( بقلم : علياء الأنصاري )
لا توجد أمة على وجه الارض، كنحن... نجيد فن الاستنكار وعلوم الشجب والبيانات!!احزابنا وكتلنا السياسية والبرلمانيون ورجال الدين واصحاب الاقلام على اختلاف طوائفهم ومشاربهم واتجاهاتهم، كلهم استنكروا ويستنكرون كل اعتداء آثم على المراقد الدينية الشريفة سواء أكانت للائمة الاطهار او للصحابة او المساجد او الكنائس، فليس عجيبا ان تأتي الاستنكارات تلو الاستنكارات لاستهداف الروضة العسكرية الشريفة في سامراء وقبلها مرقد سيدنا عبد القادر الجيلاني وبعدها مقام الصحابي طلحة في البصرة وما بين هذا وذاك مساجد وكنائس.
ولكن العجيب، ان الانسان الذي هو هدف الانبياء والمصلحين والذي لاجله قامت المساجد والكنائس، ذلك المخلوق المكرم من قبل السماء... يسقط سهوا من حساباتهم جميعا!!
فلم اسمع يوما او ارى، مسؤولا او زعيم حزب او كتلة او وزيرا او حتى من ينوب عنهم يزور مخيما للاجئين او النازحين او المهجرين او المضطهدين او اي اسم تشاؤون وتحبون ان تطلقوه على هذه الشريحة المعذبة التي اخرجت من ديارها بغير حق، وذبح رجالاتها ويُتم اطفالها وباتت بلا معيل وبلا مأوى وهي في وطنها!!
هذه العوائل التي تسكن الان الخيم او البيوت الطينية في ظروف صحية ومعيشية سيئة جدا، اضافة الى الواقع الانساني التي تعيشه من نساء ارامل فقدن الزوج والمعيل، واطفال لا ينتمون الى عالم الطفولة بأي شيء سوى نظرات بريئة حزينة مستفهمة عن السبب في كل ما يحدث من حولها وعن تلك الجريمة التي لا تعرفها ولكنها تدفع ثمنها!
في تلك المجمعات يوجد اطفال يتامى بلا اب ولا ام والبعض حتى فقد الاخوة واصبح وحيدا في عالم مجهول تحاصره علامات الاستفهام واوجاع القهر وسط لامبالاة رهيبة وصمت عجيب!
لا يختلف اثنان من المسلمين ان الكعبة أقدس بناء على وجه الارض بدليل انها توحدهم جميعا في الاتجاه اليها عند الصلاة، ولكن رسول الرحمة والانسانية عليه افضل الصلاة والسلام يقول "حرمة الانسان عند الله اعظم من حرمة الكعبة".
وعندما أحاط الجمع بامير المؤمنين علي ابن ابي طالب ذات يوم من أيام صفين وطالبوه بايقاف القتال لان القرآن على الرماح وهم يخافون عليه ان يسقط على الارض، رفض الفكرة، لان القرآن ليس مجموعة اوراق يخاف عليها ان تسقط أرضا، فلو وافقهم على ما يطلبون ستسقط كل المبادئ والقيم التي لاجلها جاء القرآن، وأصر الجمع آنذاك على ضرورة ايقاف القتال فوافقهم امير المؤمنين على مضض ليأتوه بعد حين نادمين!!
رغم الضبابية التي تحيط بنا من كل جانب، مازلنا قادرين على ان نقرأ التاريخ بوضوح لتمنحنا تلك القراءة فخرا بان أسلافنا أجادوا فن الحياة واستطاعوا ان يحتفظوا بمعالم الانسانية رغم كل الصعاب التي كانت تحيط بهم، ولكن...
كيف سيقرأ اطفالنا تأريخهم؟
والاهم من كل هذا كيف سنغرس في اطفالنا شعورا بالانتماء الى الوطن؟ ذلك الانتماء الذي يؤسس منظومة الافكار والمشاعر ويبرمج سلوكيات الفرد.
من كان يريد الاجابة على هذين السؤالين فليزر احدى مجمعات او مخيمات المهجرين على ارضهم، وان كانت لديه شجاعة فلينظر في عيون الاطفال.
علياء الأنصاري / مديرة منظمة بنت الرافدين
https://telegram.me/buratha