عبد الكريم آل شيخ حمود
من البديهيات في العمل السياسي ، هو ترجيح المصلحة العليا للوطن والشعب على أي مصلحة ، لان الوطن والشعب يمثلان المفهوم الكلي وما عداهما من عناوين فردية أو إثنية،تندرج ضمن المفهوم الجزئي؛فالمسؤول السياسي في الدولة ، مهما علت مرتبته وموقعه يبقى الخادم على مصلحة الوطن وكذا مصلحة المواطن ،الذي هو القيمة العليا وعلة وجود الدولة ككيان قائم.
من هنا فقد تترتب على العامل في الحقل السياسي مسؤلية أخلاقية غاية في الخطورة ؛فهو المخول والراعي في أموال الشعب ،وصونها يعتبر أحد أركان العقد الإجتماعي بينه وبين من وضعه في دكة المسؤلية وهو عموم الأمة ؛ هذا في النظام الديمقراطي الذي اختاره الشعب العراقي بعد التغيير الكبير في التاسع من نيسان عام 2003.
ولنا في عهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لعامله على مصر ، الصحابي الجليل مالك الاشتر ،خير دليل على المستوى العالي والخطير من المسؤولية؛فالإمام عليه السلام الذي أرسى قواعد المسؤولية السياسية ؛يعتبر الأول بعد رسول الإنسانية صلوات الله وسلامه عليهم ،في وضع نظام سياسي متكامل يخدم عموم البشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فحكومة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام،هي المعيار والأسوة الحسنة لأي متصدي لرعاية مصالح الناس على إختلاف توجهاتهم الدينية والاجتماعية؛لنفتبس أهم فقرة من فقرات كتابه عليه السلام:
(وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطإ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك ! وقد استكفاك أمرهم ، وابتلاك بهم)
والاحساس بالمسؤولية وإستشعار خطورتها لدى المسؤول الأول في البناء الهرمي للدولة، يحتم التشديد على المادون والمراقبة ، بل حتى زرع العيون لمعرفة مستوى الأداء السياسي وترجيح المصلحة العليا على المصلحة الآنية للفئة أو الحاشية التي تحيط حول المسؤول.
ومن البديهيات في القوانين الوضعية هي مقولة "إن الناس متساوون أمام القانون" فلافرق بين الحاكم والمحكوم أمام القانون، فاطلاق الناس يبعث برسالة إلى المسؤول أولا بأنه مواطن قبل كل إعتبار،سوى المسؤولية الاعتبارية التي وضعته خادماً وساهراً واميناً على مصالح البلاد والعباد.
https://telegram.me/buratha
