عبد الكريم آل شيخ حمود
في البلدان التي تسعى سعياً حثيثاً نحو التطور والإرتقاء بمستوى الأداء السياسي ليصبح الشعب هو مصدر السلطات والتشريع،من خلال ممثليه في جمعية وطنية من النخب الصالحة والنزيهة ، حتى تلبي متطلبات الحياة الحرة الكريمة لعموم الأمة،وهذا المفهوم هو الخيار الديمقراطي الذي ثبت نجاحة في أغلب بلدان العالم التي تخلصت من نير الاستعمار والعبودية للأجنبي بعد عقود طويلة من الهيمنة والتسلط.
لكن في منطقتنا العربية عموماً والجزيرة والخليج خصوصاً ، وجدنا إن الأمر مختلف تماماً عما هو عليه ، فقد كشفت الدول الاستعمارية عن نواياها الخبيثة،من خلال الإتيان بمشيخات وعوائل سلطتها على شعوب هذه المنطقة الحيوية من العالم،لاسيما وهي تظم اكبر إحتياطي نفطي في العالم ، أضف الى ذلك موقعها الجغرافي المتميز الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا ، كل هذا شجع دول الاستكبار العالمي على دعم هذه الوجودات وإمدادها باسباب القوة والبطش وخنق أي بادرة لنيل شعوب هذه المنطقة الإستقلال الكامل وفرض السيادة الوطنية على أراضيها.
ولنأخذ البحرين مثالا حاضر،التي نالت استقلالها الشكلي عام 1971من الاستعمار البريطاني ، فقد وقعت عائلة خليفة المتنفذه مع الجانب البريطاني المحتل لهذه الجزيرة معاهدة في 15 آب عام 1971،في ظاهرها معاهدة صداقة وفي بنودها معاهدة حماية مقابل سيطرة الجانب البريطاني على حقول النفط وإستثمارها ، بموافقة عيسى آل خليفة،الذي توفى عام 1999 ليخلفة ولده حمد الذي أعلن البحرين مملكة عام 2002؛لتبدأ اقسى مرحلة من مراحل حكم آل خليفة على الشعب البحريني ؛ حيث خنق الحريات السياسية وزج الاحرار في السجون والمعتقلات وتغييب لغة الحوار مع الطيف الأعظم من الشعب البحريني؛حتى كانت الشرارة الأولى للثورة البحرينية عام 2011 ،متزامنة مع ما أطلق عليه بالربيع العربي.
فبدلا ً من السماع الى مطالب الجماهير البحرينية،راح هذا النظام يقمع الانتفاضة الشعبية وإستخدام أقسى أنواع الأساليب البوليسية مستخدماً الأسلحة النارية التي لاتفرق بين الكبير والصغير فوقع الكثيرون ضحايا العنف؛مع زج الاحرار في السجون والمعتقلات وفرض الإقامة الجبرية على القيادات العلمائية، والمثال الاكبر على ذلك هو عزل سماحة الشيخ أية الله نعيم قاسم عن أنصاره ومؤيديه ، رغم كبر سنه وحالتة الصحية الحرجة ،ولتتوالى احكام التعسف ضد النخب البحرينية الواعية والمطالبة بالحقوق والحريات الأساسية؛فكانت آخر هذه الأحكام الجائرة هو صدور الحكم بالسجن مدى الحياة على سماحة الشيخ المجاهد علي سلمان في محاولة من النظام الخليفي تغييب دور الثلة الصالحة في قيادة الجماهير نحو الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،لكن هذا الإجراء لم يفت في عضد الشعب البحريني الثائر والمتطلع للحرية وحكم الشعب.
https://telegram.me/buratha
