طيب العراقي
بعد زوال نظام الطغيان الصدامي الدموي، جرت عملية تربوية، لتصحيح كتب التاريخ العراقي، لكن القائمين عليها تناسوا تلك المواقف المشرفة، التي وقفها الفيليين منذ تأسيس الدولة العراقية، ودورهم المشهود في الحركة الوطنية العراقية، ومنها موقفهم البطولي ضد انقلاب البعث الأول، في الثامن من شباط 1963، ثم مواقفهم تجاه سلطة البعث الثانية في 1968، وما جرى عليهم من مآس، مع أن البطولة والمواقف المشرفة، لا يصح تجاوزها او التعتيم عليها.
المواقف المشرفة التي لا يمكن أن تطوى، وقفتها النخب والكفاءات الفيلية، من أطباء ومهندسين وحقوقيين وكتاب وأدباء وشعراء، ومن المثقفين الذين ملأواا مختلف الجوانب المعرفية بإقتدار..
في هذا الصدد؛ نشير الى أن اكبر شاعرين في عراق العصر الحديث، جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي كانا فيليين، والعالم اللغوي والباحث الموسوعي، صاحب قل ولا تقل الدكتور مصطفى جواد كان فيليا، وغيرهم لا يمكن حصرهم..
لقد خذلت السياسة الفيليين الذين أنشغلوا بتضميد جراحاتهم، وتخلى عنهم قادة احزاب ما بعد 2003، بعد ان تسلموا زمام السلطة، وزادهم ضعفا تلك الفرقة، والنزوع نحو تشكيل مجموعات سياسية، بقصد ان يكون بعض منهم قادتها وزعمائها، وبدت الصورة وكأن الظلم الذي وقع عليهم لم يجمعهم، ولم يلمهم ويجمع شملهم، التهميش الذي لقوه بعد التغيير، ولم توحدهم المحنة واستمرارها.
إلا ان الضمير العراقي المنصف، يقول إن النخب والكفاءات من الفيليين لم يزلوا فاعلين، وهم يشكلون رقما مهما في الساحة العراقية، وعنصرا فاعلا في بناء العراق الجيد، لما يتصفون به من وطنية مفرطة، كانت هي أحد أسباب محنتهم..!
ان النخب والكفاءات الأكاديمية الواعية من الفيليين، ومن مختلف فروع المعرفة ومعهم كل الأصدقاء والمؤازرين لقضية الفيليين العادلة، مدعوين اليوم لتفعيل دورهم الريادي، والسعي الجاد والمخلص؛ ليأخذوا مراكزهم التي يستحقونها؛ او على الاقل الحد الادنى، مما يجب أن يتناسب مع العطاء والنضال والتضحيات، التي قدمتها هذه الشريحة الأصيلة لكل العراق.
إن كل صاحب وجدان او ضمير حي مدعو ايضا، لمساندتهم والتمسك بحقوقهم، وعدم السكوت على هذا التهميش، الذي لم تلقاه شريحة مثلهم، ولا صبرت على الضيم والصمت، الذي واجهتهم به السلطة منذ التغيير حتى اليوم.
إنها دعوة لموقف موحد، تتصدى به النخب والكفاءات الفيلية، يلم الشمل ويترك جانبا الاختلافات في وجهات النظر، ويضع مصلحة العراق والفيليين بشكل خاص بصره وبصيرته، وموقف يتشرف به ليس فقط الفيليين، انما يتشرف به العراقي مهما كانت هويته او قوميته، من أجل ان يكون لكلمة الحق قيمة، ويجعل جميع العراقيين يقفون لهم اجلالا وتقديرا.
المطلوب من النخب والكفاءات الفيلية، موقف يبهر الذين تناسوا لفيليين، واعتقدوا بانهم ماعاد لهم تأثير، إلا بدخولهم تحت عباءة حزب او شخصية.
https://telegram.me/buratha
