( بقلم : اسعد راشد )
المراقبون يرون ان تسليح المليشيات البعثية والسنية من قبل القوات الامريكية يشكل خطوة غير محمودة العواقب لكون ان هذا القرار الامريكي يصب في خانة اعداء العملية السياسية في العراق بل وقد ذهب البعض الاخر الى ابعد من ذلك حيث اعتبروا ان تسليح البعثيين والطائفيين هو بمثابة اعلان حرب غير معلنة ضد الشيعة الذين وقفوا صامدين طوال سنوات الاربعة الماضية ضد الارهاب وعمليات الابادة الجماعية دون ان تنال من صمودهم وعزيمتهم بل اثبتوا انهم الاكثر حضارية وانسانية والاقدر على الثبات والمواجهة في اي نزال مع اي طرف ارهابي او عدوا حاقد .وقد تكلل القرار الامريكي بتسليح البعثيين بحجة محاربة القاعدة نجاحا اوليا في تفجير مأذنتي السامراء في عملية اجرامية ارهابية تعتبر "فتنة سامراء الثانية "خاصة وان الصحف الامريكية وبعض المراقبين في الغرب اعتبروا ان قرار التسليح يمهد لحرب اهلية وان الامريكيين يفكرون وهم بصدد الانسحاب بخلق حالة من "الفوضى الخلاقة" وصفها المحللون بانها اشارة الى حرب اهلية يمكن ان تشعلها الميليشيات البعثية والطائفية التي تتسلح اليوم باسلحة غير حقيقية .
تفجير مأذنتي سامراء المقدسة في وضح النهار وتحت مرأى ومرمى القوات الامريكية خاصة وان المرقدين المقدسين يخضعان لحراسة مشددة من قبل قوات الشرطة والامن العراقية والتي بدورها تخضع لاشراف القيادات العسكرية الامريكية يثير اكثر من تساؤل حول توقيت الانفجار تزامنا مع قرار تسليح المليشيات الاجرامية وزيارة نغروبونتي المفاجاة الى العراق وتحديد مهلة زمنية للمالكي لتنفيذ "تعهداته" !
فقد وصف البعض توقيت التفجير بانه خطة حرب ضد الشيعة وانها تدخل بل دخلت المرحلة الثانية في ضوء المتغيرات التي تجريها القوات الامريكية على الارض بعد تسليحها الميليشيات البعثية والطائفية التي بدأت بالفعل الادارة الامريكية بتسليحها في بغداد في مقابل استمرار الحصار ضد مناطق الشيعة وتجريدهم من السلاح خاصة في مدينة الصدر وعدد اخرى من ضواحي بغداد الشيعية التي يتم استهدافها من خلال المفخخات والهجمات الارهابية من قبل البعثيين وفيالق عمر التي تعتبرمن ضمن الميليشيات التي يتم تسليحها اليوم .
تقارير الاعلاميين وبعض وسائل الاعلام تتحدث عن حالة من الغضب والنقمة بدأت تسود اوساط المرجعيات الشيعية في النجف وكربلاء وان مراجع الشيعة ووكلاءهم بدأوا يتحسسون بان هناك طبخة خطيرة يجري اعدادها ضد الشيعة في ظل صمت غير مفهوم من قبل شخصيات بارزة وقيادات حكومية لا تجرأ اتخاذ موقف صريح من قرار التسليح الامريكي للميليشيات الطائفية والاجرامية الارهابية والذي كان من نتائجه هو تفجير المأذنتين وان الطبخة تقضي ليس فقط بتسليح الميليشسيات الطائفية والارهابية بحجة محاربة القاعدة بل ان الامر يتعدى ذلك بكثير حيث الهدف هو اعادة تشكيل "جيش مصغر" من البعثيين بعد ان يتم تسليحه بالسلاح الثقيل لاجتياح مناطق الشيعة في بغداد بعد ان يتولى الامريكيون امر تصفية مدينة الصدر من المدافعين الشيعة وعزلها كليا تمهيدا لترحيل الشيعة من مدينة بغداد واسقاط حكومة المالكي واعلان حكومة انقلابية عسكرية يقودها الطائفيون .
فقرار تفجير المأذنتين هو قرار خطير له علاقة جدلية بقرار تسليح الميليشيات الطائفية السنية وان الامريكيين ليسوا بريئين مما جرى في سامراء كما ان دورهم اصبح مكشوفا بانه يتجه للتحالف مع البعثيين واعلان حرب شاملة من خلال التسليح ضد الشيعة كما افاد بذلك موقع "نهرين نت" ‘ الرابط :
http://www.nahrainnet.net/news/52/ARTICLE/9901/2007-06-13.html
ومن خلال بيانات الاستنكار التي اصدرها الزعماء الشيعة العراقيون يمكن الاستخلاص بوضوح ان الجميع متفقين على ان البعثيين ـ الصداميون ـ هم من يقفون خلف التفجير الارهابي في سامراء وان الخطاب العام يدين بشكل خصوص البعث ومن يقف ويتحلف مع البعث ففي بيان جرئ للسيد عبد العزيز الحكيم ـ شافاه الله وعافاه ـ هذا اليوم اشار بوضوح الى دور البعثيين الصداميين في تفجيرات سامراء‘ واعتبر العمل الاجرامي هذا موجه ضد المسلمين بخصوص والعراقيين بشكل عام وشيعة اهل البيت ‘وهي رسالة اعتبرها المحللون بانها تتضمن ليس فقط اتهام البعثيين بتلك الجريمة بل واتقادا لتسليح تلك العصابات الاجرامية التي هي صدامية والتي يتم تسليحها اليوم امريكيا بحجة محاربة القاعدة .
فيما المرحع الديني اية الله الحكيم بعد ان اتهم الارهابيين من البعثيين الصداميين والتكفيريين بارتكاب الجريمة حمل الجهات المسؤولة عن الامن عما يجري في البلاد وهي اشارة واضحة الى دور القوات الامريكية حيث يقول المرجع الكبير :
" لاتزال قوى الشر و الاجرام من التكفرييين والصداميين مصرة على استهداف المقدسات والابرياء من اجل جر البلاد الى هاوية الصراع الطائفي فقد كرروا جريمتهم الكبرى في تفجير المرقدين الامامين العسكريين عليهم السلام " ويضيف البيان " واننا اذ ندين هذه الجريمة الكبرى نحمل الجهات المسؤولة عن الامن ما تعيشه البلاد البلاد من خلل امني خطير " .
اما المرجع المدرسي فقد حمل "القوات المتعددة الجنسيات" المسؤولية الكالمة عن تفجيرات سامراء المقدسة .
فيما بيان السفير الامريكي كروكر وقائد القوات الامريكية بترايوس قد خلى من اي اشارة الى البعثيين والميليشيات الطائفية وكالعادة وجه البيان فقط اتهاما الى "القاعدة" اعتبره بعض المراقبين بانه يفتقد الى نبض الشارع العراقي وفيه مجاملة للبعثيين بعد ان قرروا تسليحهم وتحريضهم ضد الشيعة بحجة محاربة القاعدة .
اما الشيخ جلال الدين الصغير فقد اتهم صراحة وبوضوح في اتصال هاتفي مع قناة الفرات "القاعدة" والصداميين معتبرا ان الهدف من ذلك هو اثارة الفتنة الطائفية .
ولم يفت السيد المالكي رئيس الحكومة المنتخبة في بيانه اتهام الموالين للرئيس المخلوع صدام المقبور واتباع القاعدة بارتكاب الجريمة .
هذا الاجماع العراقي وخاصة الشيعي في اتهام الصداميين والبعثيين يكشف جانبا مهما من امر قد لا يخفى على الامريكيين الذين اتخذوا قرار تسليحهم وهو تحالف البعث والقاعدة ولو لا هذا التحالف لما استطاعت العصابة الاجرامية بتفجير المقامين الشريفين ‘ ومن هنا ايضا فان العراقيين وابناء الاكثرية في العراق يعتقدون جازما ان اي دعم يقدمه الامريكيون للبعثيين بتسليحهم فهو بالضرورة سوف يصب في صالح القاعدة وفي خانة محاربة الشيعة وقتلهم ولذلك فان الشيعة يرون بعين الريبة الى القرار الامريكي ولا يستبعدون ان تكون هناك علاقة بين تفجيرات سامراء وبين قرار تسليح الميليشيات !
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha