بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة
قد يكون السياسي المعارض لنظام صدام خلال مرحلة جهاده ونضاله وما لحق بحيف وظلامات وتعسف بأهله وذويه؛ قد يكون واحدا من الذين كانوا يمنون انفسهم بالعيش الرغيد في ظل دولة يقودها رفاقه بالجهاد يوم تصبح دولة ليس فيها كيانات كمجلس قيادة الثورة ومحكمة الثورة وجهاز الامن الخاص والعام ومنظومات المخابرات والاستخبارات وفيالق وألوية وسرايا الجيش الشعبي والأخرى الخاصة بـ(جيش القدس).
وقد تتمدد احلام تلك الشريحة افقيا وعموديا وهم يتصورون فترة قادمة لا وجود فيها للحاكمية ولا للرضوانية وبدون اقبية ولا حقول للمقابر الجماعية لتحل محل ذلك كله مؤسسات دستورية وكفاءات نخبوية وقوانين حضارية ومدارس نموذجية وتجمعات مدنية ولجان ميدانية ودراسات استراتيجية للنهوض بإعادة بناء الوطن ومن قبل ذلك إنصاف الكردي المعزول والشيعي المضطهد والسني الضحية والتركماني الملغى والفيلي المبتلى بقوميته ومذهبه.بل تمادى البعض بأحلامه الوردية الى الحد الذي دفعه للاعتقاد بأن الاسرة العراقية ستتقاضى يوميا قيمة برميل من النفط على الاقل بعد استعادة الكوبونات من ظاهرة عبد الباري عطوان ومحمد المسفر ومعن بشور ومصطفى البكري والآخر الفلسطيني التميمي وصولا الى جورج غلوي ورمزي كلارك..
الا ان شريحة الموظفين السابقين في الدولة ذهبت بهم نرجسيتهم الى شاطئ اخر، فمنهم شطَّ الاعتقاد به الى ان شراكته الفاعلة في العمل المعارض ستُفعَّل دوره في الدولة الجديدة، وهناك لون اخر من هؤلاء- الحالمين- الذين اتعبهم واضناهم فعل السنوات العجاف في مقارعتهم لذاك النظام كانوا يقسمون انهم حالما تطأ اقدامهم ارض العراق فسيقضون ما تبقى من اعمارهم بين ابنائهم الذين كانوا يعيشون كاليتامى في ظل الحياة التي كان يعيشها آباؤهم في المنافي وسيكتفون أولئك من الدنيا والدولة والعهد الجديد باستحقاقاتهم القانونية التي لا فضل لأحد فيها عليهم كإعادة رواتبهم ومنحهم والامتيازات التقاعدية التي درجت عليها الدولة حتى في ظل النظام المخلوع.الطامة الكبرى ليست فقط ان هؤلاء وجدوا انفسهم رقما متقدما او متأخرا في الطوابير امام بوابات الاستجداء المستهدفة من قبل اصحاب الهراوات والمفخخات ومرتدي الاحزمة الناسفة، بل الطامة كل الطامة ان هؤلاء وجدوا قوانين شرَّعها زملاء لهم كانوا معهم بالامس في ساحة الطرف الاغر بلندن والساحة الهاشمية في عمان ودوَّار الحجيرة في دمشق يطالبونهم بتسديد اقساط تقاعدية تعود لخمسة وعشرين عاما خلت وبمعنى ادق لثلثمئة شهر لم يتسلموا عنها فلسا واحدا، وقد سألت قبل ايام زميلا لي كان طبيبا بيطريا عما وصلت اليه مسألة عودته الى الخدمة وعملية احتساب تقاعده، فجاءني الجواب اولا من يديه التي راحت تهتز يمينا وشمالا فيما لسانه ردد عبارة كان نصها يقول: "يجب ان ابيع بيتي الذي ورثته عن ابي كي اسدد اقساط تقاعدية مليونية لرواتب لم اتقاضاها اصلا كي احصل على مئتي الف دينار شهريا في احسن تقدير".. والعاقبة للمتقين.
https://telegram.me/buratha