المقالات

من حقنا أن نرتاب

1532 01:20:00 2007-06-26

بقلم : السيد ابو مرتضى العسكري

يروى أن فارسين من فرسان العصور الوسطى تقابلا عند تمثال وكانا كل على صهوة جواده شاكا سلاحه، فقال الفارس الأول هذا التمثال الأسود ما أجمله ،وقال الفارس الثاني ما أروع هذا التمثال الأبيض ، فتعاندا واستمرا متعاندين إلى أن تقاتلا ،ولا نعلم من قتل من ، لكننا علمنا بعد انجلاء المعركة أنهما تقاتلا على شيْ له وجهين ، وجه ابيض وآخر اسود .

وهكذا حال السياسة الأمريكية ، فما يجري هذه الأيام من تحولات ميدانية بالوضع الأمني والسياسي يثير الشهية لطرح أسئلة كثيرة ،معظمها منطقي ويجد مساحة من المشروعية، أول التساؤلات ،هل أن ما بات يعرف ب (مجالس الصحوة) بالمحافظات الخارجة عن القانون ـ هذا أفضل وصف لها ـ وبالمناطق الواقعة تحت سيطرة القوى السنية المسلحة ومن بينها القاعدة ثمرة نجاح أم بداية نكوص أم تحقيق لأمر واقع يقضي بالاعتراف بشرعية سلطة تلك القوى؟فالأمريكان ليسوا حمقى أو مغفلين ، والسياسة عندهم فن له معاهد أبحاث ودراسات على أعلى مستويات المعرفة ، والقرار عندهم يصنع بسلسلة طويلة من مراكزه ، حتى أخطاءهم يتم تصميمها عن عمد لتعطي ثمارا ، وهم براغماتيون بامتياز ، ثم أنهم متحالفين مع الإنكليز الذين يحسبون تفاصيل أي عمل يقدمون عليه ، حتى الشاي يشربه الإنكليزي بالساعة الرابعة عصرا بالضبط، وتحول أعداد من المقاتلين الذين كانت بنادقهم موجهة إلى الأمريكان والقوات العراقية عن قتالهم لابد أن يكون قد خضع لتخطيط مسبق ، والمعطيات التي بين أيدينا تطرح مخاوفنا وتساؤلات تدور في أذهان المتابعين ، فأولا ؛أن القاعدة التي كانت وراء أحداث سبتمبر 2000الشهيرة والتي غيرت وجه العالم ، صناعة أمريكية 100%بأدوات إسلامية و بفكر وأموال سعودية ، انتقلت لاحقا لقتال الأمريكان لاختلاف الممكنات، والجهات التي تتظاهر اليوم بأنها تقاتل الأمريكان هنا بالعراق هي التي احتضنت القاعدة ووفرت لها المجال الحيوي للعمل.

 وثانيا أن الأمريكان يسعون منذ للحظة التي ظهرت فيها نتائج الانتخابات العراقية مخالفة لتوقعاتهم أو لتخطيطهم للالتفاف على هذه النتائج وتدميرها وتحجيم الشيعة أما استجابة للضغوطات الرسمية العربية ،أو انسياقا مع منهج حلفائهم الإنكليز بالإتكاء على الأقليات في البلدان المحتلة ،وهو نهج قديم كان قد سلكه كل المحتلين عبر التاريخ ومنذ الإسكندر المقدوني، لأن الأقليات تحتاج أليهم وهم يحتاجون إليها إزاء الأكثرية التي لا تكترث عادة للأجنبي أو المحتل لأنها بغنى عنهم ، أن الشيعة ليسوا ضمن المجال الحيوي للأمريكان لأن الصهيونية العالمية والتحالف الأمريكي البريطاني يعملون باتجاه واحد ، وهدف كبير بالنسبة لهم وهو جعل وجود إسرائيل حقيقة ثابتة ليست فقط مقبولة من المحيط العربي ، بل تجعل هذا المحيط بحاجة دائمة إلى وجود إسرائيل ، وبهذا الاتجاه استطاع التحالف المذكور صناعة وهم بعدو للأمة العربية غير إسرائيل ، فكان أن نجح في زرع وهما لخوف من البعبع الإيراني وخاصة بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران وفلاحها،وإمعانا بهذا الإيهام وزيادة في تعقيد الحالة صور الشيعة على أنهم حلفاء طبيعيين للبعبع الإيراني أن لم يكونوا هم البعبع ذاته، وارتاح العرب لهذا السيناريو الجديد للعدو الإستراتيجي ، فهولا يرفع الحرج عنهم أمام شعوبهم التي تطالبهم بموقف تأريخي من إسرائيل ووجودها حسب، بل ويجعل الحكام في موقع مطالبة الشعوب بالاستعداد الدائم للعدو القديم الذي يخرجون ورقة عداءه كلما تطلب الأمر ذلك، وهكذا فإن إسرائيل والأنظمة العربية تقف اليوم في جبهة واحدة ضد إيران والشيعة سواء في موضوع الملف النووي الإيراني أو موضوع لبنان وحزب الله فيه وشكل نظام الحكم في العراق اليوم.ورابعا أن القوى التي أوقفت قتالها للأمريكان والقوات العراقية واتجهت لقتال القاعدة وتشكيلاتها بدعم لوجستي أمريكي وبتمويل وإسناد ومباركة رسمية عراقية ،ستستطيع في النهاية من تفكيك بنى القاعدة وامتصاصها أو على الأقل تحييدها أو تحجيمها على الأرض، كما في الحالة الأفغانية ، وسيكون من حقها الذي لا تلام عليه أبدا أن تدخل العملية السياسية لأن للدماء ثمن ، وسنكون إزاء مشكل جديد، فالقوى التي تدعي تمثيل السنة حاليا بالبرلمان والحكومة والتي دخلت العملية السياسية تحت هذا العنوان وليس غيره لن تتخلى عن مواقعها للقوى المنتصرة بالميدان والتي تطالب باستحقاقها، وهو استحقاق مشروع ومدعم بالقوة التي تمتلكها، وإذا كان من الممكن حل المعضلة وبعضا من جوانبها على صعيد المشاركة بالحكومة أو في الحكومات المحلية والمناصب الرسمية التي أمرها بيد رئيس الوزراء لوجود المجال الدستوري ، فانه ليس أمامنا من حل إلا بإجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب سيكون من نتيجتها (خلطة) جديدة للأوراق ليست في صالحنا حتما ، وربما هذا هو المطلوب عربيا وأمريكيا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
طائر الجنوب
2007-06-26
الحل ان تقدم القوى الفاعلة في المناطق السنية بطلب الى مجلس النواب يطالبون فيه بانتخابات جزئية في مناطقهم باعتبار ان الانتخابات جرت في مناطقهم وكانت القاعدة تسيطر عليها ولم يتمكن ممثليهم الحقيقيون من الترشح بحرية .. وسنرى ابطال الصحوة في كل المحافظات السنية وقد فازت وبذلك نعزز المسيرة ولانخسر ماانجزنا
المهندسه سوسن
2007-06-26
انا اصاب بالخيبه وليس العجب عندما اقرأ التحليلات السياسيه بشان تحولات السياسه الامريكيه فى العراق خاصه ان الستراتيجيه الامريكيه منذ البدء كانت هى اخراج الشيعه من الهيكله السلطويه فى العراق اذا رجعنا الى الاعلام العربى منذ الوهله الاولى للسقوط وعباره المثلث السنى المقاوم كانت فى الحقيقه هى تهيأة السنه لمقاليد الحكم كمقاومين واستدراج الغالبيه الشيعيه لانتخابات واسقاطها سياسيا بعراقيل منهكه واملاءات امريكيه غابت عن الائتلاف ادراكها ويبدو ان العز حلو الرضاع مر الفطام ::وبمراره هذا هو المشهد العراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك