( بقلم : عمار العامري )
طيلة العقود المنصرمة وبالتحديد بعد تتويج فيصل ملكا على عرش العراق وخلال تلك الثمانين عام التي لم يهدا الشارع العراقي من ألازمات الداخلية والانقلابات العسكرية والتداخلات الأجنبية منذ أول حكومة برئاسة النقيب بدأت المؤامرات تحاك ضد الشعب العراقي وباتت سياسات التهميش والاستغلال وغلبت البعض على الكل وربح الأقلية مقابل خسارة الأكثرية في حقها في تقرير مصير الشعب والسبب يعود إلى الأفكار التي استوردت من الغرب لتكون هي الشريعة للشعب العراقي وبالتحديد بما جاء به ساطع الحصري من حثالة الأفكار القومية التي يريد بها إلغاء الدستور الإسلامي وإنهاء المظاهر الدينية وتحويل العراق والبلاد العربية إلى وجود مادي وتفريغه من محتواه الروحي والفكري كما فعل أسياده من سلب حقوق الديانات في الغرب وجعل الروحية متقهقرة في الكنيسة ومختصره على رجال الدين فقط وكل ذلك نتيجة اتفاقيات لم تكن اتفاقية سان ريمو البداية وليس النهاية للمؤامرات والتوجهات الصفراء والدعم اللامحدود إلا أن الصراع بدء يحتدم بين التوجه المادي والذي تمثله الأفكار الإلحادية والقومية (البعثية) من جهة والتوجه الديني والذي تقوده الحوزات العلمية ومراجع الدين في النجف الاشرف على طول الخط التاريخي.
بدء الشعب العراقي يقدم النفيس دون حماية الإسلام من الخطر المحدق به فأعط الآلاف من الشباب في مطامير وقعور السجون وتهجرت ألاف العقول ودفنت الأحياء وانتهكت الأعراض وسلبت الحقوق وانقلبت الموازين في كل المجالات ضريبة للمد المادي الذي قاده القوميون المدعومين من بعض الدول العربية التي تحاول ولحد ألان إرجاع ذلك العدو للشعب العرقي الذي لا يرضى العيش إلا لنفسه.
الكثير من العراقيين لم يقتنعوا بان من وراء صدام الذي تزعم الصراع القومي الإسلامي هو بعض الدوائر العربية التي دفعت به إلى حرب ضد إيران وساندته في غزوه على الكويت واصطفت معه في أبادت الجنوب وأنفال الأكراد وتدمير المنطقة الغربية منذ اللحظات الأولى انقلابه الأسود.
ورغم النهاية المظلمة لصدام إلا إن تلك الدوائر واقصد من لها تأثير على الوضع الحالي في العراق لم يروق لها التوازن الحالي في السياسة العراقية وأعادت المعادلة الحقيقة إلى وضعها الطبيعي فبدأت في دعم الإرهاب من خلال أجندته السياسية والعسكرية فمن الجانب السياسي حركت بعض العناصر الملطخة أياديها بدماء العراقيين لتجعل منهم واجهات سياسية يتكلمون باسم شرائح معينة وتحت لافتات ذي عناوين براقة يطوفون بلدان العالم لتحريض ضد الشعب العراقي والعمل على تسقيط الحكومة الوطنية في بغداد عن طريق محاولات بائسة في انقلابات مدعومة وأثارت أزمات سياسية بين الحين والأخر في مناطق العراق ليبعثوا صورة مشبوهة عن الواقع العراقي الذي يعمل الكل على استقراره وعيش أبنائه برفاهية وأعادت أعمار ما دمرته عجلتهم العسكرية. وإما الإرهاب فهو اخطر الأجنحة العسكرية للتحرك القومي في العراق بما فيه من أساليب وحشية للقتل والخطف والتهجير والدمار والخراب وزعزعت الأمن والاستقرار ومحاربة العلم والعلماء ومحاولات لزرع الفتن الطائفية وأثارت ألازمات الدموية بين بعض الطوائف التي لا تملك فكر واضح كل ذلك نتيجة لاستخدام أدوات عديدة في إرهاب الشعب العراقي كالتجنيد لضعاف النفوس من الصدامين والمرتزقة الذين كانوا يقتاتون على قوت العراقيين أمثال عناصر منظمة خلق الإرهابية واستخدام معسكرهم (اشرف) للانطلاق نحو الحواضر العراقية الإسلامية كتفجير المدن المقدسة في سامراء والنجف الاشرف وكربلاء وأيضا فتح الحدود أمام أصحاب الأجساد العفنة من براثن القاعدة والتكفيريين والهدف من ذلك خلق أجواء تعكس سوء نوايا الإدارات العربية القومية التي لا تريد قيام دولة عراقية تقوم على أساس ديمقراطي تحكم نفسها بنفسها ولكنها تريد حكم قومي ليكون أداة بأيدي بعض الحكام العرب الذي يشعرون بضعف كبير أمام الوجود العراقي الذي يعود إلى تاريخ وحضارة عرقيتين لا تملك تلك الإدارات حظا مثل هذا المجد.
لذلك تبادر في السيطرة على زمام مقاليد الحكم في العراق من خلال عودة الصدامين السفاكين إلى السلطة من جديد وعادة المعادلة الظالمة التي حكمت العراق وسيطرت فيها الأقلية القليلة والمدعومة من الدوائر القومية على الأكثرية العراقية.
https://telegram.me/buratha