( بقلم : ماجد محمد )
بــدءا فــإن مقــولة - البعــث الصــدامي - هــي مقــولة خـاطئــة وتحتــاج الى تــوضيـح بسيــط حتى لا يـُكــرر ذكــرها , لأن الذهــاب الى ذلك يعنــي تبجيــل صــدام وإضفــاء صفــة عليــه لا يستحقهـــا , فصــدامــا ً لــم يكــن يــوما صــاحـب آيـديـلـوجيـــة خاصــة أو مُبتكـــر لنظــرية فكـــرية لتلصــق بــه , ولا أســس حــزبــا ذا عقيـــدة كــي يـُنســب إليـــه , كــذلك فهــو لــــم يُطبـــق من فكــــر البعــث شيئـــا ولا جــدد أو أضـــاف إليــه ليـُقــال عنــه كمــا قيـــل عن ليــنين , فالماركسيــة اللينينيــة تعنــي التطبيـــق للنظــرية التي وضعهــا ماركــس , والحقيقــة أنــه لــم يكـن ســوى منتسـب لحــزب تسلــق هيكلـــه التنظيمـــي بـأسلــوب وســلـوك يتنافــى مـع القيـــم والأخــلاق التــي دعــت إليهـــا أدبيــات الحــزب ذاتـــه فـوصــل الى قمــة ذلك الهــرم كـأمين عــام وصـاحــب الكلمــة الطــولى التــي لاتــُرد داخــل القيـــادتــين القطــرية والقوميـــة التي يتــألـف منهمــا ذلك الحــزب , وهــذا هــو دأب الأحــزاب التي لا تــؤمن بالتعــددية الحــزبية كأسلــوب فــي إدارة السلطـــة ولا تــؤمـن بالممارســة الديمقراطيــة داخــل تنظيماتهــا إلا فــي إطــار ضيــق ومحــدود لايعـــدو أن يكــون شكليــــا ً كالإنتخــابات الداخليـــة التي تجــري بــين فـــترة وأخــرى وهــي إنتخابــات خاضعـــة نتائجهـــا دومــا لإرادة القــوى المُسيطــرة على مـراكــز القــرار القيــادي لتــلك الأحـــزاب , وينتهــج البعـــث إزاء المنتمــين إليــه سياســـة التسلـــط الـديكتاتـوري عــبر إستخـــدام قــاعـدة " نفـــذ ثــم ناقــش " أي لا رأي يعلـــو فــوق الأوامــر التي تصـــدرها القيــادات العليــا , ولا أعــرف مـا جــدوى النقـــاش بعـــد تنفيــذ أمــر قــد صــدر ؟!! ولا موقعــه فــي التطبيــق الديمقــراطي حــين يــدعي اليــاس فــرح بــأن البعــث ديمقراطــي التــوجـه والتطبيــق ؟!! . ومن البـديهــي لأي حــزب لايــؤمـن بالتعــددية ولا بالأسـاليــب الديمقـراطيـــة أن تخضــع سياستـــه مـع تنظيمــه الداخلـــي الــى نفــس الســتراتيجيــة التي يعتمــدها مـع الآخــريـن , فليــس من المعقــول أن يكــون ديمقــراطيــا في الداخــل وديكتـاتــوريا مـع الخــارج أو العكــس , لأن الأيمــان بالديمقــراطيــة لايمكـن تجــزأتـه , وهــذا ما رأينـــاه مـع الحــزب الشيوعــي – ســواءا اللجنــة المركــزية في روسيـــا قبــل تأسيـس الأتحــاد السوفييتــي أو القيـــادة المركــزية بعــد سيطــرة مــاو على السلطــة في الصــين - فلقــد أنجــب التطبيـــق رجــالا ديكتاتــوريين بكــل معنــى الكلمـــة مـارســوا العنــف داخــل التنظيـــم وخارجـــه , ومن المعلـــوم أن الفكــر الماركســي ينظــر الى الأحــزاب الأخــرى كأحــزاب برجوازيـــة لاتخـــدم مســيرة الشعـــب نحــو تحقيــق الشيوعيـــة , أي لا يــؤمن بســواه قـائــدا للجماهــيـر , لــذا فـــإن التعــددية الحــزبية تنتفــي بمجــرد وصــول الحــزب الشيــوعي الى ســدة الحكـــم , هــذا السلــوك العقـائــدي أنعكــس فــورا عنــد التطبيــق ببــروز قـــادة دكتـاتوريـون أمثــال جــوزيف ستــالين الــذي طــارد منافسيــه من رفــاق الأمـس الــذين ناضلــوا وأوصلــوا الحــزب الى السلطـــة وقضــى عليهــم الـواحــد تلــو الآخــر فـي عمليــات وحشيــة لا يقــدم عليهـــا رعــاع القــوم مـن صعــاليك وأميــون لا فكــر لهــم , إذ لــم يكتــف مثـــلا بنفــي رفيــق دربـــه النضالــي الســابـق ورفيــق لــينين وعضــو اللجنــة المركـزية ليــون تـروتسكـــي ( 1875- 1940 ) الى المكسيــك بــل أرســل إليــه مـن يقتلــه شــر قتلـــة بضربـــة على الــرأس بفــأس حطــاب , هــذا السلـــوك المتوحــش لاينحصــر بستــالين فقــط كمــا يخــبرنا تــأريخ الأحــزاب الديكتاتــورية , بــل هــو أسلــوب مُتبــع عنــد أي شخــص تنطبــق عليــه صفــات القــائـد وفــق نظـــرة تـــلك الأحــزاب . إذن فـصــدام لــم يكـن إلا صنيعـــة فكــر ديكتاتــوري وليـــس صــانـع لـــذلك الفكـــر , ومن هنــا فـــلا مجــال لربــط أســم ذلك الحــزب بصــدام , ولا مجــال للقــول بــأن تعــبير ( البعــث الصــدامي ) قــد أتــى مـن تطبيــق صــدام حسـيـن لفكــر البعــث , لأن الــرجـل لــم يطبـــق ولــم يجــدد فــي أفكــار حــزب البعــث , وإنمــا سلـــك سلوكـــا خاصـــا بـــه هــو نفســــه , وبــين الأمــرين إختـــلاف كــبير وواســع . إن من الأصــوب أن نقــول – صــداميـين أو صــداميــون – على مـن يتخــذ أسلــوب صــدام حســيـن سلوكــا لــه بـــدل أن نطلــق عليـــه تسميـــة – بعثــي صــدامي - وهــذا من شــأنـه التفــريـق بــين حــامـل فكـــر البعــث وبــين منتهجــا لسلــوك أضــر كــثيرا بهــذا الفكــر , مهمــا كــان رأينــا بهــذا الفكـــر ومقــدار ما قــدمه ســواءا للأمــة أو للعــراق بصــورة خاصــة . أن التسميــات التــي تلصــق بالأشخــاص الــذين يبرزون فــي مـراحـل معينــة من التــأريخ نــابـع من الطبيعــة البشــريــة الغــير ســوية ومن مســتوى الثقافـــة الذاتيـــة والــدافــع الشخصــي , وهــذه التسميــات وما يصاحبهــا من سلــوك مصــيرها دومــا الإنحســار ثــم الــزوال , ولا داعـــي للتخــوف منهـــا , لأن تــأثـيرها وقتــي لايــدوم , كمــا حصــل مـع الناصــرية فــي مصــر والستــالينيـة في الأتحــاد السوفييتـي وجماعــة ماركـوس في الفلــيبين وتشـي جيفــارا في أمريكــا اللاتينيـــة وغــيرهـم , لأنهــم لايحملــون فكــرا خاصــا يقــودهـم وإنمـــا يســيرون خلــف أســم صــار ميتـــا ً بــين عــالم الأحيــاء وكأنــه مـوجــود بينهــم , وكلمـــا أبتعــد الخــط الزمنــي عـن لحظــة مــوت المُسمــى قـــل التـأثـير وزال المــؤثـر , خاصــة بعــد أن ينتهــي الجيــل الأول الــذي صــاحب وتأثــر بالمُسمــى . ويمكننـــا القــول بــأن الصــدامـيين يركلــون ويرفســون حظهــم العـاثــر أكــثر مما يسعـــون الى تحقيـــق هــدف راســخ فـي المجتمــع . إن الفــرق واضــح بــين قـــادة قيــــادة قطــر العــراق لحــزب البعــث قبــل الســادس عشــر من تمــوز عــام 1978 وقــادتهــا بعــد هــذا التــأريخ , فالسـابقــين كــانـوا بعثييـون يحملــون فكــرة البعــث بحــق أمــا اللاحقــون فهــم صــدامــيين لايحملــون من فكــر البعــث شيئــــا , إذ كــانت الصفــة الغالبـــة عليهــم هــي الإنقيــاد الكلــي لآراء وأوامــر صـــدام حســيـن حتــى وإن كــانـت مخالفــة لمــا جــاءت بــه أفكــار البعـــث , ومــا التــأييد الــذي أصــدرتـه القيادتيــين القوميــة والقطــرية لإحتـــلال دولــة الكــويت عــام 1990 إلا نمــوذجا لـــذلك . والحقيقــة فــإن القيــادة القوميــة التي أتخــذت من العــراق مقــرا لهـــا - بعــد الإنشقــاق الــذي حصــل بــين قيــاديـي حــزب البعــث والــذي أدى الى بــروز قيادتــين قوميــتين متناحــرتين أحــدها فـي دمشــق والأخــرى فـي بغــداد - وقيــادة قطــر العــراق كــانت قــد حضيــت برجــال وطنــيين أكفـــاء لــم يرتضــوا بالعنــف سبيــلا لتحقيــق أهــداف البعــث أمثــال عبــدالخــالق السامــرائي ومرتضــى سعيــد عبــد الباقــي وغــيرهـم ممـا حـــدا بصــدام الــى حشـــر أسمــاءهـم فـي مــؤامـرة وهميـــة ثــم القضــاء عليهــم ليخلــوا لــه الجـــو , كمـا أن سلوكهــم وإيمانهــم الــذي كــان سلميـــا محضــا فــي حــزب يـؤمــن بالعنــف الثــوري سبيــلا جعـــل من غــير الممكــن لهـــم الإستمــرار والصمــود أمــام مجموعــة لاتــؤمن إلا بإستخــدام الســلاح ( في تنقيــة الحــزب ) كمـا كـانوا يقولــون بالــرغـم من الشعبيــة التي كــان يحضــون بهــا - السامرائــي وأمثــاله - بــين صفــوف تنظيمــات البعــث المختلفــــة . لقــد لخــص صــالح مهــدي عمــاش وهــو أحــد قيـاديـــي البعــث ومن المجمــوعة التــي تــؤمن بالعنــف هــذه السياســة ببـيـت من الشعــر الفصيــح أصبـــح شعــارا للبعــث فيمــا بعـــد جــاء فيـــه :بعــث تشيـــده الجمــاجـم والــدم تتهــدم الدنيـــا ولا يتهـــدم وبــرأيي المتــواضع فــإن هــذا البيـــت من الشعــر يجســـد واقــع وحقيقـــة البعــث فكــــرا ومنهجـــا , نظــرية وتطبيقـــا , فالبعـــث قــائـم على ممارســـة سياســة التصفيــة , ســواءا بـين صفوفــه أو مـع خصومــه السياسـيين , وإن كــان قــد أعلــن بعــد محاولــة إغتيــال الشهيـــد عبــدالكــريم قــاسـم عــام 1959 بــأن قيــادة البعــث تعــارض سياســة الإغتيــالات السياسيــة إلا أن ذلك لــم يكـن مانعـــا في الممارســات اللاحقـــة . وللحــديث تكملـــة .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha