المقالات

خدمات الحكومة وحكومة الخدمات

991 2018-09-26

فراس زوين /باحث اقتصادي 

لم تكد الاحداث الأخيرة في محافظة البصرة تشهد نوع من الاستقرار والهدوء، الآ بعد ان لم يبقى في فم الحكومة ريق يُبلع، وهي كعادتها في كل موسم صيف حين تتصاعد المطالبة الجماهيرية بالخدمات تعلن عن تفهمها للغضب الجماهيري، وتعد بتوفير كل ما هو من ابسط حقوقهم، وما كاد الشارع يركن للسكينة، الآ بعد ان اخذت نيران الغضب نصيبها من العديد من دوائر الدولة ، ومقرات الأحزاب ، وسواء كان هذا الغضب حقيقي ونابع من واقع المحافظة الملتهب، او جراء الدفع الخارجي والاندساس الداخلي، فالنتيجة واحدة، فقد طال الغضب ما طال واحرق ما احرق، وما اظن الآ ان وكيل المرجعية لايزال يعاني الم في حنجرته، من صراخه المستمر في اذان الحكومة، وهو يدفعها وينصحها بمزيد من الخدمات، تقدمها لهذا الشعب الجريح عموماً، ولأبناء البصرة خصوصاً، ولم تكن الأمور لتهدء لولا ان شمرت المرجعية رداء الكلام والنصيحة، ولبست بدلة العمل وصندوق ادواتها على اكتافها لتصلح بنفسها الواقع المتعثر لمياه الشرب في محافظة البصرة. 

ان الأجواء السياسية الحالية، والتكهنات والاحتمالات التي تتواتر من هنا وهناك عن هوية الحكومة القادمة، تمنح القارئ الكريم كما لكل العراقيين الحق ان يسألوا عن مصير شعارت كل الحكومات التي سبق وان تسلمت زمام الأمور، واثرها على الواقع الحقيقي، فلا اكثر من وعودهم بالعدالة والخدمة والرخاء ووعودهم بالمستقبل والعمل والبناء ووعودهم بمحاربة الفساد من المنبع الى المصب حتى وان كان منبعه اولوا القربى ومصبه جيوب الاقربين، ووعدونا بما لاعين رأت ولا اذن سمعت من الرخاء والحرية والبناء، وكما يقول المثل الشعبي (خل ياكلون مادام خالهم موجود) وعند البحث عن نتائج وعودهم، وعن الخدمة التي قدمتها الحكومات المتعاقبة للشارع العراقي، طوال السنوات الماضية، فلن تجد سوى نقص الكهرباء، وانقطاع الماء، وتعثر شبكات الصرف الصحي، وتراجع التعليم، واتساع البطالة وضعف الإنتاج بانتحار الصناعة الوطنية، وغيرها الكثير والكثير من أبواب الحيرة والتناقض بين الوعود الحكومية والواقع الحياتي المعاش . 

واليوم والعراق يشهد السباق المعتاد والمتكرر كل اربع سنوات لتشكيل الحكومة، وقد دفع الشارع نصيبه من هذا التشكيل توتراً وانقساماً وضغطاً وحيرة، لتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء في سلة المناصب التي ماعدا يمكن ان نزيل صبغة المحاصصة عنها، يبقى هم المواطن هو الخدمات التي يسمع عنها ولا يراها. 

ان حاجة العراق اليوم لا تختلف عن حاجته بالأمس، وان الصفة التي كان يجب ان ترافق اول حكومة عراقية بعد عام ٢٠٠٣ هي نفس الصفة اتي يجب ان ترافق الحكومة القادمة ، فبعد ان مل المواطن التعثر والتراجع في خدمات الحكومة فانه ينتظر حكومة الخدمات، وحكومة تعي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها البلد، فبعد ان طوى صفحة الاحتلال، وصفحة الاحتراب الداخلي، وطوى صفحات الإرهاب، معلناً النصر على داعش وان كان الثمن دم ابنائه، فقد ان الاوان لحكومة اقتصاد وخدمة، بعيدة عن أسس المحاصصة البغيضة، مدركة حجم الازمة الاقتصادية والاجتماعية، وقادرة على وضع الحلول، لانتشال العراق من تراجع الواقع، وضياع معنى الغد، لكثير من الشباب من أبنائنا واخواننا الذين لم تعد تعني لهم الوعود الحكومية سوى كلمات تثير الضحك كأي نكته ساموا سماعها وانما يضحكوا عليها ولا يضحكوا منها، 

ان سوء الأداء السياسي في السنوات السابقة، وارتفاع وتيرة التظاهرات في الايام القليلة الماضية والتي بدأت تلبس رداء الرفض المقترن بالفوضى، ينبئ عن خطر قادم قد يهدد كيان الدولة بأسرها ان لم تكن هناك حلول حقيقية، ولعل الحكومة القادمة ان كانت حكومة اقتصاد بعيدة عن معطيات المحاصصة، تأخذ الحلول الاقتصادية كمنطلق في معالجة المشاكل الاجتماعية والخدمية، هي الامل الأخير لصد تسونامي قادم نابع من تردي الحالة الاقتصادية والمعاشية والاجتماعية وانعدام الخدمات ومستهدف في طريقه البناء السياسي الحديث بأسره. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك