المقالات

نحو إنشاء كيان مؤسسي لرعاية الثقافة الفيلية..!


طيب العراقي

 

ليس بدعا أن نقرر أن الفيليين أمة قائمة بحد ذاتها، ومجوعة سكانية عراقية لها ثقلها البشري، ووجودها السكاني في مواطن خاصة بهم، فضلا عن إنتشارهم الواسع بعموم الأرض العراقية.

على الرغم من أن خطط إجتثاث الفيليين، دامت طيلة قرن كامل من الزمان، إبتدأ مع إبتداء عمر الدولة العراقية الحديثة عام 1920، وأشتدت بشكل غير مسبوق في عهد الطغيان البعثي الصدامي، الذي كلل كل هذا الجهد الإجرامي؛ بقيامه بحملة واسعة لتهجيرهم وإقتلاعهم من مواطنهم الدائمة، إلا أن الفيليينولأصالتهم ودورهم الإنساني الذذي لا يمكن طمره، بقوا محافظين متمسكين بأنماط سلوكهم وأعرافهم وتقاليدهم، وتراثهم وتاريخهم وفولكلورهم.

الفيليون شأنهم شأن سائر أمم الأرض، لهم ما يميزهم عن الآخرين، وبما يدل على نوعهم من حيث اللغة والأدب والشعر والثقافة، والأزياء والموروث الشعبي، ولهم مناسباتهم الأجتماعية الخاصة بهم، كما ان لهم معتقدات وطقوس وعادات وتقاليد وأعراف، وحتى خرافات وروايات وحكايات تاريخية الخرافية وقصص الشعبية، ورسم وفنون وموسيقى وغناء ودبكات أهازيج.

كل هذا يشكل الهوية الخاصة بالفيليين، ويستطيع حتى الأنسان البسيط، أن يميز الفيلي بنظرة أولى عن سائر العراقيين، وإن كان الفيليون وبحكم وطنيتهم المفرطة، أكثر العراقيين إندماجا بالواقع العراقي، وأشد العراقيين إندكاكا بالوطن، بحكم أدوارهم التأريخية المعروفة، والتي لسنا في واردها في هذه المقاربة المختصرة.

الثقافة هي الوسيلة الأساسية لبقاء للمجموعات البشرية، رغم انها تتطور وتتغير باستمرار وتتفاعل مع الثقافات الأخرى، خاصة المجاورة، إلا أن  العناصر التي أشرنا اليها، والتي يتمسك بها الفيليون، هي ما تشكل بمجملها "الثقافة الفيلية"، والتي يتميزون بها بشكل واضح.

نشير هنا الى أن الثقافة الفيلية، تكونت بطريقة إنفتاحية، ومتأثرة دوما بالثقافات الأخرى، خاصة "المجاورة"، بقدر ما تؤثر فيها، بسبب أنها ثقافة حية تفاعلية، تتطور باستمرار وتتفاعل مع الثقافات الأخرى، سواء في الوطن وفي المهجر، بسبب بعدها عن التطرف والتعصب، ولذلك فإن الفيليين قدموا أينما وجدوا، إسهامات فاعلة الى الثقافات ألأخرى، ويكفيهم فخرا، أن عددا من علماء اللغة العربية وشعرائها الكبار في العراق، كانوا فيليين ومنهم العلامة الكبير صاحب قل ولا تقل؛ الدكتور مصطفى جواد والشاعرين الكبيرين الزهاوي والرصافي.

ما تقدم يثبت أننا بحاجة لرسم صورة تفاعلية لثقافة الفيليين، الهدف منها ان تكون الثقافة الفيلية، بوابة التمسك بالحقوق الفيلية المغتصبة، وأن تكون وسيلة لإستعادة الهوية وإثباتها.

رسم هذه الصورة والقيام بهذه المهمة الجليلة؛ يتطلب تجميع عناصر الثقافة الفيلية المعطاء؛ في كيان مؤسسي منظم تنظيما مستند على أسس علمية، كي يمكنه مقاربة كل صفحات الثقافة الفيلية، وبما يحقق الأهداف المرجوة من بناءه.

الكيان الثقافي المطلوب، يجب أن ينطلق برعاية الدولة العراقية وتمويلها، وذلك إعمالا لما ورد في الدستور العراقي النافذ بشأن التعددية مادة (٣):العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، والمادة (٣٥):ترعى الدولة النشاطات والمؤسسات الثقافية، بما يتناسب مع تاريخ العراق الحضاري والثقافي، وتحرص على اعتماد توجهات ثقافية عراقية حقيقية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك