( بقلم : علي آل شفاف )
عندما بدأ وباء التكفير يتفشى في جزيرة العرب على أيدي آل سعود, الذين تلحفوا الوهابية غطاءا, وامتطوا الجهل وطاءا, وتعكزوا على تكفير المسلمين لبسط سلطانهم عن طريق الغزو والقتل والسلب والنهب, أفتى قاضي قرية من قرى جنوب حائل تسمى "الروضة", المدعو "ناصر الهواوي" ـ وهو عينه الذي أفتى بتكفير قبائل شمر وسكان حائل ـ بأن يتولى أحد الآباء وهو "شلاش الهديرس" تقطيع أوصال ابنه "ناصر الهديرس" وهو على قيد الحياة . . . حتّى يلفظ أنفاسه (الأخيرة), لأنه من الكافرين (أي أنه ليس وهابيا). فحاول الأب إقناع ابنه بدخول الدين السعودي الإنكليزي الجديد، لكن الابن رفض التنازل. فما كان من الوالد، إلا أن قام بتقييد يدي ابنه أمام جمع من سكان تلك القرية, وبدأ يضرب ابنه بالسيف بكل ما أوتي من قوة، حتّى اخذ اللحم يتساقط من جسم الابن، والدم يتدفق بغزارة والعظام تتكسر, والابن يصرخ ويركض هربا من وجه أبيه ليحتمي بالحاضرين، بينما الحاضرون يتبرؤون منه، كل هذا والمفتي يقف ويصرخ بالوالد "مثل بهذا الكافر, اقطع يده اليمنى، اقطع يده اليسرى، اقطع ساقه اليمنى, اقطع اليسرى، ابقر بطنه . .
وهذه قصة مشهورة كشفها أحد أكبر معارضي آل سعود في العقود الماضية وهو "ناصر السعيد" في أحد كتبه. حيث كان من سكان المنطقة نفسها . . ثم علق بعدها ".. ولم تكن قيمة كل هذه الفتاوى التي أصدرها المفتي المزيف (الهواوي،) تتجاوز المائة جنيه ذهباً، أرسلها له المستر كوكس عضو المكتب الهندي للمخابرات الانكليزية، فباع ضميره المتعفن لكوكس.. وقد وزع الإنكليز في قرية الروضة وحدها عشرة آلاف جنيه ذهب.، سلمت لكبار الدجالين البريء منهم شعبنا في الروضة.."
لقد أباد آل سعود الكثير من أبناء القبائل العربية في الجزيرة. وخصوصا من أبناء الرشيد والمطير وعنيزة وشمر والعجمان وغيرهم الكثير. إذ نشأ عبد العزيز بن سعود (مؤسس سلطان آل سعود الأخير) منذ نعومة أظفاره على الخيانة والغدر, فقد ذكر الكاتب "لزلي مكلوغن" في كتابه "ابن سعود مؤسس مملكة" ترجمة د . محمد شيا الطبعة الأولى 1995 , في الفصل الأول ما يلي: "تعلم (ابن سعود) معنى أن يقتل الناس . . . بطريقة مرعبة ، وفي سبيل الغايات السياسية . ففي مناسبة عيد الأضحى سنة 1889 ، أولم ابن سعود لحاكم الرياض الرشيدي ، (وبادره بكل) تكريم واحترام ، إلا انه ، في الواقع كان يدبر أمراً آخر، إذ ما إن دخل الرشيديون مكان الوليمة، حتى أعطيت إشارة خاصة كانت كافية لحدوث مجزرة ذبح فيها الحضور من الرشيديين، عدا الحاكم نفسه الذي تمكن من الإفلات والنجاة. لم يكن ابن سعود، إذاً ، وقد بلغ الخامسة عشرة، غريباً عن أساليب التفاوض والتآمر"
وهكذا نرى أن ابن سعود يقتل ضيوفه من قبيلة الرشيد (أخوال عبد الله ملكهم الحالي) غدرا في يوم عيد الأضحى, ذلك اليوم الذي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لتنفيذ حكم القضاء العراقي والشرع الإلهي بحق المجرم صدام, متناسين فعلتهم الخسيسة هذه, بضيوفهم من آل رشيد الذين دعوهم لمناسبة عيد الأضحى ذاته, على خلاف عادات العرب في إكرام الضيف.
كل هذا من أجل عيون العميل الإنكليزي فيلبي. حيث يذكر "مكلوغن" في نفس الكتاب في الفصل الرابع (بعد غزوة ابن سعود الأولى الفاشلة للرشيديين, أن ابن سعود قال لـ "فيلبي": "إننا نحارب ابن رشيد من أجلك أنت فقط, أما نحن فليس لدينا ضده أي دعوى أو تهمة . . . إن العدو الحقيقي لنجد العليا والسفلى، هو الشريف، أي حسين بن علي".
لم تقف جرائم آل سعود عند حد معين, بل تجسدت بأبشع صورها التي نراها تتكرر اليوم في العراق, عندما قطعوا رؤوس سجنائهم من شيوخ قبيلة المطير ووضعوها في أوني الطعام ليقدموها لذوي الضحايا. فقد روى حافظ وهبة المستشار السعودي في كتابه "جزيرة العرب في القرن العشرين" عن عبد العزيز بن سعود (الميت سنة 1953), فقال :"قال عبد العزيز . . . لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها، وكان جدي سعود الأول قد سجن عددا من شيوخ قبيلة مطير، فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون بإطلاق سراحهم. ولكن سعود الأول قد أمر بقطع رؤوس السجناء. ثم احضر الغداء, ووضع الرؤوس فوق الأكل وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهم, أن يأكلوا من هذه المائدة التي وضعت فيها رؤوس أبناء عمهم, ولما رفضوا الأكل أمر سعود بقتلهم". ألله . . الله, أي همجية ووحشية وخسة هذه, التي لا يدانيها ألا ما فعله عبد العزيز نفسه بعد ذلك. إذ يقول حافظ وهبة في نفس الكتاب, بعدها: "لقد قص هذه القصة الملك عبد العزيز على شيوخ قبيلة مطير, الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم "فيصل الدويش" قبل أن يقتله عبد العزيز. ليبين لهم أنّه سيقتلهم أيضاً, إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش". "بعدها أمر بقتل فيصل الدويش وتوضأ بدمه ثم قام لأداء الصلاة . . . لأن فيصل الدويش قد استيقظ ضميره أخيرا, وانقلب عليه, بعد أن رأى أن . . . عبد العزيز (بن سعود) كان لا يركع إلا لأوامر الإنكليز، واستيقظ الدويش بعد أن وقع عبد العزيز للإنكليز بإعطاء فلسطين لليهود في مؤتمر العقير عام 1922. وهكذا, وبهذا الاسلوب سارت الدعوة السعودية الوهابية من أول قيامها. لذلك يذكر "لزلي مكلوغن" في كتابه الآنف الذكر, في الفصل الثالث: "في أيار 1902، كتب والد ابن سعود إلى المعتمد السياسي البريطاني يقول: " لا أريد أن أسأل أحداً سواكم، وما ذلك إلا للأفضال والحماية التي تقدمونها للذين وضعوا أنفسهم تحت نظركم. فهل تتطلع عينا الحكومة البريطانية صوبنا.. أنا أطلب أن تعتبرني حكومتكم الموقرة كواحد من رعاياها " (12)
لم تنج الطائف من تاريخ القتل والجريمة لآل سعود, فقد جنى فيها آل سعود جريمة بشعة, لا تقل بشاعة عن أخواتها. وذلك في شهر أيلول من عام 1924. يرويها "مكلوغن" في كتابه السابق نفسه كما يلي: "وقعت مذبحة رهيبة خلال ساعات،وذلك حين أعملت السيوف في رقاب المدنيين من سكان البلدة. فذبح ما لا يقل عن 300 شخص، ونهبت البيوت ودمرت، وقطعت الأعناق، ولم يسلم من المصير عينه لا قاضي المدينة نفسه، ولا علماؤها الذين كانوا قد احتموا بالجامع فسحبوا خارجاً وقتلوا".
بهذه الأسلوب المتوحش, وتحت غطاء الفتاوى القذرة, بدأ أخطبوط آل سعود ينشر أذرعه في أراضي الحجاز ونجد وشرق الجزيرة.
فلا عجب ـ بعد هذا كله ـ أن يقدم آل سعود والمتنازعين على فتاة موائدهم السحت, من أئمة الضلالة وفقهاء الغي بنشر فتاوى التكفير والضلال التي أدت إلى الجريمة الخسيسة بتفجير مرقدي سفن النجاة, وإمامي الهدى والعروة الوثقى, علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام), بأيدي الهمج الرعاع, الذين غسلوا أدمغتهم بهذه الفتاوى, وأثقلوا جيوبهم, بدولارات النفط, التي حملها "بندر بن بوش" كما يسميه الأمريكان, عميل الـ (CIA). ثم لا عجب أن ينشر آل سعود وزبانيتهم الفتن والإحن والفرقة بين أبناء العراق, لاسيما وقد وجدوا أذناب الخزي والعار من أبناء الهزيمة والرذيلة, خدمة صدام وبعثه المقبور معه بخدمتهم, ليعودوا خدما ـ كما هو شأنهم ـ ولكن هذه المرة لآل سعود. سارقي ثروات الإحساء والقطيف والدمام. الذين اعتاشوا على السرقة والنهب والسلب والقتل. وسطروا تأريخا مليئا بالجرائم التي تقشعر منها الأبدان, وتشمئز منها النفوس.
علي آل شفاف
https://telegram.me/buratha