع يجده فاشيا في أسلوب إدارة المؤسسات الدستورية، وفي إدارة القوى والأحزاب السياسية،وخلاصة القول؛ وقد إنتهينا من تحديد مرض قاتل، يندرج تحت باب الأمراض السياسية، هل لنا من سبيل للإصلاح السياسي؟!
قبل الإجابة على هذا السؤال، نحاول الكشف عما إذا كان الساسة من أوحديي زمانهم، راغبين بالإصلاح السياسي، لا سيما وأن المشهد معقد بالمصالح، وأن وضعنا الراهن بكل تعقيداته، وصلنا اليه بشق الأنفس، وكان المخاض عسيرا، ولذا فإن الإخطاء كثيرة، ومع أننا جميعا نشخص، بإن الحاجة للإصلاح السياسي، هي حاجة وطنية وضرورة حياتية للعراقيين، إلا أنهم يعودون بنا في كل مرة الى المربع الأول؛ مربع الذات والفئة والحزب، والطائفة والمكون والقومية.
ليس هناك من كلمة سواء يتفقون عليها، نعم يتفقون على وجود الخلل، ويختلفون على تشخيصه، ومن ثم يختلفون بالنتيجة، على الوصفة الطبية للعلاج، لأنهم يعرفون أن العلاج سيؤدي الى بترهم، كسرطانات نامية خارج الجسد الوطني.
قال الثلاثة ومعهم رابعهم الأصغر للشعب؛ إنّا أربابكم فأعبدونا..!
https://telegram.me/buratha
