( بقلم : طالب الوحيلي )
بكل ما يحمله من علامات الكهولة وتعب السنين، تحدث لي بهم وحزن عن تاريخ ولده السياسي، وما لقيه من مطاردات النظام البائد بحيث الغياب الأبدي الذي استمر منذ الثمانينات حتى سقوط النظام لكي تكشف له حقيقة كان ينتظرها منذ ذلك الحين وهي الحكم على ولده بالإعدام لانتمائه لإحدى الحركات السياسية. هرع ذلك الشيخ الى الجمعيات التي انتشرت في بغداد، وكلها ترفع شعارات من نوع واحد وهي رعاية اسر الشهداء والمفقودين والمتضررين من النظام السابق، وكلها تعد بأحلام مستحيلة التحقيق لكونها لا تجد محلا لها من القانون والواقع، وعند مراجعته إحداها زودوه بهوية ووعدوه بتسليمه قطعة ارض، وقد تحقق له ذلك! وحين ذهابه لمعاينة تلك الأرض الحلم قرب(معسكر الرشيد) خالد الذكر تبين له ان جمعية أخرى قامت بتوزيع تلك الأرض الى ضحايا آخرين حين ذاك تأكد بان ما دفعه من مصاريف بلغت 75 الف دينار كانت قد ذهبت هباء آخذة معها أحلامه الأخرى.ولأنه كان موظفا في إحدى الوزارات، وبسبب المضايقات الأمنية الشديدة له بسبب موقف ولده الأمني، اضطر الى ترك العمل الذي استحال عليه العودة اليه برغم كل المحاولات وهكذا جلس متحسراً بين فقده ولده الذي استشهد في سبيل الله والوطن وبين عدم حصوله على اي امتياز له يجعله محل الفخر والاعتزاز، وبين تأكيد حرمانه من مصدر رزق كان أساسه خدمة في دوائر الدولة زادت عن 13 عاماً ليبقى مكابداً للمرض والفقر والحرمان وانتظار ما سوف تسفر عنه الأيام من دون تقاعد او ضمان!!. جميع من فقدوا أولادهم (قرة أعينهم) او ترمل او تيتم، او تكسرت أجنحته او تضرر من سياسة ذلك النظام، كانوا يأملون انهم سيكونون أصحاب الامتياز في التعويض المجزي وفي إعادة التعيين او في الأفضلية في اختيارهم بمناصب ووظائف مهمة، او منحهم الامتيازات التي كانت قد شرعت بقوانين للشهداء وأسرهم في عهد ذلك النظام. أليس شهداء الشعب اولى واهم من شهداء النظام البائد؟!فلماذا لا يعد هؤلاء شهداء بحكم القانون ويمنحون جميع ما منح اقرأنهم وأسرهم من منح وامتيازات؟!واذا لم يكونوا أهلا لذلك، فمن ياترى اهل قضايا اهم منهم تفضيلا والتقدير؟! تلك أسئلة طالما أثيرت ولم تجد اي اذن صاغية، وبقيت حقوق وأوليات لضحايا النظام البائد التي لفضتها بعض المؤسسات الأمنية الى الشارع بمتناول يد بعض الجمعيات التي لها الفضل في حمايتها من التلف بالرغم من ضياع الأدلة الجرمية ضد العناصر التي تسببت في تلك الجرائم والتي تعد شركاء أصليين مع ذلك النظام وأركانه لو تمت محاكمتهم عنها... أليس من حق هؤلاء )الشهداء وذويهم( تأسيس دائرة تختص بشؤونهم وتسيير أعمالهم وتكون مرجعية قانونية في إثبات قضاياهم والسعي لتوظيف أبنائهم وإبداء الرعاية الاجتماعية لأهلهم؟ وتكثر الاسئلة وسوف تستمر ما دام العدل بعيداً عن ان يحيطهم بعطفه ولطف ورعاية حاملي رايته.ما دمنا لم نجد قانونا يصدر عن مجلس النواب الذي خص شهدائنا بلجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين والتي كان ينبغي عليها ان تقطع اشواطا طويلة في جانب تخصصها ،لقد كنا نتوقع الاهتمام المادي والمعنوي لعوائل الشهداء الذين عانوا الويل من النظام البعثي ، قبل ان نشاهد هذا الاهتمام بالمجرمين ومن كان في خدمة صدام وأعوانه.لقد سجل التاريخ موقفا مع الأسف لا يفتخر به عندما شاهدنا الأغلبية ممن انتخبهم الشعب وانتخبتهم عوائل الشهداء والسجناء السياسيين ، نراهم اول اهتمام لهم هو رواتبهم ومخصصاتهم وتقاعدهم قبل ان يكون هناك اهتمام واضح بمن انتخبوهم ، وقد نفذ ذلك المشروع بأسرع وقت.بينما قانون مؤسسة الشهداء الذي تم إقراره من قبل مجلس الرئاسة بتاريخ 8-1-2006م لم يُفعّل ولم يجد طريقه الى التنفيذ ، لماذا ؟ ثم ما هو الفرق بين شهداء اليوم الذين يسقطون على ايدي الصداميين والتكقيريين ، وشهداء الأمس الذين وقفوا بوجه النظام البعثي وجادوا بأنفسهم من اجل حرية العراق ، فلماذا نشاهد الاهتمام بشهداء اليوم وهو مطلوب وواجب ويستحق الشكر ولكن لماذا لا نرى نفس هذا الاهتمام بشهداء الأمس.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha