المقالات

أفكار عن الحج في الشريعة الاسلامية

1420 14:33:00 2007-06-09

( بقلم : نبيل الكرخي )

يحاول بعض أعداء الاسلام أن يشوهوا الشريعة الاسلامية عبر إدعاءات فارغة بمخالفة الاسلام وشريعته العالمية للعقل، وان في الاسلام طقوس عبادية غير معقولة ! وقد أعتمدوا على عقولهم المقصرّة في الطعن فيه، وقد قرأت آخر الأمر نصاً لشخص يبدو من كلامه انه من المرتدين عن الإسلام، وهو من اصول سنية وجنسيته سوريّة. قال هذا الشخص ، وأسمه نبيل فياض ، ما نصّه: [(كيف يمكن لعاقل أن يفهم ، على سبيل المثال لا الحصر، ظاهرة الحج منطقيّاً، خاصّة رمي الحصى على إبليس [ ديابولوس اليوناني ] أو الطوفان حول كتلة الحجارة المسماة بالكعبة أو تقبيل الحجر الأسود الذي يقتنعون أنه من الجنّة؟ أول خطوة في اتجاه العقل ستكون المسمار الأول في النعش الإسلامي)] ، ولكي نجيب عن إشكاله يجب اولاً أن نحدد مصدر الاشكال وأساسه، عبر الأسئلة التالية :أولاً. هل إنَّ صاحب الاشكال مؤمن بالله سبحانه سواء كان مسلماً ام يهودياً أم مسيحياً ام صابئياً، أم أي ديانة توحيدية اخرى ! أم انه ملحد ؟ ثانياً. هل يجب فهم العبادة من أجل تطبيقها ؟ أم أن الطبيعة البشرية قائمة على إطاعة القوانين حتى لو جهلنا غاياتها وأسبابها.ثالثاً. هل إنَّ وجود طقوس معينة في أي ديانة تعني منافاة العقل ؟ وهل أنَّ هناك طقوس منطقية وأخرى غير منطقية ؟

بالنسبة للسؤال الاول نجد أن التفكير المنطقي يقودنا لمناقشة وجود الخالق جلَّ وعلا إذا كان الطرف المقابل غير مؤمن بوجوده، إذ كيف نتناقش حول شريعة صادرة من الخالق سبحانه وهو لا يعترف بوجوده أصلاً ! وبعد ان نتفق على وجود الخالق جلَّ وعلا فحينئذٍ ننتقل للحوار حول الطقوس العبادية.وبالنسبة للسؤال الثاني فإننا نجزم بأن أفضل النظم الانسانية هي تلك التي يلتزم بها الانسان التزاماً صارماً، ومثال ذلك كل القوانين التي يقوم عليها حفظ النظام العام، كقوانين المرور وغيرها.أتذكر ذات مرة في فيينا سنة 1982م بينما كنت وعائلتي نتنزه في شوارعها بعد شروق الشمس، وإذا بشخصين واقفين ينتظران أن تفتح الاشارة الخضراء لعبور الشارع من قبل المارّة مع ان الشارع كان خالياً ولا يوجد فيه أي سيارة تماماً، ومع ذلك فقد بقي الشخصان واقفين حتى انفتحت الاشارة الخضراء فعبرا الشارع، واجزم أن العشرات من هذه الحوادث تحدث يومياً، ومع ذلك فلا يتجرّأ أحد أن يقول بأنه من غير المنطقي أن يبقى ذلك الشخص واقفاً مع خلو الشارع من اي سيارة. نعم الالتزام بالقوانين أمر ممدوح سواء كان الالتزام بها يبدو منطقياً أم غير منطقي. هذا بالنسبة للقوانين الانسانية، فكيف سيكون الامر بالنسبة للقوانين الإلهية. لا بد أن الالتزام بها هو أمر أشد أهمية وأكثر ممدوحية ومطلوبية. وفي الكثير من القوانين البشرية لا يتطلب الالتزام بها فهمها، ما دامت هناك ثقة بين الناس بأن ذلك القانون إنما وضعه البشر من أجل المصلحة العامة، فمثلاً في بعض الطرق تحدد سرعة السيارات بـ (60)كم/ساعة وفي بعضها (100)كم/ساعة ، وبصورة معتادة يلتزم السائق بالسرعة المحددة دون أن يسأل عن سبب هذا التحديد في الشارع المعين، وكذلك دون أن يتسائل عن سبب الاختلاف في السرعة بين شارع وآخر ومنطقة وأخرى. والامر أشد وأكثر توكيداً في القوانين الإلهية، لاسيما والانسان يعتقد جازماً ويقيناً بأن القوانين والطقوس المأمور بها من قبل الخالق جلَّ وعلا هي من أجل مصلحته سواء في الدنيا أو في الآخرة. ولا يسأل المسلم نفسه عن فائدة أداء العبادة بالتفاصيل الدقيقة والصغيرة لأنه يعلم يقيناً ان الحكيم سبحانه الذي أحسن خلق هذا الكون العجيب لا تغرب عن أوامره الحكمة سواء علمنا تلك الحكمة أم لم نعلمها، وسواء كان لدى العقل البشري القابلية على فهم المغزى والحكمة من تفاصيل تلك العبادات والطقوس أم لم تكن لديه قابلية على ذلك. بل أن سؤال المسلم لنفسه عن المغزى من تلك التفاصيل وهو يعلم ان من أمر بها هو الخالق العالم الحكيم سبحانه يصبح سؤالاً بعيداً عن المنطق والتفكير السليم.

وبالنسبة للسؤال الثالث ، فهل يمكن أن نتصور وجود دين بلا عبادات أو طقوس ! هل هناك دين واحد في الكرة الارضية سواء كان من الديانات التوحيدية أو الديانات الوضعية وهي خالية من الطقوس والعبادات ؟! فما دام الجواب بالنفي وانه لا يمكن تصور دين بلا طقوس وعبادات، فلماذا نفترض بأن الطقوس يجب أن تكون مفهومة ومبررة لنا، هل يفترض بالاله أن يبرر لعبيده سبب تشريعه الطقس المعين لهم ؟ ومن هو الذي يلزم الإله بذكر التبرير مع كل طقس يشرّعه ؟! وهل من المنطقي ان يلزم المخلوقُ الخالقَ بأداء فعل معين ؟!! وما دام من غير المنطقي ان بلزم المخلوقُ الخالقَ بذكر التبرير لأداء طقس معين فإذن علينا أن نطيع ونؤدي الطقوس التي يشرعها الله سبحانه بدون اعتراض أو بحث عن الاسباب والغايات. (( وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من امرهم )).

فالعقل الانساني لا يتعارض مع أداء العبادات والطقوس الدينية مع أن أسبابها مجهولة لنا. ومن لا يقبل كلامنا هذا عليه أن ياتي هو بدين فيه طقوس ذات أسباب ودوافع مفهومة لا تحتاج لتأويل أو استنتاج !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2007-06-11
لقد اجدت ايها الاخ النبيل نبيل ولكن هذا الشخص وامثاله كثير لاأمل في اصلاحهم فهم كمن يأخذ من تحتهِ ليضعه في جوفه، وقد سمعنا ونسمع عنهم كل يوم العجائب، فلا تستغرب اذا سمعت احدهم يقول لماذا ننام في الليل وليس النهار؟ او لماذا نعيش على الارض دون المريخ؟ او ربما يقول لك بانه يريد ان يلبس حذائه في رأسه ليخالف الناس!!،ولا تتفاجأ اذا ما فعلها.
سعد البغدادي
2007-06-10
تحياتي الخالصة الى اخي المبدع الكاتب المؤمن نبيل الكرخي اسال الله ان يحفظه اخوك سعد
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك