المقالات

الفيليون ؛ لولا الأمل لبطُلَ العمل..!


طيب العراقي

 

"لولا الأمل لبطُلَ العمل" تلك هي مقولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، التي بقيت نبراسا لكل ذي أمل لتحقيق أمله، ولكل عامل لإتمام عمله، وباتت سياقا لكل الأحرار في تعاطيهم مع قضاياهم ومع آمالهم وأحلامهم، فالأمل معقود بالعمل، والعمل بلا أمل يصبح نوع من العبث..

الفيليون الذين تعرضوا لإبادة جماعية؛ على يد جلاوزة نظام الإجرام البعثي الصدامي، طيلة الثلث الأخير من القرن الماضي، تعرضوا أيضا الى تجاهل متعمد، لإحقاق حقوقهم والإلتفات لقضيتهم ومظلوميتهم؛ من قبل النظام القائم، والذي جاء كنقيض لنظام صدام.

حصل هذا التراخي والتجاهل؛ في مقاربة المشكلة الفيلية، لأسباب متعددة تعاضدت جميعها، لتشكيل مشهد تسوده علامات اليأس والقنوط، لدى أبناء الأمة الفيلية، من أن يعودوا الى وضعهم الطبيعي في الوطن العراقي، كمكون أصيل وكبناة فاعلين كما كانوا دوما، لعراق جديد تسوده قيم المساواة والمحبة والإسهام البناء، في إستعادة دوره الحضاري التأريخي.

هذا الواقع المقلق تشكل بسبب النفوذ الواسع، لبقايا النظام الصدامي في الأجهزة الحكومية، والأمنية منها على وجه الخصوص، وفي الأحزاب والقوى السياسية العراقية، التي فتحت أبوابها على مصاريعها للبعثيين، وبسبب سعي القوى السياسية الكوردية، لإذابة الفيليين في بودقتها، وبسبب عمل القوى السياسية الشيعية على تحويل الفيليين الى وعاء إنتخابي ومناسباتي، وبسبب طول فترة الإنزياح الفيلي الى المنافي، بعد تهجيرهم من وطنهم العراق، ومصادرة النظام البعثي لإملاكهم وأموالهم، بعدما قتل قرابة 30 الفا من خيرة شبابهم، وبسبب تشكل جيل ثالث من الفيليين في تلك المنافي، ذاب في المجتمعات الجديدة..

عام 2014، كانت ثمة إنطلاقة جديدة شهدها العراق، شكلت لحظة فارقة في تاريخه، وتحولت الى منطلق حاسم لبناء العراق الجديد، فالمعركة مع الدواعش الأشرار، الذين هددوا الوجود العراقي برمته، شكلت هذا المنعطف التأريخي، الذي كان للفيليين فيه دور بارز، في الأستجابة الفورية لداعي الوطن ولفتوى المرجعية الدينية، التي تميز الفيلييون بإندكاك مبرم بها على مر العصور، نظرا لعمق إنتمائهم لمذهب أهل البيت عليهم السلام.

الأستجابة الفيلية وإن كانت معمدة بقافلة طويلة من الدماء الجديدة، التي قدموها عن طيب خاطر، إلا أنها بدت بوابة ممتازة لأمل جديد، يستعيد فيه الفيليون توازنهم، ويمسكون في زمنه أوراقهم بأيديهم مجددا، بعد أن كادت تذروها رياح القنوط واليأس، التي تشكلت للأسباب التي قاربناها آنفا، ليكونوا بوابة وحدة العراق وشروع مكوناته ببناءه مجددا..

حينما يكون الأمل معمدا بالدم، خصوصا الدم الجديد؛ الذي مازالت حرارته مستعرة في تراب الوطن، يمكن ان يتحول هذا الأمل الى منطلق لعمل كبير، يقوم به الفليين ذاتهم، قيادات وأفراد، أسر وجماعات، ليس من أجل إستعادة الحقوق حسب، بل أيضا من أجل لملمة الشتات، ووضع آليات داخلية ومع شركاء الوطن، لغرض إعادة ترتيب الأوراق، وبما يضمن أن نسير معا ويدا بيد، في عراق واحد موحد حر مزدهر، فيه مساحة للجميع، لا يُظلم فيه أحد أو يهان، أو يُهجر أو يقصى أو يُهمش، كما حصل مع الفيليين في عهد الطاغية صدام، وفي العهد الجديد الراهن أيضا، بقصد أو بدون قصد..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك