( بقلم : بشرى أمير الخزرجي )
منذ فترة ونحن نسمع أصوات التنديد والشجب والاستنكار التي وان كثرت تعتبر النزر القليل وأضعف الإيمان أمام وقاحة واستهتار الجناة وبعد ان تجرأوا وللمرة الثانية على مرقدي الأطياب من آل محمد (ص) الحسن العسكري والهادي (ع) وما سبقه من اعتداءات على مساجد ومراقد أولياء الله وآخرها ضرب الحضرة الكيلانية، يريدون بأفعالهم الإجرامية هذه فرض شريعة الغاب وسحق ما تبقى من قيم التسامح وثقافة التعايش السلمي مابين أبناء الوطن الواحد. فلو رجعنا الى الوراء قليلا وتساءلنا عن المستفيد من كل هذا الخراب وهذا النزف اللاعقلاني للدم العراقي وللاقتصاد الذي دمره النظام المقبور من خلال دخوله في حروب كان المستفيد الوحيد فيها نظامه وأقرانه من دول الجوار وبالخصوص السعودية التي بذلت من الأموال الكثير من اجل إشباع رغباتها في ضرب التشيع عن طريق معاداة الشيعة في العراق لعلمهم إنهم يشكلون الغالبية في البلاد، وبهذا يكونوا قد ضربوا عصفورين بحجر واحد كما يقال، الوقوف أمام المد الشيعي كما يزعمون والسيطرة على العالم العربي من جهة أخرى.
واليوم ومن خلال التدخلات السافرة في العراق ولبنان والوضع على الأراضي الفلسطينية الذي غدا أسوء من قبل بسبب التحالفات والمؤامرات التي حيكت نهارا من قبل حكام المملكة الذين نصبوا أنفسهم حماة العالم العربي وحلالي مشاكله، هؤلاء الحكام الجهلة ما انفكوا يتمادون في دعم قوى الشر في العراق مستغلين حالة عدم التوافق والانسجام بين سياسي البلد وممثلي الكتل البرلمانية، وصدق الأستاذ سعد صالح جبر المعارض للنظام البائد في منتصف الثمانينيات في كتابه (بكل صراحة) حيث يصف تدخل السعوديون في الشأن العراقي آنذاك بقوله: "أما مساعدة السعودية للنظام الحاكم في بغداد، فهي دليل قاطع على تخبط السياسة السعودية واعتمادها معاداة الشعوب الإسلامية وتأييدها الحكام الذين يسيرون وفق النهج الذي يرضي المسؤول في الرياض. ان السعودية في موقفها المساند لنظام صدام قد ساهمت في إطالة أمد الحرب وفي سفك دماء المسلمين بعد ان راحت تقدم المليارات للنظام البعثي الذي أعلن حربه العدوانية على إيران المسلمة..ان الشعب العراقي لن يغفر للحاكم السعودي موقفه من الحكم الإرهابي الظالم الذي جر على العراقيين أنواع الويلات وأبشع المآسي".
كان هذا في عام 1985 أما الآن وقد بدت الصورة أكثر وضوحا عندما كشفت مؤامرة بعض قيادي كتل البرلمان العراقي الذين حنوا الى ماضيهم البعثي المقيت حيث سياسة إلغاء الآخر لا تزال تعشش في عقولهم الضيقة، هؤلاء المنافقون والمتلونون وجدوا من يساندهم من الأعراب السعوديين وغيرهم ممن كشروا عن أنيابهم وأفصحوا عن عدائهم للشعب العراقي المبتلى بهم حيث سياسة التفرج واللامبالاة لمعاناته و آلامه، ومن هنا نقول ان الفكر الوهابي التكفيري والمتمثل بدولة السعودية هو الراعي الأول والأخير للإرهاب، ليس فقط في العراق بل في العالم اجمع. ان رموز الإرهاب المتحالفة مع السعودية وقوى الشر في العراق تريد إسقاط التجربة الديمقراطية في المنطقة من خلال محاولات القفز على إنجازات الشعب العراقي والعودة به الى العهد المظلم البائد.
من هنا فان المضي في إصلاح الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي وتكاتف القاعدة الشعبية مع الحكومة هو الحل الأمثل لتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه العبث بكرامة ومقدسات العراق، لقد حان الوقت كي يصطف الشعب مع الحكومة المنتخبة ويرتقي الى مستوى المسؤولية في مرحلة بناء الوطن التي لابد منها من اجل النهوض بواقعه المتضرر من سياسات العهد البائد، وعلى قيادات الحزب البائد كحد أدنى ومن باب التماهي مع إرادة الشعب العراقي التوقف عن الممارسات الدنيئة والانخراط في عملية المصالحة الوطنية بنيات صادقة، ولو من باب التكفير عن الماضي الأسود لنظام الحزب الشمولي.
ولكي نترجم استنكارنا فعلا الى عمل علينا بالوحدة كما امرنا ربنا سبحانه وتعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وان نكشف جرائم أعدائنا، ولعل واحدة من هذه الممارسات النهضوية، إقامة الندوات الثقافية عن واقع العراق والتجاوزات التي تجري على مقدساته من خلال معارض صور تقام في عواصم العالم للمراقد والمساجد والحسينيات والكنائس والجسور التي تم الاعتداء عليها والدعوة الى توثيقها في الأمم المتحدة كي يطلع العالم على وحشية أعداء العراق وحقدهم على كل ما هو جميل فيه، حتى تبقى الصورة حية في ذاكرته.
https://telegram.me/buratha