طيب العراقي
في مقالنا السابق حددنا العناصر التي يتعين أن تستند عليها الأمة الفيلية في نهضتها، وكان العنصر البشري أهمها، وتوصلنا الى نتيجة صادعة بالحق، هي أنه لا أستغناء عن أي من تلاوين القوة البشرية الفيلية، لأننا أذا أردنا الوصول الى نتائج حاسمة ومضمونة، فإنه يتعين أن يكون لكل فيلي دوره؛ في معركة النهوض وإنتزاع الحقوق..
معركة إنتزاع الحقوق تحتاج الى تعبئة جماهيرية كبرى، ولا يصح الأكتفاء بالمتصدين للشأن السياسي، أو لأعداد محدودة من قادة الرأي، لسبب بسيط جدا، وهو أن حجم المشكلات أكبر من أن يتصدى لها أفراد.
الغالبية العظمى من الجسم البشري الفيلي هم الشباب، وللفئات العمرية التي تتراوح بين 14 ـ 40 سنة، وتبلغ نسبتهم قرابة 65% من القوة البشرية الفيلية، ومثلما ترون فإن هذا هو عمر العطاء والقدرة على الحراك الفاعل المؤثر.
يجب أن لا نهمل من حساباتنا، 35% المتبقين من الأطفال والفئات العمرية.
صغارنا نعدهم إعدادا سليما، ليلتحقوا بفئة الشباب المنتجة، وكبارنا ملاذنا موئلنا وخزين معرفتنا، وحراس تاريخنا وتراثنا، وهم الذين عاشوا ظروف نكبتنا، وحفظوا لنا آلامنا وجروحنا ندية طرية..
علينا أن ننظم صفوف الشبيبة الفيلية، وأن نمنحهم فرصتهم للعتبير عن ذواتهم، وإذا أستذكرنا الصيحة الجبرائيلية الكبرى؛ التي هزت أركان الكون" لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار"، وأذا أستوعبنا أهداف هذه الصيحة ـ الرسالة السماوية، وأذا حاولنا بمسؤولية أن نعكسها على أرض واقعنا، سنصل الى نتيجة مدهشة، وهي أن تلك الصيحة كانت درسا لكل البشر ولكل الأزمنة، وأن مخرجات هذا الدرس الألهي صالحة للإستخدام في قضية مظلومية الأمة الفيلية، بل هي صرخة موجهة لكل المظلومين على مر الزمان، معناها أن عليكم بالشباب، وأنهم مصدر قوتكم وعزتكم، لذلك قرن الباري عز وجل الفتوة بالسيف..اي الشباب بالقوة.
قبل هذا يفترض أن نضعهم إزاء ما مطلوب منهم..علينا أن ننظمهم بمؤسسات وجمعيات ونرسم لهم الطريق، ونحدد البوصلة..علينا أن نجعلهم في أجواء ما بعد عام 1968، حينما بدأ مشروع إجتثاث الأمة الفيلية، ودشن البعث عنصريته الدموية، بتهجير أكثر من 70 ألف عائلة فيلية إلى إيران الشاه في شتاء 1970-1971، بحجة تبعيتهم الإيرانية ولكونهم شيعة أقحاح.
علينا أن نذكر لهم ما حصل في ظلمة عام 1980، حينما هاجم اوباش صدام،بيوت الفيليين، لا لذنب ارتكبوه سوى لأنهم شيعة؛ ينتمون الى أمة حية ممسكة بالأقتصاد العراقي، فاصدر أمرا بجمع مئات من التجار من الدرجة الأولى من الفيليين في قاعة الشعب في بغداد يوم 7/4/1980 بحجة منحهم إجازات استيراد جديدة.
ثم أوعز المجرم طه الجزراوي الى جلاوزته لإخراج التجار من الكرد الفيليين من الباب الخلفي، وتوجهت بهم الباصات وعلى الفور، الى الحدود العراقية الإيرانية لطردهم من وطنهم العراق وهم لا يحملون إلا هوياتهم ومفاتيح سياراتهم.
لقد تم إسقاط الجنسية العراقية عنهم وعن نصف مليون فيلي آخر، بموجب قرار فريد من نوعه، صادر عن مجلس قيادة الثورة في 7/5/1980، وتم تجريدهم من جميع الممتلكات والبيوت، والوثائق الثبوتية وشركاتهم ومتاجرهم العامرة ومصانعهم المنتجة .
ثم بعد ذلك تم حجز مئات الآلاف من العوائل الفيلية في بغداد والكوت وخانقين والحي وبدرة وجصان والبصرة وديالى وميسان والكوفة والناصرية خلال اشهر وبطرق همجية لا مثيل لها في التأريخ المعاصر، في سجون ومعتقلات النظام الدموي في الكاظمية والفضيلية وصدر القناة وأبي غريب والحبانية وسجون ومعتقلات محافظات واسط وبابل والبصرة وديالى والناصرية وميسان والكوفة والحي وخانقين ومندلي وغيرها من معتقلات صدام المقبور..
هناك بدأت أكبر تصفية بشرية شهدها التأريخ..!
https://telegram.me/buratha
