( بقلم : الدكتور جمال العلي )
تزامن تطاول الارهاب الحاقد مرة اخرى على حرمة المرقد الطاهر للاماميين العسكريين(ع) في مدينة سامراء مع تصعيد العمليات العسكرية الاميركية ضد ابناء العراق هنا وهناك لم يكن من محض الصدفة والعفوية وانما كان أمرا مدروسا ومخططا له من قبل مع سبق الاصرار یرمی من جديد الى تأجيج نار الحرب الطائفية للتضليل على فشل ادارة "بوش" في السيطرة على الاوضاع في العراق .
هذا الامر ينكشف من خلال الرسالة التي بعثها زعيما الغالبية الديموقراطية في الكونغرس الأميركي يوم الأربعاء والتي أكدا خلالها "أن الإستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق قد فشلت". خاصة واننا نقترب من شهر سبتمبر/ ايلول وهو موعد لإجراء مراجعة مهمة للسياسة الأميركية في العراق حيث سيدلي الجنرال "ديفید باتريوس" قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق بإفادة أمام الكونغرس حول "التقدم" الذي أحرز في ضوء الحشد الحالي للقوات.
وقال كل من السناتور "ريد" ورئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" إن إرسال قوات إضافية كان له تأثير ضعيف على العنف وتشجيع المصالحة السياسية في العراق. واضافا .. "أن الحقيقة المقلقة هي أن أعمال العنف ضد العراقيين لا تزال كبيرة كما أن الهجمات على القوات الأميركية قد ازدادت". وهو ما أكده ايضا التقرير الاخير لوزارة الدفاع الاميركية والذي شدد بالقول " ان مستوى العنف لم ينخفض في العراق بعد ثلاثة اشهر من زيادة عديد القوات الاميركية ".
كما ان الديموقراطيون قد قرروا مرة اخرى تجديد طرح أفكارهم السابقة للضغط على ادارة "بوش" في سحب القوات الاميركية من العراق وتحديد صلاحياته الحربية وذلك خلال الفترة التي يقوم بها مجلس الشيوخ بأعادة النظر في سياسة وزارة الدفاع الاميركية ، حيث يشمل المشروع أربع نقاط .. إجراء بإلغاء قرار التخويل بشن الحرب في العراق، ووضع جدول زمني لانسحاب القوات وعرقلة تمويل أية عمليات حربية كبيرة بعد مارس/آذار من العام المقبل، وتعزيز متطلبات إعداد القوات التي سيعاد أرسالها إلى العراق.
كل ذلك دفع بادارة البيت الابيض وصقورها الصهاينة للعمل على تحريك الوضع العراقي نحو الاسوأ بعد ان كانت الخطة الامنية لرئيس الوزراء العراقي المنتخب نوري المالكي تسير نحو الافضل وتحقق الاهداف المرجوة منها الأمر الذي يعزز فشل السياسة الاميركية وعدم تمكن قواتها الكبيرة من تحقيق حتى شيء بسيط على أرض الواقع العراقي ، لذا لابد من فعل شيء ما ضدها وهو ما دفع بهم للاستنجاد بعملائهم في الداخل العراقي والمنطقة الذين اطلقوا صفارات الانذار وصعدوا من عمليات استهداف الاماكن المقدسة للشيعة والسنة في كل مكان لتأجيج نار الحرب الاهلية في العراق .
ومن أجل تحقيق ذلك لابد من تمهيد الارضية اللازمة في الداخل العراقي عبر دس العملاء والخونة من أنصار النظام البائد المجرم في صفوف القوات العسكرية والامنية العراقية ومن ثم ايصال الدعم اللازم لهم ومدهم بما يحتاجون من أموال ومعدات عسكرية وتقنية لتحقيق هذا المطلب ومن ثم توفير الارضية والغطاء اللازم لقيام الاحتلال الاميركي بانسحاب مشرف من العراق وترك بلاد الرافدين وشعبها المظلوم يغوصان في بحر العنف التكفيري والبعثي الاعمى المحصن والمدعوم من قبل دول الجوار العربي .
ولذا لابد من التهريج والتطبيل للتمهيد لاجراء تغييرات جذرية في قانون اجثتاث البعث وبشكل واسع مما يساعد على إعادة دمج البعثيين السابقين في السلطة المدنية والعسكرية والامنية وبعد كل الجهود التي بذلها سفير الشر الاميركي السابق في بغداد "زلماي خليل زاد" بهذا الاتجاه في الربيع الماضي للنظر في مقترحات وضعت تحت عنوان (المصالحة والمساءلة ) حيث تدعو المسودة الخاصة بهذا القانون الى اعادة جميع البعثيين السابقين الى وظائفهم في الحكومة أو يختارون الاحالة على التقاعد.
ومن هذا المنطلق تم ارغام السلطات العراقية على عودة البعثيين المجرمين والارهابيين الحاقدين على الشعب العراقي بالالاف في صفوف القوات العسكرية والامنية وهو ما أفصح عنه الفريق الركن ثامر سلطان مستشار وزير الدفاع عندما قال قبل ايام .. "لو نظرنا الى الجيش العراقي الحالي فان نسبة 80% منه هم من مراتب الجيش السابق حيث ان عدد الذين عادوا بحدود 14 ألف ضابط من الجيش البعثي السابق كما تم اعادة حوالي 9500 ضابط بعثي ايضا الى وزارة الداخلية و 3000 ضابط الى قوات حماية المنشآت!!.
ذلك بعد ان قتل عدد كبير من ابناء العراق الوطنيين الذين انخرطوا في صفوف القوات العراقية المسلحة الجديدة اثر العمليات الارهابية الاجرامية وهو ما كشف عنه الجنرال "مارتين ديمبسي" الذى تولى مهام تدريب القوات العراقية سابقاً، لدى شهادته أمام "الكابيتول" أي لجنة التحقيقات العسكرية الاميركية المشتركة ، حيث قال :"أن قوى الأمن العراقي الجديدة المؤهلة والبالغ قوامها 188 ألف عنصر قد فقدت 32 ألف رجل أمن خلال عام ونصف العام، قبيل شهر يناير/كانون الماضي .
اضافة الى ذلك عمدت قوات الاحتلال الاميركي وخلال الفترة الاخيرة الى اجراء مباحثات مع قادة المجموعات الارهابية المسلحة في العراق بغية أخذ الضمانات منها بعدم استهداف القوات الاميركية مقابل دعم هذه المجموعات الارهابية بالمال والسلاح والضغط على الحكومة العراقية من أجل اشراكها في العملية السياسية وهو ما أفصح عنه نائب مدير عمليات القيادة المركزية في الجيش الأميركي البريغادير جنرال "روبرت هولمز" الأسبوع الماضي وذلك بذريعة مساعدة هذه الجماعات على التصدي لتنظيم القاعدة ، معربا عن مخاوفه من إمكان أن تؤول هذه الخطوة إلى التورط في حرب أهلية محتملة .
وفي هذا الاطار اقدمت القوات الاميركية على تشكيل افواج مسلحة في عدة مناطق من العراق منها في جنوب بغداد ومحافظة ديالى والانبار بعيدا عن اشراف الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة وبشكل يهيء لحرب اهلية خطيرة مما دفع بنوري المالكي الى توجيه تعليماته باعتباره القائد العام للقوات المسلحة بالوقوف بوجه عمليات التسليح هذه والتي حذر من انها قد تؤدي الى صدام بين القوات العراقية والاميركية .
كما ان النائب العراقي سامي العسكري وضمن تأكيده على تشكيل هذه الافواج من قبل الاميركان قال .. ان المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة قد احتج لدى قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال "ديفيد باتريوس" على هذا التصرف وابلغه ان حكومته ستتعامل مع حاملي السلاح من دون اذنها على انهم خارجون على القانون . مشيرا الى ان الاجراء الاميركي خلق مشكلة عقدت من الوضع السياسي حيث انه في الوقت الذي يصر فيه الأميركان على حل المليشيات فانهم يشكلون مليشيات اخرى!!.
وهنا يكمن بيت القصيد حيث أكدت التحقيقات الاولية التي أجريت مع عناصر حماية المرقد الطاهر للامامين العسكريين (ع) وهم من ابناء مدينة سامراء ، بأنهم هم الذين دبروا التفجير او انهم متواطئون مع عناصر من تنظيم القاعدة او أنصار الرئيس السابق صدام لارتكاب هذه الجريمة .
رغم ذلك فأنا لست مع من يدين ابناء مدينة سامراء ويتهمهم بخيانة الامانة لان وجود بعض العناصر الخيانية المجرمة والحاقدة على أهل البيت (ع) وانصارهم واتباعهم بين صفوفهم ليس دليلا على تورط الجميع حيث ان غالبية ابناء سامراء وكما عرفناهم منذ عقود هم ايضا من محبي أهل البيت (ع) . ولكن كان بامكان البعض منهم ممن وقف على المخطط الاجرامي الحاقد في تفجير مئذنتي المرقد الطاهر اعلام السلطات العراقية بذلك لتفادي الفتنة وابعاد الشبهة وتعزيز روح الوحدة والمحبة والتآخي والمودة بين صفوف ابناء العراق وسحب البساط من تحت الاحتلال وافشال مخطط اشعال نار الحرب الطائفية التي يسعى اليها بتعاون الحاقدين والمنافقين في داخل العراق ودول الجوار العربي .
الدكتور جمال العلي
https://telegram.me/buratha