المقالات

 البصرة: بين الحق والإستحقاق..!


المهندس الإستشاري سعد الزيدي

    بُنيت مدينة البصرة في بداية الحكم الإسلامي في العراق، في موقع إلى الشمال الغربي من الابلة وموقع مدينة البصرة الحالي، ومنذ عصر الخلافة الراشدة كما يطلق عليها في كتب التاريخ، كانت البصرة ولاية ذات أهمية سياسية وعسكرية واقتصادية، لما لها من موقع جغرافي وثروات متعددة وكثافة سكانية،كما  تحولت إلى حاضرة تمتد حدودها حتى البحرين، يوم لم تكن التجمعات السكانية في الحضر والريف، على امتداد الضفة الغربية للخليج تمثل مركزا حكوميا أو ثقافيا.

وفي أيام الحكم الأموي والعباسي للدولة الاسلامية، كانت ولاية البصرة واحدة من الولايات المهمة في إيرادات الخزينة ( الخراج انذاك )، وبناء القوة العسكرية للدولة ومركز ثقافي إسلامي هام، شارك في وضع الأسس المميزة للثقافة والفلسفة الإسلاميتين، وسرعان ما أصبحت من مراكز العالم،  في تخريج العلماء والفلاسفة وفي دراسة علوم الإسلام، اللغة والترجمة، ومدخل للتبادل الثقافي والتجاري مع الآخرين، ثم أنها بقيت مركز اقتصادي هام إلى يومنا هذا، إي قبل وبعد اكتشاف النفط، بسبب ثرواتها المتنوعة وموقعها البحري، وبقيت كذلك كإحدى ثلاث ولايات تشكل الدولة العراقية.

 وتمتاز بانفتاحها على كل الثقافات وبالتجانس السكاني والتعايش السلمي  كما أنها تقدم اكبر قسط من التضحية عندما يتعرض العراق للغزو  كونها بوابة العراق، وأخيرا وليس أخراً هي موطن النخيل، وخزينة العراق، وبوابته الوحيدة التي يطل منها على العالم الخارجي، فعندما نقول تستحق اهتمام متميز فهو حق طبيعي وليس منة من أحد.

 تضائل الاهتمام بولاية البصرة أيام الحكم العثماني الجائر المتخلف، وكذلك الفترات المظلمة  التي أعقبته وسارت على ذلك منذ تشكيلها في 1921الحكومة العراقية وحتى حكومة ثورة1958  لم تعتني بلواء البصرة أنذاك ،كما ينبغي رغم إنجازاتها على مستوى العراق أما حكومة البعث من1968 الى سقوط الصنم في 2003فلا اهتمام أو استحقاق في قاموسها لمحافظة البصرة.

إن هذا الإهمال المتعمد معروفة أسبابه ودواعي،ه لكن الذي يلفت النظر ويثير التساؤل، هو أن المستجد الايجابي في السياسة منذ سقوط حكم الصنم والى اليوم، لم يشهد انعكاس يماثله على مكونات الحياة في محافظة البصرة، مثل بناء مشاريع إستراتيجية نوعية ذات نفع عام، كتفعيل الإدارة اللامركزية، وتوزيع الإيرادات بما يتناسب وحجم الاحتياج والضرر الذي لحق محافظة البصرة، بل نشهد حالة التردد والخوف من الإقدام على مثل هذه المشاريع، ولو أنها حاجة ماسة لكل العراقيين من الشمال الى الجنوب، سيما وأن مبررات ودواعي الخوف والتردد قد اضمحلت، وأن العراقيين دفعوا بدمائهم ضريبة التخلص منها، ومن حكم الطغيان والاستبداد، وأصبح في مزبلة التاريخ الى حيث لا رجعة، كما أن حالة التطور والحداثة التي تطالعنا كل يوم بالانجازات العملاقة في العلم، تضغط على مكونات الشعب، وتوجب التحرك السريع لتحقيق تنمية حقيقية، وبالتالي فمن حق العراقيون التطلع والأمل أن يلحقوا بالعالم.

إن الالتفات الى الخصوصية المميزة للبصرة، يحتم أن تكون الحكومة المحلية في البصرة، ذات حضور فعال في ادارة الوجودات الحكومية المختلفة، وهذا يعني في لغة الإدارة، توسيع صلاحيات حكومة البصرة، وبلغة الشارع يعني تقليص مفهوم عبارة (ننتظر جواب بغداد روح الى بغداد)..مما يحتاج الى غطاء قانوني، حتى تستطيع القيام بأعمال التنسيق بين مختلف النشاطات، والتخطيط الشامل للمشتركات للمنطقة جميعا.

أذا كانت أسباب تضائل الاهتمام بالبصرة في الفترة المظلمة، أسباب قبيحة فأن الأعذار التي يتذرع بها الذين يؤخرون صدور(تشريع البصرة عاصمة اقتصادية) أقبح، حتى من الفعل نفسه، فهي أسباب واهية، وأن أقواها يعد سبب ثانوي جداً لا يملك مبرر، وهنالك هامش واسع للمناورة والحركة،

أن الذين يقفون بوجه التحولات الواجبة مرحلياً، سواء كانوا من مكونات الحكومة المركزية أو البرلمان، فإنهم يقفون بالضد من تطلعات الملايين، لبلوغ مسببات الحياة العصرية الكريمة، والأمر يحتم تمييزهم، فهم صنفان: الصنف ألأول، أعداء خائفون ومرعوبون من أن تتطور البصرة! فأولئك ينفذون أجندة معادية، وهم دائما يقفون بالضد من مصلحة هذا البلد، وعلى القيادات البصرية وغيرها أن يدركوا ذلك، ولا يخدعهم معسول الكلام، أو تفرقهم أمام هذا الهدف المصيري ولاءات وانقسامات حزبية..والصنف الثاني أولئك الذين تنقصهم المعرفة والشجاعة، ولا يعتنون بعامل الزمن، فهؤلاء مخدوعين ومتخلفين، يجب أن لا يصلوا الى كراسي القرار، ولا يحق لأحد السكوت على فعلهم، فإدمان السكوت على حالة الإهمال ، ينتج نسيان الحقوق، كما أن القناعة بالواقع والتغاضي عن الاستحقاقات وعدم المطالبة بهل، يعد خنوعا ومثلبة تشجع على الشك بأن هنالك حق طبيعي مسروق أو مسلوب.

صبر البصريون طال كثيرا وأرجو أن لا يعفهم أحد بأنهم قد استسلموا للقدر، بل إن صبرهم يعني أن طبيعتهم المسالمة دائماً تنعكس في ردود فعلهم.

ويتعين أيضا أن يسود فهم رسمي لدى الحكومة المركزية، بأن  الصلاحية التي يجب أن تمنح لحكومة البصرة المحلية ليست لغيرها هي ضرورة قائمة ومتجددة، عالجها مقترح البصرة عاصمة اقتصادية، حيث أنه يوفر غطاءا قانونيا شرعيا له مبرراته الاقتصادية والديموغرافية.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك