بقلم : الشيخ عبد اللطيف آل زريع
الطائفية.. لعبة جديدة وسهلة على دولة كالولايات المتحدة الامريكية أن تلعبها في مكان كالوطن العربي. ولست بصدد الحديث عن الاجندة الامريكية الجديدة، فهي دولة تسعى لاحكام السيطرة على مقدرات المنطقة، لكن الذي يهمنا هو أن هذا الاعصار الذي نشهد تفاعلاته اليوم في العراق ولبنان وغيرهما من المناطق التي نيرانها تحت الرماد، هو أخطر الكوارث التي تصيب المنطقة، خصوصا وأن المجتمعات العربية التي مورس بحقها التجهيل والعبودية ومسخ الشخصية،هي اليوم اكثر استعادا لمثل هكذا صراعات،ويكفي أن فكر القاعدة هو الفكر المسيطر على عقل الشارع العربي.ولان مخزون العرب العاطفي كنفطهم فوار لاينضب، ولانهم حين يقرأون التاريخ لايستفيدون منه بل يعيشون في زواريبه بكل ثقلهم ورحالهم، بالاظافة الى انتشار السلفية كمادة خام وصواعق لتفجير تلك العواطف وجعلها الغاما جاهزة للانفجار في أي وقت، مؤدى افكارها الضرورية ونظرياتها أن تسود الفرقة والتعصب بين المسلمين. و التي انتشرت عالميتها بسبب الطفرة الاقتصادية بالاظافة الى انها كانت ضرورة للقوى اللاعبة ابان حرب الخليج الاولى. لذا فان هذا الطريق ظل الاسرع والاسهل لاشعال فتيل مثل هذه الحروب الجديدة تمهيدا لمشارع تقسيم او مايعرف بشرق اوسط جديد.
ولاننا نحن الشيعة نمثل الطرف الاخر من المعادلة، ولان من بختنا ايضا ان بحيرات النفط تختار مضاربنا لتتجمع تحتها.. من عبادان الى العراق مرورا بالقطيف والبحرين الى الاحساء. لذا فان سهام القوم تبقى مصوبة نحونا.
وأنا اجزم هنا أن الاستبسال العربي الذي نشهده اليوم في العراق، والعمليات الانتحارية ضد العراقيين وهي الاغلب، في الاسواق ودور العبادة والتعليم.. الى الدعم المالي الهائل، لم يكن للوجود الامريكي واحتلاله العراق، بمقدار ما هو رفض للواقع الشيعي الجديد في المنقطة العربية..
وقد اثبتت التصاريح والمواقف، سواء على المستوى الرسمي «الهلال الشيعي» او الشعبي حيث قوافل الانتحاريين التي تترى نحو مناطق الشيعة في العراق. لتقتل الاطفال والنساء والعمال بشكل هستيري لايمكن وصفه، ومع أن المجرم الزرقاوي كانت بياناته وشعارات وعملياته هدفها الرئيس كان، الشيعة فقد وجدنا الشارع العربي قد تحول الى زرقاوي وابدى حزنه واسفه على موته. او من خلال الصمت المريب للموسسات العربية الدينية وغيرها.
والا فالوجود الامريكي سواء العسكري او المخابراتي او السياسي وغيره جزء من تركيبة الانظمة العربية وهذا لايحتاج الى برهان فلسفي خارق.
ويكفي أن يتحدث البعض من مصر مثلا عن الخيانة في العراق، والعلم الاسرائيلي يرفرف فوق رأسة، أو أن تثور ثائرة الشيخ القرضاوي مثلا عن الانتشار الشيعي كمذهب اسلامي في مصر ويبدأ بجولات وصولات يصاحبها الزبد، لكنه يبتسم وهو يستقبل الحاخامات في الدوحة بكل رحابة صدر..ويطير الى افغانستان خوفا منه على روح بوذا ايام طالبان، ولا يحرك له جفن تطاير ارواح الاطفال والنساء على ايدي الارهاب في العراق. أما أطرف ما سمعته كان قولا لاحد رجال الدين السلفيين حينما قيل له انتم غاضبون من بروز دور الشيعة في العراق فأجاب «اذا كنتم تريدون الديمقراطية وهي تعني رأي الاكثرية فنحن السنة أكثرية الوطن العربي ولا نريد الشيعة بيننا».في المشهد لبنان
لبنان الذي انتصر مقاوموه الشيعة مرتين على العدو الاسرائيلي، ذلك العدوالذي مرغ انف العرب، لكن الانتصار الاول ولد يتيما على المستوى العربي. وفي الانتصار الثاني الكبير اعتبروه هزيمة لهم وبدؤا يحيكون المؤامرات ضدالمقاومة وهي بعد في ساحة المعركة، فكان ليس من شئ بعد فشل الحرب افضل من ارسال باقات التعصب والتكفير.. كفتح الاسلام وجند الشام وجند الله.. وابومحجن وابومرقال.! الخ... والممول الكبير والوكيل الحصري لدعم هذه المجموعات المراد لها الاصطدام مع المقاومة مستقبلا كانت المؤسسة الحريرية كما اعترفوا بذلك.
ومشهد اخر في الخليج
في بلد صغير كالبحرين يقطنه غالبية شيعية منذ الفجر الاول. في العام 94 حين حدثت حركة احتجاجات تطالب الحكومة باجراء اصلاحات واعادة العمل بدستور73، ما كان للحكومة بعد مضي عدة سنوات على الاحتجاجات، الا الاستجابة لهم. لكن بشكل صوري لم يغير من واقعهم شيء، وذلك كإبر مسكنة «حتى نصبح.. وتصبحون!.»لذا ورغم حسن النية الفائقة التي أظهرها المعارضون وتفائلهم المبالغ فيه بمشرع الاصلاح ونسيانهم الماضي بسجيتهم البحرية البسيطة، الا أن الحكومة راحت ترسم مخططا في منتهى الخطورة على هذا البلد. وأخذت تحفر الارض تحت ارجلهم، وذلك باتباع سياسة التجنيس الكثيف في محاولة لغيير التركيبة الديمغرافية وتغليب الكفة السنية والخلاص من عقدة«ذات الغالبية الشيعية». بالاظافة الى امور أخرى يمكن معرفتها من خلال تقرير البندر الشهير الذي كشف الممارسات التي ترمي الى عزل الشيعة في وطنهم والتامر عليهم.
اما في السعودية فهي مربط الفرس الاكبر، وأكتفي فقط بذكر الفتاوي التكفيرية التي يصدرها مشايخ نجد بحق الشيعة وهو ليس بالامر الجديد، والعشرة معاه طويلة. ونحن نعلم أن اسس هذا الفكر قائمة على تكفير واقصاء الاخر بحيث اذا طلبت منهم التخلي عن التكفير وبالاخص الشيعة فكأنما تطلب منهم الانسلاخ عن عقيدتهم والتخلي عنها.
وليس هذا ما أقف عنده انمى اشير الى موقف الدولة المتفرج على هذه الفتاوى، مما يفقد المواطن الشيعي الشعور بالامن وغياب الدولة.
مسألةالعمالة لايران
ينظر الكثير من العرب الى المواطنين الشيعة على أنهم خلايا نائمة لايران وقد أفصح بذلك الرئيس المصري قبل اشهر، وبعيدا عن القيل والقال ومفهوم اتباع المرجعية وولاية الفقيه وما الى ذلك من الامور الملازمة لهذا الجدل، فان الامر الوحيد الذي نفهمه من خلال هذا الموال هو التحرض ضد الشيعة والتامر عليهم.
نعم من الممكن قبولهم في حالة واحدة.. كمهمشين او مشردين ومسجونين.. كالعراقيين قبل سقوط هبل، اما حاكمين وأقوياء فالامر مرفوض تماما.
وذات مرة وجه لي أحد العرب ألاقحاح هذا السؤال المتكرر : اذا نشبت حرب بين دولتك وايران مع من ستقف؟؟ واغمض احدى عينيه على اساس أن السؤال في غاية الاحراج. فقلت له: نحن مسلمون ومرجعنا في الحوادث الى القران الكريم والله يقول ﴿ وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا... فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي.. ﴾9 الحجرات. فالله يأمرنا أن نقف مع الحق لامع البغي، أيا كان الباغي، و ايا كان المحق، سواء كان عربيا أو من زيمبابوي، ثم قلت واذا كان من اتجه الى ايران، فأن الامام علي يقول «من ضيعه ألاقرب أتيح له ألابعد». فقال: اسمع هذا المثل العربي «انا وأخي على بن عمي وأنا وبن عمي على الغريب»!!
الاندماج تحدث الكثيرون عن ضرورة الاندماج في المجتمع المدني تحت سقف الوطنية بعيدا عن الاختلافات الى غير ذلك من نظرايات التعايش، وهي الامر المطلوب. وأنا لاأقطع بان لايوجد من يدعو صادقا للوحدة ونبذ الفوارق، وأن الكل يرفضون التعايش مع الشيعة، ابدا، وانما اقول أن الامور برمتها لدا قوى التـاثير وأصحاب القرار سواء مراكز القرار السياسي او الديني وغيرها. ولايمكنني التفائل كثيرا لان كاتبا هنا أو تاجرا هناك ابدو مواقف خلاف الجو العام. فبعد الشيخ محمد شلتوت لم نجد من هو بمستواه قد خرج بمثل قوله ليكون له تأثيره على المحافل والشرائح كلها.
اذا.. يبقى موضوع الاندماج ان صح التعبير نظرية تسبح في الهواء لانها ستكون كما يقال، الحب من طرف واحد ولن ينفع قيس نظم الشعر لليلى، وليلى في واد اخر تفكر في.. ابوقتادة مثلا.
ومن هنا فالحدث العراقي الكبير والمتأجج يوما بعد يوم كشف لنا حجم وحقيقة مكانة الطائفية الشيعية في الوسط العربي. نعم كان للاعلام العربي دورا خبيثا في نشر الاحقاد والضغائن وتشويه الصورة. لكن الى اين تتجه الامور هذا هو السؤال المهم. اليوم يوجد غليان في المنطقة بسبب الاحداث العراقية، والتوجيه الاعلامي الى صب الزيت على النار. وبلا شك سوف تنتقل الى دول الجوار ان بقيت على الاحداث على وتيرتها، لذا ينبغي التكتل القوي لمواجة الاخطار المحتملة.
عن شبكة الراصد الاخبارية
https://telegram.me/buratha