بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
لا شك إن الانعطافات الحادة التي شهدتها الحياة السياسية العراقية كالاطاحة بنظام الحزب الحاكم والمدينة الحاكمة والاسرة الحاكمة والحاكم الاوحد، ومن وراء ذلك تدشيننا لانماط جديدة دخلت قاموسنا السياسي كتجربة مجلس الحكم والحكومة المؤقتة والاخرى الانتقالية وكتابة الدستور كوثيقة شرعية اولى تأسست على ضوئها هيكلية عهدنا العراقي الجديد وصولاً الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية العراقية القائمة حالياً على اساس التمثيل النسبي للمكونات الاساسية للشعب العراقي، وكذلك ما املته نتائج الانتخابات التشريعية الاولى والثانية؛ نقول لا شك ان كل ذلك مثّل ويمثل الاساس المتين للدولة العراقية الحديثة القائمة على اساس احترام الآخر واشاعة ثقافة التعددية وتجسيد مبدأ الشراكة وممارسة التداول السلمي للسلطة والابتعاد بالعراق عن سوق المساومات الاقليمية والدولية، وفتح الاقتصاد العراقي امام فضاءات ومناخات وقوانين جديدة تتماشى والتطورات المتسارعة التي خاضتها حكومات وشعوب العالم المتحضر.
وبالتأكيد ان اية عملية بناء لا يمكن لها ان تقوم بشموخ وثبات وتماسك وعطاء ما لم تتوافر لها اسس قوية ومتينة، خاضعة في فترة او حقبة زمنية الى اختبارات حقيقية لتفحص دقة قوتها ومتانتها ومدى تحملها للبناء الذي يراد تشييده فوقها. وهنا تاتي اهمية الاختبارات والفحوصات المتتالية والمطلوبة لتلك الاسس كي يصار الى التأكد من سلامتها وبالتالي لاستكمال عملية البناء على وفق ضوابط علمية وفنية سليمة.
وقد مرت العملية السياسية الجارية في العراق باختبارات عديدة وخضعت كل تلك الاختبارات لشتى انواع الاحتمالات والدراسات والتقويمات خصوصاً في المجالات الميدانية والدستورية والامنية بمختلف اتجاهاتها ومناخاتها وظروفها وما تخللها من اصطفافات وتآمر من قبل بعض القوى المحلية مدعومة من دوائر اقليمية واخرى دولية.
من هنا تأتي الاهمية الاستراتيجية لمسيرة الولاء والنصرة التي شهدتها مدينة النجف الاشرف عصر الخميس الفائت، حيث اظهرت هذه المسيرة حقائق عديدة غير قابلة للالتفاف، منها استحالة تمتع اية مؤسسة سياسية بمفردها بكل هذا العمق الجماهيري المليوني سواء الذي كان ظاهراً منه بشكل علني من خلال المسيرة او من خلال المشاركة الوجدانية للذين لم تتح لهم الظروف الشخصية للقدوم الى نقطة انطلاق المسيرة.ان المئات من الآلاف من الذين شاركوا بهذه المسيرة فضلاً عن اهمية قدومهم من كل مناطق العراق وتعبيرهم عن ولائهم ونصرتهم لقياداتهم الدينية والسياسية يعد هو الاكثر اهمية خصوصاً بعد التشكيكات التي بدأت تظهر هنا وهناك والقائلة بوجود هوة فاصلة بين جماهيرنا وقياداتها.نعتقد ان تلك الامواج البشرية الهادرة قد اجابت المشككين و المتآمرين على تخرصاتهم الحاقدة والدفينة من خلال الحناجر التي صدحت بصوت عربي مبين: نعم.. نعم لعراقنا الجديد وقيادتنا الحكيمة.
https://telegram.me/buratha