طيب العراقي
مع أن لتدويل أي قضية مخاطر معلومة، ليس أقلها فتح باب التدخلات الخارجية بالقضايا الوطنية، وفرض حلول تمرر من خلالها الأجندات الخارجية، إلا أن طول الفترة التي مضت على القضية الفيلية، دون إيجاد حلول عراقية خالصة لها، يدفع القيادات الفيلية مرغمة؛ على البحث عن حلول لقضيتهم العادلة في الفضاء الدولي.
يدعم هذا التوجه؛ لا أبالية النظام العراقي القائم تجاه قضيتهم، الى جانب تصرف القوى السياسية العراقية، مع الفيليين بأسلوب إستحواذي، وتحويلهم وقضيتهم الى سلعة يتم تداولها فقط، عند الحاجة في سوق النخاسة السياسية، فهم بالنسبة للقوى السياسية القومية الكردية، أو القوى السياسية الشيعية على حد سواء؛ مجرد خزان أنتخابي يتم "الغرف" منه أيام الأنتخابات، وبعد ذلك تُكشح عنه الوجوه ويطويه النسيان، الى أن تحين دورة إنتخابية جديدة، وعند ذلك يتذكر الساسة المتدينون الشيعة، والقوميون الكرد، الفيليين وظلامتهم وقضيتهم، فيتسابقون الى نيل رضاهم بتدبيج الخطب، وذرف دموع التماسيح على شهداء الفيليين!
دوليا؛ تفيد التجربة أن القضية العراقية بشقيها الشيعي والكردي، كانت حاضرة في نشاط المعارضة العراقية الدولي، قبل سقوط نظام صدام، وكانت مؤتمرات المعارضة العراقية، تعقد في مختلف عواصم العالم، وحظيت المعارضة الشيعية والكردستانية؛ بدعم من مختلف الأطراف الدولية، وكل حسب عمق علاقته بهذا الطرف الدولي أوذاك، وكان للنشاط الدولي للمعارضة العراقية، أثرا كبيرا في إسقاط نظام صدام.
في تلك الجواء كان الفيلييون موزعين بين المعارضة العراقي؛ة بشقيهها الشيعي والكردي، والى حدما مع أيضا مع الشق العلماني، وأرتكب الفيليون خطأ كبيرا، عندما لم يتعاطوا مع قضيتهم بشكل منفصل وواضح، وتحولوا كما هو وضعهم اليوم، ألى مجرد أدوات بيد القوى السياسية، سواء الشيعية منها أو الكردستانية.
لقد أضرت طيبة الفيليين ووطنيتهم المفرطة، وتماهيم الزائد عن اللزوم بالقضية العراقية بمجملها؛ بهم وبقضيتهم، وكانت النتيجة التي حصدوها؛ من هذا المسار الذي لا يندم عليه في الظروف الإعتيادية، هو أن ألإهتمام بقضيتهم ومظلوميتهم؛ تراجع الى المواقع الثانوية، واصبحت قضيتهم مجرد "ملفات" عالقة، يمكن تداولها في أي وقت فراغ ممكن!
إن العالم لم يعد تلك الكرة الضخمة المترامية الأطراف، ولم يعد ثمة وجود للسواتر الحديدية التي تحيط الدول، وثقافات الأمم المختلفة تفاعلت في السنوات الخمسين المنصرمة، بشكل يفوق ما حصل في تاريخ البشرية برمته، وبتنا نسمع بسبب التكنولوجيا الهائلة لوسائل ألأتصالات، أن العالم بات قرية صغيرة..وما يهم العراقيين يهم بدرجة قريبة البرازيليين على سبيل المثال، على الرغم من وقوع كل منهما في طرف من العالم، المصالح تتشابك، ونفطنا يباع للكنديين على سبيل المثال أيضا، ولذلك هم يهتمون بأن يكون العراق مستقرا!
تشابك المصالح وتشابك الثقافات، يتبعه تلاقح الإهتمامامات، وقصة أن من حق دولة ما، التصرف مع مواطنيها كما تشاء، باتت قصة قديمة لا يقبلها منطق الأنسانية ومتطلبات الغصر، ولذلك يتقلص يوما بعد يوم عدد الأنظمة الديكتاتورية في العالم، ويتقلص دور القرار المحلي لصالح القرار الإنساني.
القضية الفيلية تجاوزت بآثارها الحدود المحلية، والفيليون مهجرون اليوم في أكثر من 47 بلدا، ولا بد أن يكون صوت مظلومية الفيليين مسموعا أينما حلوا، ولا بد أن تسهم الدول التي تستضيفهم، في إيجاد حلول عادلة لقضيتهم والمشكلات المتولدة عنها.
...................
https://telegram.me/buratha