مرتضى عبد الجليل
ان ما يتعرض له البلد من هجمات بشتى انوعها، لم يكن بالجزء اليسير من المخططات التي وضعت لإسقاطه من الداخل وجعل "التناحر" و"عنوان الفشل" يحيط بكل شيء وشخص.
فما بين سياسة التجهيل وتزييف الحقائق بإستخدام جميع أنواع مساحيق التجميل لبعض الشخصيات على حساب الوطنيين جعل أغلب الشباب الواعي الواعد يصاب بالإحباط، بل بعضهم ترك الجلباب المناسب له وإرتدى ما لا يناسبه متأثرا بما يطرحه الإعلام مفضلا إياه على ما يحمله من منظومة أخلاقية وموروث فكري، فهذه الحرب لا يسمع بها أزيز الرصاص بل إعتُمدت اقلام الرصاص في خوضها، حيث ان كل فكر أو خبر ينشر يصيب الاهداف وبدقة عالية، فيحدث دمارا في المجتمع اكثر من ما فعلته(انولا غاي) بهيروشيما وناكازاكي، دون أن يكلف القائمين على الأمر أي عناء أو خسائر مادية تذكر، وهذا الإسلوب وإن كان حديثا إلا إن مرتكزاته قديمة تهدف الى تمزيق الأوطان التي يتصف شبابها بالوعي والتدين، فتتصاعد عبارات نتنة مفادها ((الدين افيون الشعوب)) لننسى "ان الدين ثورة الشعوب"، فتتم برمجة الأدمغة على إن الموروثات هي العصا التي تعيق (ديالكتيكية) التطور.
عندما تتعرض الأمة إلى هذا الكم الهائل من الإشكاليات تُنزع مفاهيم الوطنية، وهناك أيضا من ينتهج نفس الأسلوب لكن بشكل عكسي عندما يستغل الدين لتخدير الامة بدعوى إن الجنة بإنتظارهم وإن الدنيا دار ممر لا مستقر ووفق سطوة ارادة "المجتمعات المصلحية الضيقة" تتبدد أحلام الشباب وتسرق هويتهم ويساقوا نحو المجهول.
وبالإضافة إلى كل ما ورد، فهنالك الكثير من المشاكل الأخرى التي تتطلب حلولا جذرية، وهي لا تقل خطورة عن ما ذكر، منها مسألة القراءة أو كيفيتها، وفي هذا الصدد يقول (راي برادبيري) كاتب الخيال العلمي الأمريكي الشهير "لا تحتاج لإحراق كتب شعب لتدمر ثقافته، تحتاج فقط إلى جعل الناس تتوقف عن قراءة هذه الكتب".
ومن خلال ما قاله (راي برادبيري) نفهم إن هناك مسببات لإبتعاد الناس وخاصة فئة الشباب عن القراءة فضلا عن كيفيتها، فلو نظرنا إلى عدد المرات التي تغيرت به مناهج الدراسة، ولمَ أجريت هذه التغييرات؟
سنجد إن الكسب المادي من الأسباب التافهة والشخصية التي تدفع القائمين للقيام بالتغييرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بالإضافة إلى الواقع المزري لمدارسنا إبتداءً من الدراسة الإبتدائية وصولا إلى الإعدادية، فيولد الطالب كتوأم سيامي مع الكتاب، إذ أنه ينتظر بفارغ الصبر لحظة إنفصاله عنه.
وتتصاعد العبارات التي تزكم الأنوف مرة أخرى ومفادها ((أمة إقرأ لا تقرأ))
https://telegram.me/buratha
